جميل مفرح
* تتوالى وتتتابع المناسبات والأعياد، ولسان حالنا داخل سياج هذا الوطن يلهج بالدعاء له ولنا تحت ظلاله، ومعظم إن لم يكن مجمل أمنياتنا تترقب بتلهف مطلق الخلاص من كل ما يمر به الوطن من عثرات، معظمها مفتعل، تقيده إلى أمسه، عثرات تترصد لخطواته البسيطة الوئيدة، لتعرقلها وتعيقها، بل وتبالغ في عدائيتها حد أن تجهض كل خطوة بسيطة يخطوها إلى الأمام، لتستبدلها بعشر خطى ناقمة إلى الوراء، ذلك الوراء الذي يبدو أن هناك من يضعه مكان العشق ويصر على التمسك به وكأن هذا الوطن لا يعني ذلك البعض، إلا في كونه محمل عداء وكراهية غير مبررة!!
* نعم ها هي مناسبة جديدة وها هو عيد جديد نتلقفه بكل ما أوتينا من تمن ونطوقه بأبهج ما تستطيع مخيلاتنا أن ترسمه من أحلام على بساطة تلك الأحلام ومنطقيتها.. فلم يعد الإنسان اليمني مؤهلاً لتطريز وتدبيج تلك الأحلام الطيفية والرؤى الإنسانية المعاصرة، لأن هذا الإنسان بفعل ما يصطليه من احتقانات وأزمات، أصبح يسير وحيداً خارج منظومات الحياة الجديدة، ولو لا تنصفه ونبضه وسيره على قدميه لصنف ضمن المخلوقات أو على الأصح الكائنات الموجودة خارج نسق الحياة، وذلك نظراً لما يمر به الوطن من احتقانات وأزمات محبطة حاكها ويمولها جملة من مشتغلي السياسة الذين صار لا يهمهم شيء خارج مصالحهم الخاصة!!
* نعم عيد جديد .. ولكن هل هو حقاً عيد سعيد كما تعارف وصفه ؟! الاحتمالات واهية جداً بأن تكون أعياد اليمنيين سعيدة شأنها شأن أعياد سواهم من البشر، والمشكلة أننا كيمنيين حين نتأمل أسباب ما يمر به الوطن من عثرات وأزمات، تنعقف في وجوهنا الآلاف من علامات الاستفهام وتستقيم آلاف أخرى من علامات التعجب!! فليس ثمة ما يستدعي كل ما نقاسيه ونعانيه من آلام وجراحات، وليس ثمة ما يمكن أن نتوقف عليه كمشكلة أو مشكلات تستحق أن يربط الوطن وأبناؤه إلى جدار الهامش، هامش الحياة، أو أن يجر من عنقه إلى دهاليز وغيبات الماضي، نعم غريب أن يبدو اليمني دون سواه من البشر مفعماً بالتلهف إلى الثبات والرجوع السلبي ، ومحاولة الهدم أكثر من البناء!!ننا اليمنيين
* عموماً.. هي مناسبة فرائحية نعم، وهي مناسبة دينية واجتماعية من علائمها المفترضة الفرحة والابتهاج، وليس أمام هذا الإنسان الكادح ابن هذا الوطن المكتوب عليه تجرع الآلام والأحزان ، ليس أمامه إلا أن يحاول ما استطاع أن يجعل من الفرحة زاداً ويعتبرها غطاءً لكل ما بداخله من مكابدات وأحزان وأوجاع وأوضاع يصعب على سواه تجرعها والصبر على مرارتها وآثارها القاتلة.. نعم نحاول أن نجعل من مناسباتنا أعياداً ومن مشاعرنا وطقوسنا أفراحاً إلى أن يأذن الله بفرحاتنا الكبرى التي ستكون واجهات وثمار انعتاق من الحزن والأسى والخوف واليأس بإذن الله تعالى.
* أخيراً.. سنقول وسنظل نقول ما يزال هناك متسع للخلاص وما تزل فرص الابتسام والفرح تطوقنا كأكاليل مئئن الأمنيات الجميلة.. وسنظل نؤمن بأن ثمة بوارق بهجة وبوادر انعتاق مما نحن والوطن فيه.. وسنظل نتبادل التهاني بيننا البين وبيننا وبين وطننا الذي وصل حبنا له درجات لم يدركها سوانا.. وإن كان منا من يخالف ذلك فهم قلة قليلة لهم حبهم ولنا حبنا، لهم دينهم ولنا ديننا، لهم أطماع ولنا طموحات..
* نعم ما تزال الأمنيات معشبة في تخيلاتنا وما تزال الأحلام أكبر من أن نتبرأ منها أو نتنازل عنها.. سنظل ننتظر ونجاهد ونصبر ونحاول الابتسام ما استطعنا.. وسيظل لسان حالنا جميعاً كل عام وأنت في خير أيها الوطن..

الثورة


حول الموقع

سام برس