سام برس
اعتبر نائب رئيس الوزراء وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور أحمد عبيد بن دغر احتفال الحراك الجنوبي السلمي في العاصمة صنعاء مساء أمس بالذكرى السابعة لتأسيسه تحولاً حقيقياً في مسار الأزمة، في جانبها الوحدوي.

وقال بن دغر في كلمته التي ألقاها في الاحتفال بهذه المناسبة " لقد اخترتم أيها الزملاء الأفاضل المكان والزمان المناسبين لهذه الفعالية.. أما المكان فهو عاصمة دولة الوحدة صنعاء رمز الهوية، ومطمع الرجاء.. وأما الزمان فإنه زمان الوفاق، زمان التصالح، والحوار الوطني. ومخرجاته الهامة .. حيث حمّلت الأقـــــدار عبء هذه المرحلة المناضل الكبير الرئيس عبد ربه منصور هادي المسؤولية في ظروف تتسم بقدر كبير من التعقيد، وتنبئ بمخاطر عديدة، ونعول كثيراً على حكمته، وطول صبره، وصلابة مواقفه الوطنية في التغلب عليها".

واعتبر نائب رئيس الوزراء إقامة هذا الاحتفال في صنعاء تحولاً حقيقياً في مسار الأزمة، في جانبها الوحدوي.. وقال :" اليوم يقول الجنوب كلمة قوية مدوية، نعم للوحدة، نعم لمخرجات الحوار الوطني.. نعم لإنصاف الجنوب ورأب الصدع بين الأهل في اليمن الواحد الموحد".. مشيرا إلى أبناء الجنوب كانوا الطليعة في النضال من أجل الحرية والعدالة، ومازالوا مناضلين من أجل التقدم والوحدة.

واردف قائلا :" لقد جربنا الكثير من الأطروحات السياسية، ومارسنا عديداً من التوجهات الوطنية في العقود الخمسة الماضية، والآن نستطيع أن نقول إن خيار الوحدة القائم على العدالة، واحترام الآخر، والتعويض عن الضرر والاعتراف بالخصوصية قد غدى الاتجاه العقلاني الأكثر قبولاً، والأكثر موضوعية. والأكثر تقدمية، فلا تقدم بدون وحدة، ولا مستقبل إذا ضاعت الوحدة، ولا وحدة بدون الجنوب، ولا معنى للجنوب إلا في ظل الوحدة، هدفنا الوطني وغايتنا القومية".

واستطرد الدكتور بن دغر قائلا :" إن الوحدة التي نعيد صياغة مفاهيمها، ونقوم بترتيب أولوياتها قد حملت اليوم مفهوماً جديداً مغايراً بعد مؤتمر الحوار الوطني، كون القضية الأكثر جوهرية في هذه المسألة، هي في اختيار شكل الدولة المدنية الحديثة العادلة التي نبتغيها، وقد تعاقدنا وتوافقنا على أن شكلها اتحادي من ستة أقاليم تمثل خلاصة تجربتنا الوطنية في البقاء، والتقدم، دولة تحافظ على حرية الأفراد والمجتمع، وتشكل أساساً لمستقبل واعد ومعطاء تضمن الوحدة، وتعترف بالتنوع، ترفع الظلم، وتجبر الضرر".

ومضى قائلا :" لقد عانى الجنوب كثيراً من اختلال التوازن في العلاقة بين الإخوة، وقد أدرك الشمال بذات الوقت حجم ما ارتكب من أخطاء خلال العقدين الماضيين، وقد حان الوقت لرأب الصدع، وإعادة الأمور إلى طبيعتها التي تحترم الحق في العيش المشترك تحت سقف متفق عليه من العدالة والمساواة". مؤكدا أن هذا الأمر لا يتحقق إلا بالالتزام التام بمخرجات الحوار الوطني، والاعتراف بأن الدولة المركزية التي أقمناها في 1990م لم تعد قادرة على الصمود، و على الحفاظ على وحدة البلاد، ووحدة المجتمع ".

وأوضح نائب رئيس الوزراء أن الأمر العاجل والملح هنا هو ما تقوم به اللجنة الدستورية..وقال :" ندرك أن كافة القوى الوطنية المحبة لليمن، والمخلصة لأبنائه تنتظر بفارغ الصبر ظهور وإعلان الدستور الاتحادي الجديد، للدولة الاتحادية الجديدة، الذي تحافظ على الوطن موحداً، والمجتمع متماسكاً، دستور يُعيد الألفة للهوية الوطنية اليمنية الواحدة التي تعرضت للكثير من التشويه خلال السنوات الماضية من جانب، والأفعال المضادة والتي كادت أن تطيح بوحدة الوطن من جانب آخر".

وخاطب بن دغر المشاركين من أبناء الجنوب في هذا الاحتفال قائلا :"إن وجودكم اليوم في صنعاء هو تعبير آخر عن الإرادة الوطنية المشتركة لكل اليمنيين، وهو بذات الوقت تعبير عن الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه القيادة، وإعلان تقدم جديد في الوفاق الوطني، وخطوة أخرى في السير نحو إزالة آثار الماضي، وتجاوز الأزمة".

وشدد أن هناك مسؤولية وطنية أمام هذا الجمع الغفير من المناضلين الذين أسهموا في نجاح ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وكانوا زاداً ووقوداً لوحدة مايو العظيمة.

واردف قائلا :" إن هذه المسؤولية هي في الدعوة الصريحة لمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداً، مصالحة تجب ما قبلها، مصالحة ترفع من شأن المسامحة، وطي صفحة الماضي الانقسامي التناحري الذي ساد علاقتنا وطغى على سلوكنا".. مبينا أن المصالحة الوطنية التي ننشدها جميعاً تبدأ بالاعتراف بالأخر في الحياة، وفي المشاركة السياسية، وإدارة الشأن العام، بما في ذلك إدارة السلطة والثروة، وتوزيعها توزيعاً عادلاً يحقق الرضاء، ويقوي أواصر الإخوة والوحدة الوطنية.

ومضى نائب رئيس الوزراء قائلا:" لقد أثبتت الأيام الماضية أن أحداً بمفرده لا يمكنه قيادة اليمن، وصناعة حاضره ومستقبله، إن مثل هذا الافتراض قد سقط في ظل واقع مرير، وفي خضم المعارك الجانبية التي خضناها ضد بعضنا البعض، خسرنا فيها المزيد من الأرواح، والكثير من الإمكانيات والموارد حتى شارفنا للأسف الشديد على السقوط، وشارفت الدولة على الانهيار، و فقدنا أمننا، واستقرارنا، وتعرضت مصالحنا وحقوقنا وحقوق أبناءنا للخطر".

وأردف :" ليس فقط بسبب الأزمة المالية التي تعصف باقتصادنا كما يعتقد البعض بل بسبب الصراع، والحروب، والخروج على الدولة", موضحا أن الأزمة الاقتصادية ليست سوى الناتج الموضوعي لحالة التناحر والقتال الأهلي، وازدياد أعمال العنف والإرهاب التي طالت مناطق واسعة من بلادنا، وقوضت السلم الاجتماعي وحولت أماننا خوفاً، وأمننا رعباً.

واستدرك قائلا :" إننا إزاء وضع خطير فإما أن نبادر إلى لملمة عناصره، وتحييد قوى الشر فيه، وهذا لن يتم إلا بمصالحة وطنية شاملة، وإما أن نفقد القدرة على ضبط إيقاع الحياة في بلادنا فنسلمها للمجهول".. منبها في ذات الوقت ان صيحات الانتقام، والثأر، والنيل من الآخر يرافقها وينتج عنها المزيد من الدماء، والتشرذم، وصعود خطر الانقسام ليس إلى جنوب وشمال، بل إلى أكثر من جنوب، وأكثر من شمال.

وحذر الدكتور بن دغر من أي مخاطر من شأنها تعريض الثورة، والجمهورية، والوحدة لاحتمالات الفشل كون ذلك سيعد أسوأ ما أنتجته التجربة الوطنية في تاريخنا كله، قديمة وحديثه، وأسوأ ما مضت إليه القوى السياسية، ونخب المجتمع، وشبابه ورجاله ونسائه.

واردف قائلا:" إنني أخشى أن نوصم حينها جميعاً بالتخلف السياسي حيث لم ندرك حجم المخاطر المحدقة ببلادنا، وحجم الانهيار المتوقع لإنجازاتنا التي تحققت بتضحيات الأبطال من رجالنا خلال العقود الماضية".

وتابع :" لهذا وجب علينا أن نسارع إلى لم الشمل، ونسيان الماضي، والسمو فوق خصوصياتنا المذهبية، والمناطقة، والسياسية، التي غلبناها على كل ما هو وطني، وللأسف مرة أخرى لم يتبق لنا إلى القليل القليل من الوقت".

وشدد أنه ليس هناك من معنى عن مصالحة وطنية شاملة دون الحديث عن مصلحة وطنية حقيقية في الجنوب على قاعدة المصالح الوطنية العليا، الجمهورية، والوحدة، والديمقراطية، وأمن البلاد واستقرارها والتي تجسدت في مخرجات الحوار الوطني. . مبينا أن أمام الجميع مهمات معقدة.

واستدرك قائلا:" ولعلي أرى بوادر الخير والآلفة والمحبة على بعد مرمى حجر تبدأ من الجنوب، وتفيض شمالاً، وتغمرنا شرقاً، وغرباً في كل أرجاء الوطن".

كما القيت خلال الاحتفال عدد من الكلمات من قبل وزير حقوق الإنسان حورية مشهور و رئيس فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني خالد باراس وعضو مجلس النواب ـ عضو مؤتمر الحوار عوض بن محمد العولقي. . أشادت جميعها بالنضال السلمي الجنوبي الذي كان له الدور البارز لكشف المعاناة والمظالم التي عاناها أبناء الجنوب خلال العقدين ونيف الماضية .. منوهين بالمخرجات التي توج بها الحوار الوطني في سبيل معالجة مختلف القضايا الوطنية وفي المقدمة القضية الجنوبية فضلا عن رسم خارطة طريق لبناء المستقبل الأفضل وتأسيس لبنات قوية للدولة اليمنية الاتحادية دولة العدالة والمساواة والنظام والقانون.

وشددوا على أهمية اصطفاف أبناء الجنوب في سبيل دعم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وانجاح العملية الانتقالية.


*سبأ

حول الموقع

سام برس