بقلم/ عائشة سلطان
في مقطع مصور، وجهت سيدة عجوز حديثها لمن أرادت أن تصلهم رسالتها، وهي حتماً لم تشأ أن تخاطب صديقاتها أو أحفادها، أو من هن في مثل عمرها، فهؤلاء لا تحتاج لهذه الطريقة كي تخبرهم بما تريد، في الحقيقة، لقد أرادت أن يحظى حديثها باهتمام أكبر عدد من الناس، لأنه خلاصة حياة، وليس خلاصة تجربة فقط!

«.. أريد أن أقول شيئاً..»، هكذا بدأت رسالتها، ورسالتها هي: إن السعادة لا تكمن في انتظار الوقت المناسب، ولا في الأحلام المؤجلة، لكنها في اغتنام اللحظة، السعادة كالفاكهة، إذا تركت جانباً تتعفن، والأولى أن تؤكل في لحظتها المناسبة، لم تشأ السيدة أن تبدو وكأنها تقدم نصائح لأحد بعينه، لكن إدراكها الحقيقي بأنها أضاعت كل فرص الحصول على السعادة، هو ما دفعها للحديث!

لقد أرادت أن تنقل إدراكها للجميع، لأن أغلبنا يعيش الحياة بمنطق التأجيل: سأكون سعيدة بعد أن يكبر أطفالي، وبعد أن يكبروا: سأكون سعيدة عندما ينهون تعليمهم، وحين ينهون تعليمهم: سأنتظر حتى يتزوجوا... وهكذا تذهب الأيام، ولا يعود هناك متسع لمزيد من الأحلام، كانت العجوز مدركة تماماً أنها أضاعت كل فرصها لتسعد بشيء ما، بالتمتع بمباهج الحياة، بشراء أشياء تحبها، بالسفر، بتعلم شيء جديد... إلخ، حتى وصلت للحظة الأخيرة التي يمكنها أن تقول فيها: سأكون سعيدة غداً..، دون أن تمتلك هذا الغد أو تلك الطاقة أو الرغبة على وجه اليقين!

الخلاصة: هي أن السعادة ليست نوايا، وليست إمكانات مادية، وليست ظرفاً زمنياً مساعداً فقط، إن السعادة تحتاج للشغف والرغبة الحقيقية في الحياة، وهذا الشغف لا يتحقق بغير الصحة والرفقة، وهذان شرطان لا شيء يضمن الاحتفاظ بهما على حالهما من الألق والقوة، أو بقاءهما في مأمن بعيداً عن تقلبات الظروف والصروف، فالرفاق يذهبون ويتغيرون، والصحة تنهك وتستنفذ، والقلب يفقد الكثير من توهجه، إذن لا تؤجل سعادتك، ولا تراهن على ثبات الأيام والليالي، فليس في طبع الليالي الأمان!

نقلاً عن البيان

حول الموقع

سام برس