بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
اصبح المجتمع اليمني في الوقت الحالي منقسما بشكل كبير وأكثر وضوحا من أي وقت مضي ومايهم اليوم هو كيفية تعامل اليمنيين مع بعضهم البعض من أجل أن يكون السلام هو الهدف الاول فيما بينهم قبل التفكير في أي شئ أخر لان السلام لن يتحقق الا بجهود اليمنيين أنفسهم مهما كان هناك من جهود أخري سوى أقليمية ودولية .

تأثرت الحياة اليومية في اليمن خلال سنوات الحرب والنزاع المسلّح والعنف السياسي على نطاق واسع والذي انعكس على الناس في المدن والمحافظات في جميع أنحاء البلاد وطال الاقتتال والجراح والتهجير والاخفاء وشتى أعمال العنف الأخرى عشرات الآلاف من المدنيين وغيرهم وقد كانت العديد من القوى المحلية والاقليمية والدولية متورطة في ماحدث في اليمن

ولم تتمكن الجهود الاقليمية والدولية من فعل أي شئ من أجل اليمن سوى القليل والذي يتوافق مع مصالح هذة الدول لكنها لم تقوم بجهود ملموسة لكبح جذور أسباب النزاع والحرب ولا سيما المتعلقة بجوهر الصراع في اليمن ولكنها في الواقع اعتمدت في معظم الجهود التى قامت بها على تقاسم السلطة بين الأطراف الرئيسية وخلق نوع من التوزان فيما بينها مما عزز السياسات المناطقية والمذهبية والقبلية وهي احدى أهم التحولات التي نشأت عن الحرب وأدت الى تقاسم القوه السياسية فيما بينها والذي أدى إلى خلق تحدي دائم يتمثل في محاولة ايجاد توازن سياسي

ونتيجة لذلك ظل المجتمع اليمني منقسماً سياسياً واجتماعياً ومناطقيا وساد الاعتقاد أن الحرب لايمكن ان تتوقف وحتي لو توقفت فيمكن أن تندلع في أية لحظة مادامت الاسباب موجودة

ظلت القوي الرئيسية في اليمن مترددة في أن تشارك في نقاشات حول الماضي أو حول كيفية منع تكرار العنف والاحتراب وظلت تعتمد المناورات السياسية والتكتيك فيما بينها للحصول على أعلى المكاسب الشخصية وكان هناك غياب شبه كامل للمساعي من النخب السياسية والاطراف السياسية للكشف عن الحقيقة والاعتراف بأهمية الوصول الى حل سياسي شامل وتحقيق السلام و بناء الدولة وفقا للواقع والاعتماد على المعايير الدستورية والقانونية التى تكفل الحقوق المتساوية لجميع اليمنيين وبعيدا عن الاسباب التى أدت الى اندلاع الحرب واستمرارها

فالمجتمع اليمني اليوم مجتمع له عدة أوجه كلٌّ منها يبحث عن ذاته وكينونته من خلال التحالفات الداخلية والخارجية فهناك الغالبية العظمي من الشعب اليمني مع أستمرار اليمن الموحد المرتبط بالامه العربية والاسلامية وهناك قوى جديدة تريد أن يكون هناك يمن جديد لة ملامح جديدة داخليا وخارجيا تتوافق مع طموحاتها المناطقية والمذهبية والحزبية وطالما ظلت جهود السلام الحالية مقصورة على ضمان وقف إطلاق النار بين أطراف الحرب فستظل الأسباب الرئيسية وراء مايحدث من توترت وفساد ومحسوبية بالاضافة الى الوضع الاقليمي المضطرب هاجسا مستمرا في عدم استقرار اليمن

وبينما تتجه الاوضاع في اليمن نحو خلق واقع جديد بداء ينسجم معه معظم اليمنيين وهو التعايش مع توازن القوى بين المكونات السياسية الاساسية فإن الوقع السياسي في اليمن اليوم أصبح مفتت وقائم علي أرتكازات مناطقية وطائفية ومذهبية يمكن أن تؤدي إلي مزيد من الصراعات والانقسامات والاختلافات السياسية والتحالفات التي تتغير بين ليلة وضحاها وستكون أثارها مخيفه إذا ماتم الاستمرار في دعمها وتغذيتها ليس على اليمن فقط وإنما عبر الحدود في المحصّلة الأزمة الوجوديّة الحقيقيّة في اليمن هي غياب المشروع الوطني بينما المشاريع المناطقية والمذهبيّة ليست أيضا في أفضل الأحوال إلا أنها أصبحت أداة لإضاعة حقوق المواطنين ومن الممكن أن تقود في أيّ لحظة إلى حروب مستمرة ومن غير الممكن أن تكون هي أساس أيّ إنقاذ بات اليوم أكثر من ضروري

*سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس