بقلم/ سامي عبداللطيف النصف
كتبت ضمن سلسلة مقالات سابقة نقداً شديداً مستحقاً لما أسميته بـ «الديموقراطيات الشرق أوسطية» الممارسة بدول المنطقة كحال الصومال ولبنان والعراق وليبيا... إلخ، التي أدت بهم إلى الحروب الأهلية والفقر والتخلف والمجاعات وانعدام الأمن والمستقبل المظلم... إلخ، وكنا نأمل أن تكون الديموقراطية الغربية هي القدوة الحسنة لتلك اللعبة السياسية، إلا أننا نكتشف مع كل يوم يمر أن الديموقراطية محدودة الإنجاز ومليئة بالمثالب حتى عندهم...
***
ففي بريطانيا أقدم الديموقراطيات وبلد الأحزاب والأعراف المتجذرة الراسخة منذ قرون طوال ينتخب حزب الأغلبية المحافظة شخصية لقيادة البلاد والعباد لتقدم استقالتها خلال أسبوعين بعد تخبط شديد أدى إلى أضرار فادحة بالاقتصاد ومس عيش المواطن، والأمر مماثل لما يحدث في الدول الأوروبية الأخرى وعودة البعض منهم ودون تعلم من دروس التاريخ عندما قامت شعوبهم وأنظمتهم السياسية قبل مئة عام وبسبب الصعوبات الاقتصادية بانتخاب التوجهات اليمينية والعنصرية المتطرفة كالفاشية والنازية التي دفعت البشرية عشرات ملايين الضحايا ثمناً لانتخابهم، عبر المحيط وفي الولايات المتحدة بلد الثقافة والتقدم العلمي مازالت الرئاسة القادمة محصورة بين الرئيسين بايدن وترامب رغم مرحلتهما السنية المتقدمة وأخطاء بعض قراراتهما الفادحة.

اذا كانت تلك الأحوال المؤسفة للديموقراطية في العالمين الأول والثالث فالحل قطعاً ليس بالتحول للديكتاتوريات القمعية الإبادية كحال انظمة ستالين وهتلر والقذافي وصدام... إلخ، بل عبر خلق خيار ثالث يؤمن ضمنه بأن الديموقراطية أو اللعبة السياسية كي تنجح فلابد أن يُحكم الشعب بأفراد أو نخب متميزة بالكفاءة والذكاء والأمانة والإنسانية والإنجاز لأجل الشعب وألا يُسمح أن تقاد أمم الأرض بغير الأكفاء والأمناء والأذكياء فالديموقراطية وعمليات الانتخاب للقيادة يجب أن تتم فقط من أصحاب التميز والإبداع لا من المخادعين ومعدومي الكفاءة والأمانة والحس الإنساني.

آخر محطة:
يقال إن الديموقراطية سيئة إلا أنها أفضل الأنظمة السيئة، وهذا كلام لا يقبله لا عقل ولا حس ولا منطلق سليم، فالأمور السيئة لا يَسكت عنها أو يقبل بها إلا مَنْ لا عقل له أو إبداع لديه، فالواجب أن تعمل البشرية جاهدة لتغييرها للأفضل، وهذا ما يجب عمله من قِبَلِ المفكرين والمنظِّرين والمثقفين بدلاً من القبول بترديد كلمات تـُبقـي البشرية في مستنقعات العمل السياسي السيّئ إلى الأبد...

*نقلاً عن "النهار"

حول الموقع

سام برس