د. عبده البحش
لا ادري ما الذي جرى لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو الحزب الحصيف صاحب التاريخ السياسي المتجذر في الحياة السياسية اليمنية، وصاحب التجارب والخبرات الواسعة في قيادة الدولة من خلال مشاركته في تشكيلات الحكومات اليمنية لمرات عديدة، سواء في زمن ما بعد تحقيق الوحدة اليمنية أو الفترة التي مضت قبل تحقيق الوحدة، حيث كان من المفترض أن تكسب الحزب تلك التجارب خبرات سياسية تمكنه من كسب ثقة الجمهور اليمني وتعزز من قوة الحزب بما يجعله يتجاوز صعوبات وتحديات المرحلة الحرجة.

إن واقع الحال مع الأسف الشديد، يعكس حالة من التخبط لدى صانعي القرار السياسي في حزب الإصلاح، الذي وصل إلى الحكم عقب ثورة 2011م، حيث كرس الوزراء التابعين للإصلاح والمحسوبين عليه جهودهم، لنهب المال العام وتوظيف اكبر عدد من عناصر الحزب في الجهاز المدني والعسكري للدولة، كما مارس الحزب عمليات إقصاء وتهميش للموظفين الذين لا ينتمون لحزب الإصلاح، وهو ما أدى إلى تدهور الاقتصاد الوطني وغلاء الحياة المعيشية، وهذا بدوره ولد حالة من السخط والتذمر من أداء الحزب في الأوساط الشعبية اليمنية.

لم يدرك الإصلاح تنامي السخط الشعبي في أوساط الجماهير بسبب اهتمامه بكيفية الاستيلاء على المال العام، فسول الشيطان لقيادة حزب الإصلاح بفرض جرعة سعرية جديدة مجحفة وظالمة وقاتلة لشعب يعاني الفقر والجوع والحرمان، وهنا حلت الكارثة على الإصلاح بسبب ذلك القرار الغير محسوب، حيث تولدت حالة من السخط الشعبي والكراهية الشديدة في نفوس اليمنيين ضد الإصلاح كونه وضع نفسه موضع الحزب المدافع عن الجرعة والفساد وغيرها من السياسات الخاطئة، مما أدى إلى أن ثار الشعب على الإصلاح ثورة عارمة أدت إلى سقوط رموز الإصلاح وطردهم من صنعاء وهم في نفس الوقت رموز الفساد والطغيان في البلاد، وبهذا خسر الإصلاح رموزه الأقوياء.

ومع أن الدرس كان قاسيا ومريرا، إلا أن حزب الإصلاح لم يستلهم الدرس ويغير من سياسته بالتقرب للشعب والعودة إلى صفوف الجماهير وترك السلطة في مرحلة معقدة وخاسرة لعله يستعيد مكانته بين الجماهير ويحسن سمعته السياسية المخدوشة بتهم الفساد والإقصاء والتسبب في معاناة الشعب اليمني، لكن الذي حدث مع الأسف شيئا مخيبا للآمال ومحيرا للعقول، حيث تمسك الإصلاح بالسلطة وسعى بكل قوته ليكون الأكثر حضورا في اغلب وزاراتها، وهو ما ولد ردة فعل شعبية وحزبية من غالبية القوى السياسية اليمنية تجاه الإصلاح وتجاه الحكومة الجديدة، مما أدى إلى موجة استقالات وانسحابات واسعة من الحكومة، ومطالبة بتعديلها قبل ان تمارس عملها، مما يعني أنها ولدت ميتة، وبهذا خسر الإصلاح من جديد سمعته السياسية بعد خسارته الكبيرة يوم 21 سبتمبر، وهو ما يعني أن الإصلاح تلقى صفعتين في غضون شهرين، وهذا ما سيجعله يحتاج إلى وقت طويل كي يستعيد عافيته وقوته التي كان عليها قبل الانهيار.

حول الموقع

سام برس