بقلم/ أحمد الشاوش
"جمل يعصر وجمل يأكل العصار" مثل يمني يجسد، خلاصة الخلاصة للحالة اليمنية العجيبة التي حولت الشعب اليمني منذ عشرات السنين الى مجرد قطيع للمتاجرة به وفي أحسن الأحوال الى " جمل معصوب العينين يدور حول نفسه دون أن يعي الهدف الذي يدور من اجله يومياً او يدرك فائدة ذلك الدوران القاتل الذي يستهلك دمه وماله وقوته تحت تأثير الشعارات الزائفة ، بينما العصار يفوز بالعصارة التي تدر عليه ارباحاً طائلة في سوق النخاسة دون أدنى رحمة .

ولذلك مازلنا وسنظل نعاني من العصار "السياسي" الماكر الذي يمتص دماء الشعب على مدار الساعة ، والعصار " الايدلوجي " الذي يفخخ المجتمع بثقافة التطرف ، و"المفتي" المراوغ الذي يفصل الفتاوى الشيطانية حسب هواه ، وخطيب الجمعة الذي ينفر المصلين ، و" الوطني" الامعة و"الحزبي" الانتهازي الذي يبيع كوادره في اول السوق ، والمثقف المزايد ، والإعلامي المبتذل ، و"الاكاديمي" المناطقي ، و"القائد" المستبد و"العسكري" البليد و"المسؤول" الفاسد ، و"الشيخ" المتعجرف و"البرلماني" المترزق ، و"القاضي الظالم" ، وعضو "النيابة" الديكتاتور و"المعلم" الجاحد ، و"التاجر" الجشع، و"المستثمر" البشع ، و" المواطن " السلبي و"المحامي" أبو شريحتين مع الموكل وضده و"عاقل" الحارة الذي تحول الى دولة بقوة دبة الغاز وتاجر التجزئة الصغير الذي يمارس الابتزاز ، والفران الذي يستنسخ الروتي المعاق .

وحتى صاحب البسطة ومحلات الملبوسات والاقمشة التي مارست غزواتها ومعاركها واغارتها على مدار الساعة وحولت " المواطن " الفقير والموظف المطحون الذي صادرت " راتبه " مع سبق الإصرار والترصد في ظل دولة فاشلة كبارها يؤمنون بثقافة الانتقام والفيد والمساومة من اليمنيين الذي قُدرلهم ان يسكنوا في صنعاء والحديدة وبعض مناطق تعز بينما تتعامل الشرعية بعنصرية وانتقام وتصرف مرتبات للبعض في صنعاء كما يصرف الحوثيون لكوادرهم !!؟

ويستمر مسلسل عصر المواطن ، فلا وزارة الصناعة والتجارة أوجدت بنية تحتية واقتصادية وتجارية في صنعاء وعدن وغيرها ، ولاتملك قرار تحديد أسعار السلع بما يحقق مصلحة المستهلك والتاجر ، وانما اقرت تسعيرة التجار بعد التفاهم معهم رغم الصعود الغير مبرر للدولار الذي أدى الى رفع الأسعار دون رحمة او اوزع أخلاقي وجني المليارات ، والهبوط المفاجئ للدولار دون ان نرى أي معالجات حقيقة للأسعار ..

ورغم هبوط الدولار الى 320 ريال إلا ان محافظ البنك المركزي اليمني الدكتور محمد زمام ورئيس الحكومة معين عبدالملك واللجنة الاقتصادية التي تدخلت في اعتقادي لإنقاذ وحماية وحوش التجار الكبار من الخسائر بعد ان امتصوا دماء الشعب اليمني ، بينما الشعب يعاني الامرين نار الأسعار وزيادة الجمارك والضرائب على السلع في المنافذ وتحميلها المواطن ، واحرام آلاف الموظفين من مرتباتهم القانونية رغم الدعم الدولي.

وكما هي عادة " العصار" الذي يحصل على الزيوت الطبيعية المختلفة من خداع الجمل وايهامه بانه في حالة سفر لإنجاز مهمة ما ، إلا ان اللبيب يجد الجمل يدور حول نفسه ولو نُزعت عصابته لثار وانتقم من صاحبه بوحشية ، بينما نجد الشعب خانعاً بعد ان تعرض لسياسة جوع كلبك !!؟.

بينما نجد ان الدول الهشة والأنظمة الظالمة والجماعات المستبدة التي تعاقبت على حكم اليمنيين طورت من اساليبها في التدليس بعد ان وضعت غشاوة على عيون وعقول وقلوب الشعب لعصر بعضها البعض عبر صناعة الازمات واثارة القلاقل ونسج الفتن لإلهاء الناس عن المشاريع العصرية والمطالب الواقعية وتكبيله والمضي به نحو الهاوية ، ليكتشف المواطن انه أصبح ضحية العصار السياسي بعد ان تم استهلاكه في ساحات المعارك والقتال وتحت ايقاعات الوطنية والخلافة والولاية والعدوان والحداثة والحرية والديمقراطية التي لم نجدها إلا في وسائل الاعلام كسحرة فرعون ، بينما يتم مصادرة " رواتب " الشعب وتجويعه وامتصاص دمه.

واخيراً .. مازال وسيظل الشعب اليمني في قمة الوفاء وأكثر عاطفة تجاه القضايا الوطنية الصادقة والحفاظ على الهوية والجغرافيا والسيادة رغم ما أصابه من ظلم وجور وفجور ، ولابد لكل عصار أن يضع حداً للفساد والغرور والبطش ، فالشعب بحاجة الى الوفاء والرحمة وقديماً قال العرب " احقد من جمل" فهل من رجل رشيد يسارع وقف الظلم واستشعار المسؤولية الوطنية والأخلاقية والبدء بعملية السلام التي ستحفظ بقية دماء اليمنيين بجميع مشاربهم السياسية والفكرية والثقافية أم ان أذن من طين وأخرى من عجين .. عندها فأن الشعب اليمني الذي امتص دمه وماله وسال عرقه ودمرت بيوته ،، فلابد ان يحمل جبالا من الحقد والكراهية والانتقام ، فهل يعي الجميع تاريخ اليمن الموحش والبدء بتحكيم العقل .. أملنا كبير.

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس