بقلم/ احمد الشاوش
غابت الأقلام الوطنية الشريفة ، وحضرت الأقلام الرخيصة والصحف الصفراء التي تستقي حبرها من مستنقعات السياسة الآسنة والأفكار المسرطنة والثقافات المنحرفة ، وحن القارئ الى الأقلام المتزنة والاحرف المضيئة والكلمات النابضة لكُتاب اليوميات والاعمدة والعناوين الصادقة التي توجه الرأي العام وتنتقد الاختلالات والتجاوزات وتصحح الانحرافات ، كل ذلك جعلنا نتوق الى سحر القلم الرشيق للكاتب والصحفي معاذ الخميسي ، والقلم الانيق للكاتب والصحفي المتألق حمدي دوبلة وآخرين ممن كان لهم شرف الكلمة الحرة ونبل الهدف ، الذين تركوا بصمة خاصة أحدثت صدى لدى القارئ والمجتمع ومؤسسات الدولة بمهنية عالية.

الخميسي ودوبلة ، كاتبان من الطراز الأول وصحفيان تألقا في سماء صاحبة الجلالة ، وقبل هذا وذاك يملكان منظومة من القيم السامية واخلاقيات المهنة ، كتبا الكثير من اليوميات والاعمدة والمقالات والتقارير والتحليلات الواقعية والمثيرة للجدل في صحيفة الثورة والرياضة والوحدة وغيرها من الصحف اليمنية والإقليمية بمهنية عالية بعد ان غاصا في بحار القضايا الاجتماعية وانهار القضايا الوطنية وجداول السياسة وروافد الكرة المستديرة التي روت ضمأ الجمهور المتابع ، ماعكس حضوراً كبيراً في الذاكرة اليمنية والقارئ والمثقف والسياسي واعلى هرم في السلطة ، بطرح الكثير من القضايا المثيرة للجدل ونقدها ومعالجتها بالطرق الإيجابية.

وبعيداً عن المجاملة والنفاق تميزا " دوبلة والخميسي " بالنبل والوفاء والبساطة والتواضع والانسانية ونقاء القلب ، والجمع بين العقل المتزن والفكر النير والثقافة المتدفقة والرأي المؤثر ما جعلهما جديران بالاحترام ، وفي غياب تلك الأقلام المتزنة وحضور الأقلام الموتوره ، تطرح اليوم العديد من التساؤلات في الوسط الإعلامي والصحفي ولدى القراء والسياسيين والمثقفين :

أينك يا معااااااااااذ .. أينك يااااااااا دوبلة " سؤال يطرح نفسه للبحث عن الأقلام الشريفة والأفكار النيرة والبطون النظيفة التي لم تتأثر بالأموال المشبوهة والمناصب التافهة والاتجاهات الساقطة بعد ان ضربت اليمن العواصف السياسية والزوابع الفكرية والمناطقية والمذهبية والنزعات الانفصالية والسلالية وغيرها من الرهانات الخارجة عن اطار العقل والمنطق والإنسانية ، وكأن لسان حال اليمنيين يخاطب الكاتبان وغيرهم لماذا كل هذا الغياب الموحش؟ .

ما بال الاقلام الوطنية المشرقة تُغادر والنجوم المضيئة تطفو وتُغيب ، ولماذا الصمت والتجاهل، وترك المجال للأقلام الرخيصة والاصوات الناعقة والمرتعشة التي تقتات من فضلات المعاقين..

مازلنا وسنظل نتساءل ، لماذا الغياب والتغييب والتواري والهروب في احلك الظروف التي تمر بها الامة.. الوطن بحاجة الى كل كاتب رأي ومثقف ومفكر ومبدع وفنان وجندي ومهندس وموظف وطبيب يحمل قضية وهدف نبيل للخروج من المأزق والبدء بعملية البناء ، واليمن بحاجة الى صوت العقل والحكمة والنقد البناء والنصيحة الصادقة وخطاب التسامح والتعايش والسلام لترميم القلوب ولملمة الجروح وإعادة بناء اليمن الجديد بعد ان تم تحويله الى اطلال ، بدلاً من الأقلام الساقطة والاصوات النشاز والرؤى الظلامية والسموم القاتلة والثقافة المدمرة.

وأخيراً..نأمل من الجهات الرسمية تقبل النقد واعطا مساحة لحرية الرأي والتعبير ، بدلاً من التضييق على الحريات وتكميم الافواه مهما كان النقد مخالفاً لسياسة وايدلوجيا حكام صنعاء وعدن واخواتها ، فهل يكون الجميع عند مستوى الحدث أم اذن من طين وأخرى من عجين .. أملنا كبير.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس