بقلم / محمد العزيزي
نقترب رويدا روايدا من اتمام العام الرابع من الحرب و العدوان على اليمن و الحرب و الاقتتال الداخلي في كل مناطق البلاد دون رحمة أو استشعار بما يعانيه هذا الشعب المكلوم و المغلوب على أمره ..

كما أننا نقترب أيضا من اتمام العام الثامن تواليا من ذكرى نكبة ثورة 2011 م التي جرت الشعوب العربية إلى خازوق لم نعرف نهايته أو متى و أين سيتوقف ؟! .

نعم .. الدوامة التي نعيشها اليوم و غدا هي نتاج و ثمرة لثورات الربيع العربي المشبوهة و التي اندلعت حصريا في خمس إلى ثمان دول عربية نظامها جمهوري و لها أفكار قومية ليبرالية و كانت تمارس الحد الأدنى من الممانعة للتطبيع مع الكيان الصهيوني و تملك جيوش قوية بعتادها و عديدها فكانت النتيجة الواضح و الماثلة أمامنا و أمام أعين الجميع و لا أحد يستطيع إنكارها أو المساومة فيها و التي كانت أبرز شعاراتها في ذلك الوقت إسقاط الأنظمة الحاكمة و دساتيرها و تدمير الجيش و أسلحته و البنية التحتية للخدمات و تدمير الاقتصاد و الاقتصاد القومي العربي و الإسلامي و القضاء على التعليم و التنمية و المساهمة في تأخر الشعوب المستهدفة من ثورات الربيع العربي و ما حولها خمسين سنة أو يزيد عن بقية شعوب العالم و عن مواكبة هذه الشعوب و السير في ركبها و ما توصلت إليه من تقدما و ثورة علمية و تكنولوجية و صناعية ......الخ

صحيح خرج شباب و مفكرين و عاطلين عن العمل في بداية ما سمي بثورة 2011 م و بغض النظر فيما إذا كان هذا الخروج بالنسبة لليمن تقليدا لما كان يدور في بعض الدول العربية أو من أجل مطالب سامية محقة و مطلبية كفله الدستور لكل يمني يبحث عن حق من حقوقه .. و بالرغم من كل ذلك كان الخروج في البدايات الأولى باعتقادي بريء نظيف وطني و شجاع و لا غبار عليه و من هذه المطالب محاربة الفساد و تصويب العمل الإداري و إيجاد فرص عمل للعاطلين و تحسين الخدمات للمواطن و محاربة الفقر و إصلاح المنظومة السياسية الناظمة للحكم و الانتخابات ، و إلى هنا لا يوجد أي اعتراض حول هذه المطالب و الجميع معها و رفعها في وجه قيادة الدولة و لم تكن هذه المطالب حكرا على شباب الثورة بل كانت هم شعب بكامله.

إذن ما الذي حدث و أخرج مطالب الشباب عن مسارها الصحيح و حل بنا من المآسي و كرب العيش منذ نكبة 2011 م و حتى اليوم. . أعتقد جازما أن الجميع يعرف الأسباب و لكن للتذكير أن ثورة الشباب ركب موجتها قيادة الأحزاب الطامحة للسلطة و الفاسدين الهاربين من نظام الحكم و المرتزقة الذين كانوا يتسكعون أمام أبواب السفارات بحثا عن الورقة الخضراء و البعض منهم كان مجندا و عميلا للخارج لتنفيذ الأجندة و المخططات المطلوبة من ثورات الربيع العربي التي كانت رسمت أهدافها و مخططاتها سلفا من القوى الدولية الحاكمة لمصير الشعوب و الطامحة لتغيير منظومة الحكم وفق مخطط الشرق الأوسط الجديد المعلن عنه أمريكيا في التقسيم و الخارطة السياسية للمنطقة و إيجاد على ضوء هذه التقسيمات أنظمة جديدة ضعيفة تسمع الكلام و تنفذ دون أي اعتراضات أو مساومات لأنها أي الأنظمة الجديد تكون باحثة للمساعدة في تثبيت أركان حكمها

و الحقيقة يجب أن نقولها بكل شجاعة يزعل من زعل لا يهم بأنه و خلال تلك المرحلة الحماسية من ثورات الربيع تمكن راكبو موجة هذه الثورات ممن ذكرناهم آنفا من لجم هذه الثورات و التحكم بها و تسييرها بحسب ما تريده الدول الساعية للفوضى الخلاقة و تدمير الشعوب العربية و تفتيتها وفق تلك المخططات الهادفة للتغيير في الشرق الأوسط. ..

كما كان لتجار الحروب و الأحزاب و المتسكعين الباحثين عن الثراء والمال المدنس و كذا النخاسون من باعت الأوطان و دماء الشعوب كان لهم دور فاعل وواضح و قد ظهروا جليا عندما رفعوا هؤلاء سقف المطالب و نادوا بالقتل و الدماء و شجعوا على القتال و التحدي و كان التصعيد بشعارات المواجهة بالصدور العارية و التضحية بالشباب المتحمسين لمطالبهم و ثورتهم التي يطمحون لتحقيقها بكل صدق و صفاء و بوازع وطني و ديني خالص .
تلك كانت أمانيهم صدحوا بها وهاجوا لأجلها و هتفوا و رددوا الشعارات لتحقيقها ..

خرجوا بصدور عارية و بأجساد منزوعة من الستر و الثياب و كتبوا على تلك الأجساد العارية عبارات هوجاء غير مدروسة و محسوبة العواقب بالنسبة للشباب أما الفصيل الإنتهازي فقد كانت تلك العبارات تحمل أمنيات و رغبات و نزوات و طموحات شلة مخابرات العصر الحديث لتدمير الشعوب العربية و برعاية إقليمية و دولية ماليا و عسكريا و سياسيا و إعلاميا و إلا كيف استطاعت عدسة قناة الجزيرة مباشر من تجميع الأفواج البشرية و متابعة فرار الرؤساء و مقتل بعضها و تساقط الأنظمة الأول تلو الأخر كما تتساقط ورق التوت في فصل الخريف .
نعم و بكل بساطة مجردة من كل الحسابات و الانتماءات فإن التحليلات و القراءات الموضوعية تؤكد بأن كل الأحداث التي وقعت و الأمواج السياسية التي هبت منذ اندلاع ثورات ما يسمى الربيع العربي أن وراء الأكمة ما ورائها و أن البعض ممن قاموا بتجييش المواطنين و أستغلالهم و رفع وتيرة حماسهم و التصلب خلف التوجيهات و الموجهات و المال كانت مسيرة و الأهداف مرسومة فكانت النتيجة المحتومة و النهاية المأساوية القاتلة و المدمرة للشعوب و الأوطان

فقد تشرد مئات بل ملايين العرب و المسلمين من مواطنهم و قراهم و قتل مثلهم من النساء و الأطفال و الشيوخ و مازلوا يقتلون و يشردون حتى يومنا هذا بسبب هؤلاء شلة المخابرات الذين كانوا مندسين بين الأبرياء و كان لا هم لهم إلا تنفيذ المخططات المرسومة لهم بهدف الثراء و الشهرة و السلطة و لا غير و هذه النتيجة لا تحتاج لفراسة و أدلة للإثبات و لمن أعمى الله بصيرته عليه متابعة معيشة هؤلاء و أين كانوا و كيف صاروا.

و السؤال .. ما الذي حدث للشباب الأبرياء و الطامحين للعيش الكريم بعد شهور من الحماس و الجهد و العرق و البرد و الحر في الشوارع و الخيام و المرابطة فيها ؟؟ .. فإن الإجابة ربما سهلة لمن فهم و تابع و قراء المشهد كاملا و بعيدا عن البقايا من المتعصبين و المشدودين لتلك النكبة أو الثورة الفاشلة إن كانت فعلا ثورة.

أن الأبرياء و المتحمسين و الطامحين للدولة المدنية و النظام و القانون و الباحثين عن فرص العمل و الوطنيين لأجل الوطن من أولئك الشباب فهم إما قد قتلوا أو تم التضحية بهم أو هم الآن في السجون أو يبحثون عن عمل أو لقمة عيش أو أصيبوا في الشوارع التي تظاهروا فيها يهيمون بالجنون أو الذهول و آخرون منه صمتوا و لزموا بيوتهم ندما و حسرة على ما فعلوا .. أما المؤدلجون و الحزبيون و المنفذون العملاء للأجانب و دولهم و كذا أهل النخاسة و تجارب الحروب و عبدت الدولار و أبناء الشيخة موزة فالجميع يعلم أنهم قبضوا ثمن الثورة و التضحيات و دمار الوطن و ما آلة إليه الأوضاع ..

ثم لماذا فروا من البلاد و تركوها بتلك الصورة و أين هم يعيشون اليوم .. و كيف هي أحوالهم المعيشية ؟!!!!!! .

الحقيقة جلية فقد توزعوا في الدول العربية و الأوروبية و في أمريكا .. و أبرز هؤلاء الذين كانوا ينعقون ليلا و نهارا و بصدور عارية من يستجمون اليوم و منذ أربع سنوات بصدور عارية أيضا على ضفاف نهر الأنضول بإسطنبول التركية أو على سواحل دول أوروبا كمكافئة لهم و لخدماتهم التي قدموها خلال فترة النكبة و التدمير للبلاد منذ 2011 م و حتى اليوم ..

حتى العملاء و الخونة التابعون لدول الخارج نضالهم اليوم من الخارج ليس مع الوطن أو المواطن الذي دمرت حياته و معيشته و أدخلوه في حرب و مجاعة و البعض منهم تشرد و هجر و دمرت منازلهم و أصبحوا بالعراء لا مسكن و لا مأوي نازحين لا يجدون ما يسد رمقهم .. بل أصبح نضالهم من أجل الصحفي جمال خاشيقي و من أجل العلمانية و لعودة بريطانيا للإتحاد الأوروبي و من أجل توطين التكنولوجيا في الشعوب النامية ..

المهم و في الختام لا يسعنا القول سوى التضرع إلى الله عز و جل أن نسأله السلامة و العافية و أن لا يعرض أجسادنا و صدور العارية لأشعة الشمس على ضفاف الأنهار و سواحل و شواطئ أمريكا و أوروبا حتى لا يتكشف العجمان و الكفرة و الأغراب عوراتنا و أن يسترنا و كل أبناء الشعب من الخطايا و الزلات و العيوب و أن لا يلحقهم العراة و المفتضحين بنا و لا يلحقنا بهم و أن لا يتوفنا في فندق سبعة نجوم و لا في حمامات السونا و لا في منتجع أو كباريه او مسرح أو مرقص و أن يتوفنا ثابتين على مبادئنا و ديننا و كما هو حالنا جائعين غير متسكعين ..

اللهم ترحم على شهداء الشعب اليمني منذ ثورة 2011 م و ما قبلها و بعدها و حتى يومنا هذا إنك سميعا مجيب .. قولوا آمين.

حول الموقع

سام برس