بقلم/ احمد الشاوش
يحلم كل انسان في بداية حياته الى مستقبل أفضل وغد مشرق والالتحاق بسوق العمل ، لاكتساب الخبرات والمهارات والغوص في تجارب الحياة من اجل تحقيق طموحاته والحصول على مصدر رزق شريف ومعيشة تليق بكرامة كل شاب وقدر كل فتاة واحترام كل اسره يمنية كافحت من أجل تربية وتعليم فلذات أكبادها وقدمت دم قلبها حتى تخرجوا من الجامعات والكليات والمعاهد لتحمل المسؤولية ورد شيء من الجميل والعرفان للاسرة التي احسنت التربيه حتى قوي عوده وبدأ يشق طريقه لاخذ نصيبه من الدنيا.

ورغم تلك الاحلام الجميلة والطموحات المشروعة والمتاعب الكبيرة إلا ان لسان حال اليمنيين اليوم يؤكد انه في خضم العواصف السياسية والحروب العبثية والاستبداد الفكري والافراط في التبعية والولاء الزائف والمتاجرة بقيم المجتمع ، تفرقت أيدي سبأ وسقط الشعب وعُطل الدستور والقانون واللوائح والمؤسسات وتمزقت القيم والاخلاق والتقاليد والاعراف والاسلاف وسقطت احلام وتطلعات الشباب المتفاءل بعد ان تحول كل قدوه الى مجرد ظاهرة صوتية وعناوين براقة لاتغني ولاتسمن من جوع.

لذلك لم تعد منظومة القيم الدستورية والقانونية واللوائح والتقاليد والاعراف وقواعد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المستمدة من الشريعة الاسلامية السمحاء تحكمنا بعد ان تغولت ثقافة التزييف والتضليل والمزايدة والفجور والبطش من كل القوى السياسية اليمنية التي حولت اليمن الى اطلال واليمنيين الى متسولين والمواطن الى هيكل عظمي من الفقر والجوع بعد ان أختلط الحابل بالنابل.

شاهد الحال اليوم مع الاسف الشديد انه صار الخائن أميناً والمنافق مسؤولاً والكاذب صديقاً والقاتل قاضياً وقاطع الطريق نافذاً والدولار قبلة للجميع بإستثناء بعض الرجال الشرفاء والصادقين والنبُلاء والمجاهدين بكلمة الحق في كافة ميادين الحياة رغم عواصف الزمن.

وفي ظل الواقع المريع وضغوط الحياة فقد الكثير من اليمنيين الثقة والامل في حكام اليمن بكافة اتجاهاتهم نتيجة للظلم وغياب العدالة والافراط في تبعية الشرق والغرب ، وسقطت الكثير من المعنويات والاحلام بسبب الواقع المرعب والمستقبل الغامض الذي ينتظر العباقرة والمبدعين والمتميزين والباحثين عن فرصة عمل للمشاركة في التنمية والاعمار والاحساس بالحياة بعد ان سُدت أبواب الحاضر والمستقبل امام احلامهم وطموحاتهم ومشاريعهم وأوسطت كل ابواب الرزق بل ان بعض من وجد فرصة عمل منهم تم استغلاله من قبل التجار بعيداً عن العدالة والانصاف ومن لم يجد فر الى خارج البلاد للعيش الكريم.

شباب اليمن اليوم تائه ومصطدوم ومحبط ومكتئب .. يعاني من حالات نفسية وتخوف من الحاضر والمستقبل نتيجة للاوضاع المأساوية والفقر المدقع في ظل سياسة تجار الحروب وعبودية الفرد وشبق السلطة والتسلط.

حكومات تلعب بالبيضة والحجر ومخبرين ليل نهار خلف جدار الوهم للتلصص على كلمة طائشة من طافح أو على جثث نحيله تبحث عن لقمة عيش ومسؤولين ومشرفين ومراكز قوى عابثة همها الاول والاخير جمع الاموال وابتزاز التجار وايذاء أصحاب المحلات والاسواق حتى أعلن الكثير من البيوت والمحلات والمؤسسات التجارية الافلاس.

وأغرب من تلك التصرفات ان يصل الامر الى ضرورة وجود "محرم" للسفر من صنعاء الى مدن يمنية اخرى و"محرم" لاصلاح سيارة معطلة في ورشة سمكرة واغلاق محل قهوة بحجة عمل فتاة ومنع جلوس فتاة على سائلة صنعاء والتفريق بين طلاب وطالبات الجامعة أثناء عملهم الجماعي في بعض الابحاث ، وكأن السعودية وافغانستان تخلصت من الجماعات المنتهية صلاحيتها وسلمت مفاتيح ورايات التشدد وتطرف القاعدة والوهابية الى اليمن الجديد واسمع لك يامسلم والنظرات المسمومة والملاحقة والتخويف والتخوين والتكفير!!؟؟

والشيء الملفت للنظر اليوم ان ظاهرة غسيل الاموال وانتشار المصارف ومحلات الذهب ومعارض السيارات والمولات وبناء القصور والفلل والبنايات من ثمانية اداوار على نخس واحد وتهريب الاثار والاموال وانشاء الشركات المثيرة للجدل والتلاعب بإسعار الدولار والغاز والبترول والديزل والمواد الغذائية بحاجة الى يقظة ورقابة أكثر وان رهان بعض مراكز القوى والاحزاب والجماعات على المتاجرة باموال الدولة والشعب قد تتبخر في يوم ما كما تبخرت اموال قيادات النظام السابق.

اليوم كم نحن بحاجة الى ان تقوم اجهزة الرقابة بالنزول الميداني الى الاسواق لاسيما وان شهر رمضان المبارك على الابواب وكم نحن بحاجة الى تبني المسؤولية الاخلاقية والقانونية لاسيما في ظل توقف رواتب الموظفين وشيطنة المفاوضات السرية التي أدخلت الشعب اليمني والموظف الكادح والاسرة الفقيرة في حسابات وتشاعيب ووساوس لا اول لها ولا آخر.

كل هذه التجاوزات والاخطاء والفساد وغياب الوازع الديني والضمير وفقدان العدالة وسياسة الافقار والتجويع وقطع المرتبات وغياب فرص العمل ادى الى حالات من الاكتئاب والتشائم وفقدان الامل والانزواء والحزن والشعور بالالم والکآبة و الضيق والتشاؤم واليأس والعجز ، والدخول الى مرحلة أخرى من الاضطرابات العصبية والنفسية نتيجة لعدم تحقيق الشباب المتعلم أهدافهم وغاياتهم وتعطيل ملايين المهندسين والاطباء والاكاديميين والتربويين والعمال وغيرهم من الكفاءات اليمنية واحلال أفراد واسر وجماعات تفتقد الى أبسط المعايير العلمية والاكاديمية والانسانية .

أخيراً.. الدولة حقوق وواجبات وليست مجرد مؤسسات للجباية والدعاية والاهتمام بالتعليم العصري البعيد عن الحسابات السياسية والمذهبية ضرورة وتقديم الخدمة المجانية وتوفير فرص العمل للخريجين والشباب واجب ومن حق كل موظف ان يحصل على حقوقه القانونية ومرتبه بعيداً عن التخويف والقاء كل طرف المسؤولية على الطرف الآخر.

وعلى ولي الامر في طول اليمن وعرضها ترشيد الخطاب الديني وتهذيبه والبُعد عن الفجور والتضليل السياسي ووسم الناس من قبل بعض الخطباء بالمنافقين في المساجد.. والمولى عز وجل يقول

" وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" صدق الله العظيم آية 18 سورة الجن.

حول الموقع

سام برس