بقلم / عباس السيد
بعد ثلاث سنوات من أدائه اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية, فاجأنا الرئيس السابق "عبدربه منصور هادي" في خطاب ألقاه في الـ 17 من يناير الماضي بأنه "لم يتسلَّم سوى العَلَم", الاعتراف المرير والخطير كان حافز الإثارة الكثير من الأسئلة لدى الشعب : مَنَ الذي كان يحكمنا طوال الثلاث سنوات؟ مَنَ الذي كان يقود الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلاد؟ وَمَن...؟ وَمَن...؟ وَمَن...؟

قبل اعتراف الرئيس هادي بأشهر, قال رئيس الوزراء الأسبق محمد سالم باسندوة في استقالته المؤرَّخة بتاريخ 21 سبتمبر 2014م "أنه وحكومته لم يكونوا يعلمون أي شيء عن الأوضاع العسكرية والأمنية ولا عن علاقة بلادنا بالدول الخارجية".

باسندوة شكا في استقالته - بمرارة أيضاً - من تفرُّد رئيس الجمهورية وعدم إشراكه وحكومته في اتخاذ القرار الذي لم يكن يملكه الرئيس- كما اعترف في خطابه - .
رئيس الجمهورية يقول أنه لم يتسلَّم سوى العَلَم, ورئيس الوزراء يعترف بعد عامين وتسعة أشهر بأنه لا يعلم هو وحكومته أي شيء عمّا يجري في البلاد!!
إِذَاً, من الذي كان يحكم الجمهورية اليمنية خلال السنوات الثلاث الماضية؟ ومَنَ الذي كان يرسم ملامح المستقبل ويؤسس له خلال المرحلة الانتقالية؟!
ذلك هو الوضع السائد خلال الفترة الماضية, فهل هو وضع سوي أو طبيعي؟ ألا يستحق مثل هذا الوضع التصحيح؟ وهل يمكن لنا أن نصف عملية تصحيح تلك الأوضاع بأنها انقلاب؟!
البعض يصفون الإعلان الدستوري الذي صدر في القصر الجمهوري بأنه انقلاب, ويتمادى آخرون ويصفونه بانقلاب كامل الأركان, ولنسأل هؤلاء :
انقلاب على مَن؟ على السلطة الفارغة؟ على سلطة الجن؟
نعم, قد نسمِّي ما حدث انقلاباً, و لكنه انقلاب على "الجن" الذين كانوا يتحكمون بالسلطة وليس على سلطة لا تعلم شيئاً ممَّا يجري.
في مثل هذه الأوضاع، يصبح التوقف عند هوية الجماعة أو التيار الذي حمل على عاتقه مسؤولية التصحيح, مضيعةً للوقت ووقوفاً مع سلطة الجن وانحيازاً للفراغ والمجهول.

يكفي أن نعرف أن مَن ثاروا على "الجن" هم إنس مثلنا, يمنيون ينتمون إلى هذا الوطن, وعلينا أن لا نسرف في التأويل والتخوين والتشكيك, لقد دعوا الجميع إلى شراكة, والعمل على تحقيق مصالح الشعب, ووعدوا بحماية الحقوق والحريات وتنفيذ استحقاقات المرحلة الانتقالية وسيكون بإمكاننا الخروج عليهم ومحاسبتهم, لأنهم بشر مثلنا وليسوا من "الجن", ولأنهم ينتمون إلى هذا الوطن الكبير وينتشرون في مدنه وقراه ولم يهبطوا إليه من السماء, ولن يكون بإمكانهم التذرُّع بأنهم لم يتسلَّموا سوى العَلَم أو أنهم كانوا سلطةً لا تعرف شيئاً ممَّا يجري.
نقلا عن صحيفة الثورة
aassayed@gmail.com

حول الموقع

سام برس