بقلم/ احمد الشاوش
أخرجت الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرأة اليمنية عن طورها ووقارها وحولتها من امرأة مسالمة الى عصبية وأقرب الى وحش في زمن الفقر والجوع والبطالة وغياب أبسط الاحتياجات الضرورية للبقاء على قيد الحياة بعد ان كانت وماتزال وستظل مثالاً للامومة والتضحية ورعاية الاطفال والتدبير المنزلي.

وفي زمن العجائب والغرائب ، والدحس والدحيس ، والفحس والفحيس .. تقلبت الاوضاع واختلت القيم والموازين ولاحت في الافق اشياء يزيغ لها العقل ويشيب لها الطفل حتى أخرجت الجميع عن رشد العقل ، فلا الحاكم مرتاح البال ولا المواطن مستور الحال .

وغالباً ما تؤدي الازمات السياسية والاقتصادية الى تصدع ومآسي اجتماعية وتصرفات غريبة ومشاكل اجتماعية خطيرة تقود البلد الى الهاوية في ظل عدم الشعور بالمسؤولية ووضع الحكومة يدها على الجراح وتقديم الوصفة الحقيقية والعلاج الناجع لكل الامراض الناتجة عن الازمات ووقف نزيف الفساد والعبث والبحث في أعماق القضايا والمشاكل الانسانية.

واغرب ماسمعت في زمن البؤس والجوع والبطالة ان زوجة احد الزملاء العاطلين أثناء ماكان مستلقي على الارض في الغرفة مما قد هي مغدغده منه مرت وكأنها لم تشوفه ودسعت فوق بطنه وصاح من شدة الضغط على الكلي وما أن قال لها ..انتبهي.. دعستيني ..انتي مجنونه ولا بعقلش.. قالت بنبرة حاااادة وانتم خليتو لنا عقل .. قوم اشتحط ودور لك مهره!!

مما يؤكد ان الاوضاع الصعبة وحالة العجز وعدم الشعور بالمسؤولية حول معشر حواااااء اللطيف الى جنس خشن والرجل الى جنس ناعم .. صامت ولا كلمة في غياب المصاريف والطلبات الضرورية واحتياجات الاسرة وغلق أبواب الرزق وتراكم الايجارات والديون وقطع المساعدات الداخلية والخارجية .. وكما يقول المثل اليمني " ما تفعل الكاملة في البيت العطل".

حكى لي احد الزملاء بمراره ان زجته لديها الزر النووي وانها تستخدم موازين الرعب حيث هددته بترك البيت والاولاد الصغار .. قائلاً مازد دريت ما سوي بنصف المرتب ثالث كل شهر .. وقال كل يوم واحنا في دحس ودحيس وفحس وفحيس لوما بيسمعونا امة الله ..

وتتواصل المواقف الصاعقة وسيناريوهات الصياح والنياح ، حيث أكد اكاديمي ان زوجته جننته وفعلت في رأسه دودي .. وقال بالله عليك من أين أشتري للعيال كسوة العيد من ذلحين قبل ارتفاع الاسعار والمشكلة ان باقي للعيد اربعة شهور .. يامره انتي داريه بالبير وغطاه .. من أين اندي لك كسوة .. لا شغله ولا مشغله ..العصر عصر الاطبال .. ما سترنا ندفع ايجار البيت .. واسمع لك والمعارك الطاحنة بالصحون والاطباق الطائرة في معركة حواء وآدم الجميلة والاكثر بؤساً .

ومن عجائب الامور ان احد الزملاء شكى من زوجته الاليفة التي تحولت الى نمر خلال سنوات بعد ان ضاقت عليا الدنيا وأصبحت متقاعد وأصبح عمري كبير وقوتي ضعيفة وأولادي خريجين من الجامعات في البيوت بلا عمل ولا أمل وكأن الدبور حلي بيننا..

وتتواصل مسيرة القصص العجيبة والمؤلمة في الشارع اليمني ، حيث تحدث أحد الاصدقاء بان زوجته أصبحت مثل المحقق " كُنن" كلما طرح التلفون السيار في الغرفة فتشته واستعرضت صورة ومنشوراته ومعجبية والدردشة بعد ان تمكن منها الشك وهات ياهدار وعكننه وجنان أمام الاطفال والجيران وقال لو اني قليل عقل لخربة بيتي وتشردت اسرتي.. الله يهديها.

ويتواصل مسلسل مآسي الفقر والجوع والحراف الذي يفرق بين الزوج وزوجته واطفاله واسرته نتيجة ضغوط الحياة وتعقيداتها وشيطنة وسيناريوهات نُخبها السياسية التي لعبت بالبيضة والحجر .. حيث روى أحد الاصدقاء ان الازمة حولته الى شخص ضعيف ورجل عاجز عن القيام بأبسط مسؤولياته الزوجية والابوية رغم عنفوان شبابه ومؤهلاته وخبراته ولكنه لم يجد عمل بسبب الاوضاع الاقتصادية المتدهورة وحالة الكساد والافلاس واستغلال بعض التجار الذين أستغنوا عن الكثير من الموظفين وقبول البعض بمبالغ زهيدة جداً لا تحترم انسانية الانسان ولا قوانين العمل.

والعجيب ان امراة محترمة تقول ان زوجها يفتش تلفونها الخاص بسبب فقدان الثقة والدخول في مشاكل عائلية لا أول ولا آخر لها وكله بسبب البطالة والفراغ ومواقع التواصل الذي تحولت الى مشكلة.

وأكبر مأساة أسرية نشاهدها اليوم على ابواب النيابات والمحاكم والتقارير والاحصائيات المهولة عن حالات الطلاق والخُلع والنفقة والحضانه والغياب ، بل ان أكثر المآسي ايلاماً هو زواج البعض لمدة شهر او شهرين ومن ثم أخذ ذهب زوجته والسفر الى السعودية أو اي دولة خليجية وجعلها معلقة بدون صرفة ولا نفقة ولا هو الذي اعاد الذهب ولا هو الذي رجع والمصيبة الكبرى ان الزوجة الضحية تحمل وتخلف وتولد وتنتظر سنوات والزوج في حكم قانون خرج ولم يعد الا من رحم الله.

كل هذه القصص والمآسي الانسانية هي نتيجة طبيعية لاوضاع غير طبيعية اختلت فيها القيم والموازين وزاغة لها العقول والابصار وأشيبت لها رؤوس الاطفال وأخرجت الحاكم والمحكوم عن رشد العقل .
ومن المآسي الحقيقية والصادمة ان ثلاثة من الاخوة الموظفين بعد ان كانوا مستورين جنى عليهم الزمن واصبحوا في بيوت الايجار وبعد ان عجزوا عن دفع الايجار وتعرضوا للطرد والحبس تشتتوا بزوجاتهم واولادهم وحتى والدتهم ضحوا بها لولا بعض فاعلين الخير.

وشخص يقول ان زوجته تستقوي بأولادها بعد ان أصبحوا فتوات ومحظوظين بأعمال غير مدركة بأن الزوج هو عمود الاسرة لاسيما اذا كان رجلاً صالحاً وان العشرة والمحبة والمودة هي اساس البيت المتين.

صحيح أن المراة لديها حق في الحصول على حياة أفضل وعلى الاقل توفير المتطلبات والاحتياجات الضروية للبيت والاولاد إلا ان الازمة طحنت الجميع وان عدم انتظام صرف الرواتب الشهرية كاملة بما يليق بمستوى معيشة المواطن والازمات الاقتصادية والسياسية هي التي خلقت هذه الاوضاع السلبية واستنزفت اموال ودماء وصحة المواطن في غياب العدالة والمسؤولية.

تعددت المصائب والمشاكل الاجتماعية الناتجة عن الاوضاع في اليمن الكبير بشماله وشرقه وجنوبه وغربه حيث سقطت القيم والاخلاق وانتشر المتسولون من الاطفال وبنات في عمر الزهور ونساء في كل جولة وشارع وسوق وقهوة ومطعم ومصرف وسوبر ماركت ليكون البعض ضحية ومصيدة لبعض المنحرفين والساقطين اخلاقياً الذين يملكون السيارات والاموال والاغراءات مستغلين حالة الفقر والجوع وبراءة وحاجة اطفال وبنات متسولات أجبرتهن ظروف اسرهن القاهرة على الخروج الى عالم الذئاب المفترسة بينما لا نجد أي لفته انسانية من قبل حكومات الامر الواقع وهيئة الزكاة او رجال الاعمال لحصر وجمع ورفع المتسولين ودعمهم شهرياً حتى لا يكونوا فريسة للشواذ والمنحرفين واصحاب المخدرات والعصابات وكل طاهش وناهش .

أخيراً.. يتساءل الشارع اليمني في صنعاء وعدن ومأرب وتعز والمخاء وغير ذلك من المسؤل أمام الله وامام الشعب وامام آلاف أو ملايين الاسر التي نهشها الفقر والجوع والبطالة والبسها ثوب الخوف ..
يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته" واذا اردت ان تُطاع فأمر بما يستطاع.. نامل من حكومات اليمن الممزق والمقسم والمشطر تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية والقانونية والانسانية للخروج من الهاوية وما ادراك ماهية نار حامية ..
[email protected]

حول الموقع

سام برس