بقلم/ حسن الوريث
قال الراوي ..

قبل عدة سنوات قرأت موضوع بعنوان " راليات السائلة وفورمولا السبعين " عن الحوادث المرورية وكوارثها والتي تودي بحياة المئات والآلاف من المواطنين وخسائر مادية كبيرة والسؤال الذي يفرض نفسه.. هل من يسمع ويعي ويعتبر من كل ذلك ؟ وهل لدى الأجهزة الحكومية المختصة دور في ضبط إيقاع الحركة المرورية أم أنها كالأطرش في الزفة ومجرد هياكل وديكورات فقط ؟ ومسئولية من الذي يحدث في بلادنا؟.

قال الراوي ..

لا يكاد يمر يوم واحد إلا ويتم تسجيل عشرات الحوادث المرورية في مختلف المحافظات اما ميدان السبعين والسائلة فحدث ولا حرج " فمن يمر في طريق السائلة الممتد من العرضي جنوباً إلى قرب دار الرئاسة ومن شعوب شمالاً إلى سائلة الروضة وكذلك من يمر في شارع السبعين بامتداده كاملاً يتخيل نفسه وكأنه يشاهد سباقاً للسيارات على كأس العالم للراليات او الفورمولا ون واعتقد ان الكثير منا يمر من هناك ويشهد بنفسه هذه المعارك التي تدور في كل الشوارع والطرقات بين السائقين وما تسببه من حوادث مرورية وخسائر مادية وبشرية كبيرة تجعل اليمن من أكثر الدول في العالم التي يسقط فيها ضحايا بسبب الحوادث المرورية " هذه العبارة اقتبستها من موضوع راليات السائلة وفورمولا السبعين والأمر لم يتغير بل زاد سواء وزادت معه الحوادث المرورية بشكل مزعج ومؤلم حيث يسقط العشرات من الضحايا من الوفيات والجرحى والخسائر المادية .

قال الراوي ..

لقد شاهدت بأم عيني مناظر لم أشاهدها سوى في بلادنا منها التجاوز الخاطئ والسير عكس الاتجاه والوقوف الخاطئ في وسط الشارع وهناك من يتعمد انزال الركاب في منتصف الطريق ولا يهمه احد كما ان هناك من يقود السيارات المكشوفة وهي تحمل اكثر من ثلاثين راكباً ويمشي بسرعة الرياح وكان معه فوق السيارة قطيع من الاغنام وليس بشر وهكذا فإننا مازلنا بعيد عن العالم ولم نصل بعد إلى المستوى المطلوب في الوعي المروري وما يترتب على عدم وجود ضبط مروري حقيقي وليس وهمي وطرقات سليمة وتطبيق القوانين المرورية على الجميع وليس "خيار وفقوس" كما يقول المثل الشعبي المصري فكل سائق عندما يقود سيارته بهذه السرعة العجيبة تغيب عنه عدة أشياء اهمها ان السيارة التي يقودها يمكن ان يكون فيها خلل في الإطارات او في الماكينة او في اي شيء وهذا الخلل ربما يظهر في أي لحظة ويؤدي إلى كارثة على اعتبار السرعة الجنونية التي تسير بها السيارة وحتى لو كانت سيارتك انت سليمة فيمكن ان تكون السيارات الاخرى فيها خلل أو أعطال ويمكن ان يكون السائق مازال يتعلم او شارد أو غيرها من الامور التي تحدث فجأة ويكون تأثيرها مدمر على الجميع.

قال الراوي ..

مما لاشك فيها أن بلادنا تعيش فوضى مرورية لا يوجد لها مثيل في أي بلد في العالم ولم تتمكن أي حكومة من معالجة هذه المشكلة التي أصبحت عصية على الحل فما نشاهده يخرج عن كل المألوف في بلدان العالم حتى تلك البلدان التي نعتبر أنفسنا متقدمين عليها وبالتالي فهذا يعيدنا إلى طرح تساؤل آخر ماهو الوصف الذي يمكن أن نطلقه على المشهد المروري في اليمن ؟ وهل يصح أن تتحمل الأجهزة المعنية بتنظيم المرور والسير في الشوارع والطرقات مسئولية ما يحدث أم أن المسئولية يتحملها مستخدم الطريق ؟ أم أن المسئولية مشتركة بين الجميع ؟ وفي حالة اتفقنا على أن المسئولية تقع علينا جميعا فما هي الأدوار المفترضة على كل منا من أجل ضبط المشهد المروري حتى يسير بشكل أفضل ؟.

قال الراوي ..

بالتأكيد أننا نعاني يومياً من الفوضى المرورية ونعيش فصولها ليس يومياً فحسب لكن في كل دقيقة وفي كل ساعة ونرى كيف أن السيارات والدراجات تقطع كل الخطوط وتتعدى تنبيهات رجل المرور ولا تحفل به وتعتبره كأنه غير موجود فتراهم يتقدمون إلى منتصف الجولة بينما الخط مفتوح لجهة واحدة تجد بقية الجهات تتحرك دون ادني احترام لإشارة رجل المرور الواقف في محاولة منه لتنظيم الحركة دون جدوى ومما يزيد الطين بله الدارجات النارية التي يتصرف أصحابها وكأنهم لوحدهم تراهم يتحركون في كل اتجاه لا يعبئون بمن أمامهم من المواطنين والسيارات ورجال المرور كما نرى مئات السيارات تقف على جوانب الطرقات والشوارع الرئيسية وتتكدس وكل يقف على هواه دون أدنى مراعاة للآخرين والشوارع الجانبية المفترض أن يكون المرور فيها إجباري تجدها أصبحت مواقف للباصات أو السيارات أو الدراجات النارية وباصات النقل تقف في أي مكان ولو حتى في منتصف الطريق لإنزال راكب أو الوقوف له كي يصعد وكأن الطريق ملك لهم أو أنهم اشتروها من الدولة بحيث أصبحت الشوارع الضيقة أصلا أكثر ضيقاً وبالتالي تحصل الاختناقات والفوضى المرورية العارمة ويكره الإنسان نفسه ويلعن اليوم الذي فكر أن يخرج بسيارته وفي الطرقات الطويلة نرى السيارات تسير بسرعة جنونية رغم عدم صلاحية الكثير من السيارات والتي لا تتحمل السير بهذه السرعة كما ان الطرقات صارت غير صالحة للسير عليها ومع ذلك فنحن لا نحفل ولا نعبأ بأي شيء وكل منا يرى حادثاً أمامه أو عدة حوادث لكننا لا نعتبر من كل ذلك ولا نعرف أن أي منا يمكن ان يكون القادم في هذه الحوادث لا قدر الله لكنها الحقيقة التي لا نلقي لها بالاً ولا أدري ما هو سبب ذلك ؟ هل التبلد الذي أصابنا أم شيء أخر ؟.

قال الراوي ..

هل يمكن أن ينزل دكتور الجباية المرورية من برجه العاجي ويمر في الشوارع ليعرف حجم المأساة التي يعانيها المواطن ؟ أم أن هذا هو الدور المرسوم له ليكون جابيا فقط ويبتكر طرق وأساليب للجباية وليس حلولا لمشكلة المرور ؟ وهل يمكن أن يشارك المواطنين مشاكلهم وهمومهم جراء الفوضى المرورية ؟ وفي اعتقادي أنه عاجز عن ذلك ولايهمه ان يظل المواطن يعاني الامرين وان تبقى الفوضى المرورية وكوارثها وماسيها .
قال الراوي ..

الفوضى المرورية في بلادنا تحتاج لوقفة جادة من قبل الجميع ولابد من معالجات متوازية لهذه المشكلة التي نواجهها كل لحظة فحرام علينا أن نسكت وأن تمر علينا هذه الأمور دون أن نحاسب أنفسنا وبالتالي لابد من العمل بشكل علمي ودقيق من خلال دراسة من الواقع تبحث في الأسباب وتعالج القضية من جذورها ويتم تحديد المسئوليات تشارك في تنفيذها كافة الجهات المعنية وفي مقدمتها شرطة المرور والسير ولكن بدون دكتور الجباية وأن نبني عليها رؤية وطنية ولكن ليس كالرؤيا الفنكوشية وذلك للحد من هذه الفوضى المرورية التي نراها وما تسببه من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات وحتى لا تظل الحوادث المرورية تهدي لنا موتاً مجانياً وجراحاً بالجملة فهل يمكن ذلك أم أنه من المستحيلات؟وإلى متى ستظل المسئولية غائبة في ضبط الحركة المرورية؟.

حول الموقع

سام برس