بقلم/ يوسف القبلان
يمتلك التاجر السياسي مهارات متعددة من أبرزها مهارة الخطابة وما يرتبط بها من صوت جهوري ولغة قوية وقدرة على صناعة الأكاذيب والشائعات، وقدرة على إلقاء الخطابات الطويلة وتوزيع التهم على ما يطلبه الممولون.

ومن مهاراته الواضحة مهاجمة الدول الناجحة والتشكيك في إنجازاتها ورميها بالاتهامات الكاذبة، أما المهارة الخارقة فهي كيل المديح للحكومات العاجزة الفاقدة للإرادة والسيادة والحس الوطني.

تجد مهارات التاجر السياسي الفرصة والبيئة المناسبتين للبروز في حالات الخلاف بين الدول في قضايا سياسية أو اقتصادية، أو في حالات الحروب، قضية فلسطين قد تكون من أبرز القضايا التي استغلها تجار السياسة ووجدوا فيها ساحة واسعة لتنمية مهاراتهم الإبداعية في الخطابة والتحيز والتناقض الصريح الفاضح الذي يقابل بالتصفيق من المخدوعين بالبضاعة المغشوشة.

تخيل لو أن تاجر سياسة وقف في محفل علمي يحاضر عن الموضوعية ثم أسهب التاجر في شرح هذا المصطلح ونصح الطلاب بأهمية التمسك بهذا المبدأ في كل جوانب الحياة لأنه دليل على التفكير النقدي المستقل، يطلب أحد الطلاب من المحاضر أو (التاجر) أمثلة واقعية للتوضيح، المحاضر يوجه الطلب للطلاب لإعطاء أمثلة من الواقع للتوضيح، يتقدم أحد الطلاب لهذه المهمة مستهلا مداخلته بهذه المقدمة: (بما أنك أشرت إلى مبدأ أهمية مبدأ الموضوعية في كل جوانب الحياة فسوف أفتح كتاب السياسة لنختبر الموضوعية، قال التاجر المحاضر: تفضل هات ما عندك، قال الطالب: ما رأيك في موضوع التطبيع مع إسرائيل؟ قال المحاضر: التطبيع مع إسرائيل خيانة، قال الطالب: لكنك في خطبة عصماء في مكان ما قسمت التطبيع إلى موقفين، موقف دول قررت التطبيع واعتبرت ذلك خيانة، وموقف تطبيع آخر من دول أخرى اعتبرته هو الطريق إلى تحرير فلسطين.!

أمام هذا الطرح المحرج من الطالب كان لا بد أن يلجأ التاجر إلى بنكه الصوتي وإلى مهاراته في التلاعب بالألفاظ، وإلى رفع الصوت وتوجيه الشتائم وتهم الخيانة الجاهزة، لكنه هذه المرة فشل في الخروج بسلام من هذا الموقف لأن الطلاب دعموا موقف زميلهم ورفعوا راية وعي في وجه التاجر وأعلنوا مقاطعة خطاب الشعارات والاتهامات والمزايدات وقرروا عدم التسوق في سوق المتاجرة بالقضايا السياسية.

مهما كانت مهارة التاجر السياسي فإن الأحداث والتقلبات السياسية والتغيرات في العلاقات الدولية تجعل التاجر السياسي يغلق دكانه ويتوارى منتظرا ممولا جديدا لموقف جديد يتناقض تماما مع مواقفه السابقة.

نقلاً عن جريدة الرياض

حول الموقع

سام برس