بقلم/ محمد ناجي احمد
“الرأس يعمل ولا شك ، ولكن عندما تبقى اليدان عاطلتين فذلك يشبه طاحونا تدور على فراغ بدلا من أن تطحن الحب”بلدي –رسول حمزاتوف

في كل مناسبة لذكرى تأسيس تنظيمهم في اليمن يردد بعض كوادر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أنهم فكر أصيل ، وأن واجبهم أن “ينبثق عنهم مشروع سياسي معاصر ،فالوقوف عند تجربة الخمسينيات والستينيات جمود تأباه الناصرية ” ونحن نسأل بدورنا :ما الذي يريدون تجاوزه ،ويرونه جمودا في عقود الخمسينيات وحتى السبعينيات ؟هل يريدون التخلي عن هدف (الوحدة العربية ) والانتقال إلى أقلمة القطر اليمني وتفكيكه بحسب معايير “ثقافية ” جغرافية وعرقية ومذهبية واقتصادية في حده الأعلى ، والدعوة إلى فك الارتباط بين المكونات الجغرافية لليمن ،بزعم أن الوحدة لا تقوم بالقوة ؟

هل يريدون التخلي عن هدف الاشتراكية، لا كإجراءات سلكتها التجربة الناصرية في تلك العقود وإنما كمبدأ يحقق العدالة الاجتماعية والاكتفاء؟

دعوة “العصرنة والتجديد” لدى بعض كوادر التنظيم الوحدوي هي تعبير عن ممارسة وتحول نحو خصائص النظام الرأسمالي، يريدون التخلي عن مجانية التعليم والتطبيب، وحق العمل الذي تكفله الدولة ، لأنهم في الواقع العملي يقودون القطاع الخاص في المدارس والجامعات والمستشفيات !

هل يريدون التخلي عن قضايا الأمة العربية المصيرية، والقطاع العام ليصبحوا كما هم في الواقع محامين للشركات والبنوك الخاصة ؟
هل يريدون تعزيز عزل مصر عن دورها القومي، الذي سعت السعودية لدفعها نحو اتفاقية كامب ديفيد ، ويستبدلونه كما ينادون ويبشرون بتأسيس تكتل إقليمي وعربي بقيادة السعودية ؟

ما التجديد في مفهومهم وسلوكهم وتوجههم العملي ؟

التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت لافتة التطبيع مع سياسات ونهج النظام السعودي في المنطقة ؟
حددوا لنا مفهومكم لـ”التجديد والعصرنة ” بدلا من ضبابية اللغة وغبار الرؤية المنقادة سعوديا .

هذا ليس تذبذبا للبرجوازية الصغيرة حين تصنع تحولاتها المرحلية وإنما قصور وعي قروي ،ينطلق من مبدأ (ما بدا بدينا عليه ).

ما هو مصيري في تحديات القرن العشرين هو مصيري في تحديات القرن الواحد والعشرين .
ما هو “التجديد والعصرنة ” بالنسبة لكم ؟ أن تنتقلوا إلى مواقع الإخوان المسلمين ، وتزاحموهم في نهجهم وارتزاقهم!

بهذا ستكونون نسخة هزلية منهم ،لن تمتلكوا قدراتهم التي تراكمت في الانتفاع من موازين القوى إقليميا ودوليا ،لأنهم يتحركون كتنظيم محكوم بإرث العقود والأدوار المنجزة في محاربة القومية والشيوعية ، تنظيم محكوم بمبدأ التكافل الاجتماعي داخل بنيته الحركية ، فيما تتحركون أنتم بانتفاع فردي يقتنص اللحظة ،ولا يتسع التكافل الاجتماعي بينكم بعيدا عن ضفاف روابطكم السرية والعائلية !

وصف زمن الشموخ والوضوح بالجمود يهدف إلى محو الذاكرة . فإطلاق الرصاص على تلك المرحلة بحجة المعاصرة والتجديد ليس سوى سقوط في قيعان الحاضر والمستقبل الذي تتحكم به مشيخات الخليج وعلى رأسها النظام السعودي.
لم يكن الإخفاء القسري لشهداء حركة 15اكتوبر الناصرية إخفاء للجثامين فقط وإنما طمساً للوثائق والأدبيات والرؤى التي أنجزها قادة التنظيم خلال النصف الثاني من الستينيات وعقد السعبينيات . هو محو يصاحبه إحلال ذاكرة أطفال الأنابيب الناصرية على الطريقة السعودية !

الدعوة للتجديد والعصرنة نجد ترجمتها العملية في دعوة أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ،التي ضمنها في كلمة القاها بندوة في المكلا قبل أسابيع ، فالتكتل الاقليمي الذي يدعو إليه أمين عام الوحدوي الناصري بقيادة السعودية هو إقرار ضمني بقيادة وتمكين إسرائيل من الدول المطلة على البحر الأحمر !

كل دعوة للسير خلف قيادة السعودية هو تطبيع مبطن مع الكيان الصهيوني ، فالنظام السعودي بملكه وولي عهده يرددون دوما بمناسبة وبغير مناسبة أن محاربتهم للقومية العربية وجمال عبد الناصر منجزهم التاريخي ،وأنهم سيسقطون إيران كما أسقطوا حركات التحرر العربي التي قادها ناصر.

بدأوا ذلك بعزل مصر عن دورها العروبي ،والدفع بها نحو كامب ديفيد ،ثم عملوا على تصفية التجربة الاشتراكية في جمهورية اليمن الديمقراطية ،وكانت مذبحة 13 يناير1986م تتويجا لدورهم واختراقاتهم ، ثم جاء ربيعهم الأمريكي فقضوا على الدولة الهشة في ليبيا واليمن ، وأرادوا إعادة سوريا مائة عام للخلف ،حين كانت حلب دولة وجبل الدروز دولة واللاذقية دولة وحمص دولة، إبان الاستعمار الفرنسي على سوريا.

كل دعوة لتكتل عربي بقيادة السعودية هي دعوة صهيونية تتجلبب برداء العروبة، فالدور الوظيفي للنظام السعودي يعطيك بوصلة الاتجاه وقبلته !

المصدر: الثورة نت

حول الموقع

سام برس