سام برس
أصدر مركز الزيتونة تقديره الاستراتيجي 142 تحت عنوان : "التعامل الفلسطيني مع خطة ترامب وقرار مجلس الأمن الدولي بشأن مستقبل غزة" وهو من إعداد الأستاذ ماجد أبو دياك، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي.
يسلط التقدير الضوء على كيفية تعامل الفلسطينيين مع خطة الرئيس الأمريكي ترامب وقرار مجلس الأمن 2803 الخاص بمستقبل غزة، والذي أُقرّ بضغطٍ أمريكي لوقف الحرب وإنهاء تداعياتها الإقليمية، مع السعي لإعادة دمج "إسرائيل" دولياً.
ورأى التقدير أنّ قرار مجلس الأمن باعتماد خطة ترامب لوقف النار في قطاع غزة جاء تتويجاً لتحرّك بدأه ترامب مع فشل الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الوفد المفاوض في قطر في 9/9/2025، وهي النقطة التي أوصلته إلى قناعة تامّة بضرورة التحرّك للجم الانفلات الإسرائيلي الذي قد يضرّ بخططه المستقبليّة في المنطقة والعالم، وأنه سعى من خلال هذا التحرّك إلى محاولة إنقاذ "إسرائيل" من عزلتها الدولية بسبب استمرار حملة الإبادة على غزة، كما سعى لإخراجها من حالة المنبوذيّة التي ارتبطت بلجوء جيشها لاستهداف المدنيين والبنية المدنية في غزة بسبب فشله الذريع في إخضاع المقاومة وتحرير أسراه بالقوة.
وأشار التقدير أنه على الرغم من أنّ القرار أوقف حرب الإبادة، غير أنّ هذه الخطة تعاملت مع المقاومة في قطاع غزة بروح أنّها خسرت الحرب، لأنّ غزة أصحبت منطقة منكوبة تحتاج لإعادة إعمار دوليّة، وأنه لا بد للفلسطينيين بالتالي من تقديم التنازلات.
كما أشار إلى أن القرار ينطوي على مخاطر كبيرة أبرزها فرض وصاية دوليّة على قطاع غزة، عبر "مجلس سلام" وقوة عسكريّة دوليّة، ومحاولات نزع سلاح المقاومة، وربط إعادة الإعمار بشروط سياسية وأمنية؛ وإخضاع القطاع للهيمنة والابتزاز الإسرائيلي، كما يفصله عن الضفة الغربية.
ولفت التقدير الانتباه لكون القرار قد جاء في سياق أشمل، وهو حاجة الإدارة الأمريكية إلى إغلاق دائرة الصراع في غزة لصالح استعادة "اتفاقات أبراهام" التي بدأها ترامب في ولايته الأولى، ما سيؤدي في حال نجاحه إلى دمج "إسرائيل" في المنطقة، وإلى تفرّغ الرئيس الأمريكي لمواجهة الصعود اللافت للصين، إضافة إلى إعطاء دفعة لوقف الحرب الروسيّة الأوكرانيّة.
كما أشار التقدير إلى تساوق التحرك الأمريكي مع نظرة ترامب لنفسه بأنّه صانع "سلام" يستحق أن ينال جائزة نوبل قبل أن ينهي دورته الثانية في الحكم، ولذلك تضمّنت خطّته في بندها الأول إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين.
ورأى التقدير أن الخطة واعتماد مجلس الأمن لها عكس حالة العجز والضعف العربي والإسلامي التي أدّت إلى إحباط إمكانية استخدام روسيا حقّ النقض (الفيتو) ضدّها، وذلك حينما دعمت 8 دول عربية وإسلامية الخطة، ما أدّى إلى تمريرها في مجلس الأمن واكتفاء روسيا والصين بالامتناع عن التصويت عليها، فضلاً عن أنّ دولاً مثل مصر وقطر وتركيا ما تزال تضع ملاحظات على الخطة، تتعلّق بصلاحيات "مجلس السلام"، والقوّة الدوليّة، وقضيّة نزع سلاح المقاومة.
وفيما أبدت المقاومة، وعلى رأسها حماس، قبولاً مبدئيّاً بوقف النار، مع رفض الوصاية ونزع السلاح، رحبت السلطة الفلسطينية بالخطة دون انتقاد واضح لمخاطرها، مع سعيها لتولي حكم القطاع.
وقد ناقش التقدير أربعة سيناريوهات للتعامل الإسرائيلي، ورأى أنّ السيناريوهين الأقرب هما سيناريو محاولة شرعنة الاحتلال وتحويل الحالة الانتقالية إلى حالة دائمة، وسيناريو الانفراج الجزئي من خلال الانسحاب الإسرائيلي غير الكامل وتخفيف الحصار، مع استمرار عناصر الابتزاز السياسي والأمني.
كما ناقش التقدير ثلاثة احتمالات للتعامل الفلسطيني أولاها أن تتحقق وحدة فلسطينية تتمكن من فرض شروطها وتصوراتها على الخطة بما يتناسب مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وثانيها تماهي سلطة رام الله جزئياً مع الخطة بحيث تُقدّم نفسها بديلاً متعاوناً مع البيئة العربية والدولية يحل مكان المقاومة في إدارة القطاع، وثالثها تحقيق شراكة وطنية حقيقية وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني. غير أنّ التقدير مال إلى ترجيح وقوع الاحتمال الثاني باعتباره أكثر واقعية في المدى القريب وإن كان أكثر ضرراً.
وأوصى التقدير بتوحيد الموقف الفلسطيني، والتعامل المرن مع الخطة لتقليل أضرارها، ومراعاة المصالح العليا للشعب الفلسطيني، مع التمسك بوحدة الأرض وحقّ المقاومة وحماية المدنيين. كما دعا إلى تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس ومواجهة خطط المصادرة والتهويد، والعمل على تعزيز الموقف العربي والإسلامي المناهض لذلك.

حول الموقع

سام برس