بقلم/ يونس الحكيم
بالأمس شهدت العاصمة السعودية الرياض التوقيع بالأحرف الأولى بين الحكومة الشرعية وبين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتبنى خيار الأنفصال وفرض واقعا جيوسياسيا في أغلب المناطق الجنوبية بقوة السلاح بدعم ومساندة دولة الإمارات الدولة الطرف في التحالف العربي لإعادة الشرعية .

فبعد مرواحة وتعثر دامت لأكثر من شهرين إلا إن الطرفين إستطاعا التوصل لصيغة تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى.

فعلى الرغم من النظرة السائدة لدى الشرعية وأنصارها لهذا الإتفاق وإعتباره بمثابة نصرا مؤزرا ومعنويا لها كون ظاهره نسفا لطموح وآمال دعاة الإنفصال وفك الإرتباط غير إن هذا الإتفاق لو تم إقراره بالصيغة التي تم التوقيع لها لتم إعتباره إولى الخطوات الرسمية لتحقيق مطالب وطموح دعاة الإنفصال لوجود نقاط مفخخة إذا لم يتم التنبه لها قبيل التوقيع النهائي للإتفاق برعاية سعودية وبمباركة دولية .

صحيح إن الغالبية ينظرون بمنظار سطحي للإتفاق ويرون فيه مكسب عظيم للشرعية وهزيمةللانتقالي الجنوبي كون معظم بنوده تدعو الإنتقالي للإعتراف بشرعية هادي تحت سقف الوحدة ووزراءه سيأدون اليمين الدستورية للجمهورية اليمنية ودمج قوات قوات الإنتقالي وأحزمته الأمنية ضمن القوات المسلحة اليمنية،وعودة الحكومة الشرعية لممارسة أعمالها من العاصمة المؤقته عدن

كل هذه البنود وغيرها يعتبرونها تلاشيا لطموح الإنتقالي الجنوبية وخبطة تحت الحزام غير إن هذا الإنتصار للشرعية هو مؤقت ومرحلي وسرعان مايتحول إنتصارا لدعاة الإنفصال عبر زرع بعض البنود المفخخة والخطيرة والكفيلة بتحقيق الغاية المنشودة التي يسعى لتحقيقها دعاة الإنفصال وفك الإرتباط على الأمد البعيد وبالتحديد المكون السلمي للحراك الذي يسعى بسلاسة لانتزاع إنفصالا من براثن غلاة الوحدة ،ولاسيما إذا ماصدر قرار دولي بمضامين هذا الإتفاق وأصبح ملزم التنفيذ لجميع الإطراف،وهذه النقاط المفخخة والمزروعة هي كالتالي:

أولا : ورد في مسودة الإتفاق فقرة خطيرة جدا وهي إلتزام الأطراف الموقعة بالمرجعيات الثلاث ومقررات مؤتمر الرياض الذي عقد في الرياض في 17/مايو من العام2015م وهنا مربط الفرس وهو مقررات مؤتمر الرياض والتي على الرغم من أن معظم بنودها تصب في مصلحة الشرعية إلا إن هناك مادة مفخخة ومبطنة وأشارت بغموض إلى أحقية الشعب الجنوبي في تقرير مصيره ولكن بطريقة ملتوية وغامضة ومبطنة،فقد ورد في المادة (7) والأخيرة من البند الثاني من مقررات مؤتمر الرياض والتي تنص على التالي :(التأكيد على ضرورة جدولة معالجة كل القضايا اليمنية وخصوصا معالجة القضية الجنوبية بصفتها القضية الجوهرية والمحورية وحق الشعب في تقرير مكانته السياسية وفقا لما ينص عليه العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية ) فتأمل أخي القارئ الكريم الى مستوى العالي للتفخيخ الذي نال هذه المادة فقد تحاشت المادة ذكر حق تقرير المصير وهي تتطرق لحق الشعب الجنوبي،وإكتفت بذكر حق الشعب في تقرير مكانته السياسيه،بدلا من "مصيره" وهذا التحاشي المتعمد هو خوفا من أن تثير حفيظة الأغلبية المنزعجون من لفظ تقرير المصير ،وبالتالي فقد تم الإستعانة بمصطلح أخر يحمل نفس المعنى وهو إستبدال" تقرير مصير "بمصطلح "تقرير مكانته السياسية "وللتأكيد على النوايا المبيته بأن تقرير مكانته هي تقرير مصيره فقد عمد المشرعون لهذه المقرارات على ذكر صراحة بأن تقرير مكانة الجنوبيين السياسية هي وفقا للعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية!! ألا تدرون ماهو العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية؟!هو جزء من إعلان منح الإستقلال للشعوب والبلدان وهي معاهدة متعددة الأطراف إعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1966م ويتكون العهد الدولي من ديباجة وثلاثة وخمسون مادة وستة أجزاء ،وتعترف المادة (1) من الجزء الأول في حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها،بما في ذلك الحق بتحديد مركزها السياسي بحرية،أرأيتم كيف زرعوا ووضعوا هذه المادة المفخخة بعناية فائقة!!والتي ستهدي الجنوبين من دعاة الأنفصال الحق في تقرير مصيره نحو إستعادة دولته وبالتالي لامجال للإنكار أو التضليل بأن هذا الإتفاق بصيغته الحالية يخدم دعاة فك الإرتباط على الأمدين المتوسط والبعيد

اماثانيا: فقد إستطاع الإنتقالي الظفر بمادة غاية في الأهمية تنسف المرجعيات الثلاث التي لطالما تشدقت بها الشرعية في كل حوراتها ولقاءتها،فقد إنتزع الإنتقالي لنفسه نقطة ثمينة وسيقلب الطاولة على أنصار اليمن الموحد في القريب العاجل ،وسينسف طموح اليمنيين في بقاء وطنهم موحد،كيف لا وهذه المادة تناقض المرجعيات الثلاث! وتتحدث عن ضرورة إشراك المجلس الإنتقالي في مفاوضات الحل الأخير باليمن وهو حل القضية الجنوبية ومعناه نسف مخرجات الحوار الوطني كليا(أحد مراجع الحل )وبالتحديد فيما يخص حل القضية الجنوبية وشكل الدولة ،فهناك مفوضات سيتم الترتيب لها مؤخرا حول القضية الجنوبية وستكون مقررات الرياض ونقاطها المفخخة التي أشرنا اليها سابقا أحد محاور الإرتكاز للتفاوض ،وسيضغط الانتقالي في هذا الجانب ويتمسك بتلك المادة التي ستهديه انفصالا سلسا يعترف به العالم عبر مراحل تكتيكية البداية من حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب مرورا باحقية الجنوب في تقرير مكانته السياسية كما أشرنا وإنتهاءا بفك الأرتباط وهذا ماتهدف وتسعى إليه عجوز إوربا وحلفاءها في المنطقة الذين يجيدون الطبخ على نار هادئة لن يحس أحد بمرجلها الذي سيغلي بطول البلاد وعرضها ولا بلهيبها إلا بعد فوات الأوان! فهل من مدكر !

نقلاً عن يمن دايركت

حول الموقع

سام برس