بقلم/ يحيى القحطاني
في هذا الزمن اﻷغبر الذي نعيش فيه ، زادوا فيه ناقضي العهود ومخلفين الوعود ، وانتشرت قلة المروءة والديانة بين الناس ، وتوسعت بشكل مخيف في بلدنا ، رغم أن صفات ناقضي العهود ومخلفين الوعود ، تعتبر من الأمور المذمومة ، في ديننيا الاسلامي، وعرفنا القبلي ، وهو خُلق من أخلاق المنافقين ، التي يجب أن يبتعد عنها المؤمن وينزه نفسه عنها ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، عد إخلاف الوعد والتنكر للعهود من فعل الناس، المنافقين الذين ﻻ دين لهم وﻻ مروءة عندهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» ..

ومن خلال قرأتنا لهذا الحديث، نجد أنه جعل خلف الوعد ربع النفاق ﻷن أصل الديانة منحصر في ثلاث: القول والفعل والنية، فنبه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النية بخلف الوعد، فقد أصبح خلف الوعد من الأمور التي يتساهل فيها الناس كثيراً هذه اﻷيام، وهي من صفات المنافقين، ومما ينقص الإيمان، لذلك يجب على اﻹنسان المسلم الوفاء بالوعد، ﻷن الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين الكرام وأصحاب المروءة ..

وكون هناك من يبالغون في حب ذاتهم، إلى درجة يوصفون باﻷنانية المفرطة، بشكل كبير كجزء من تدهورالمجتمع اليمني، على مستوى الاخلاق والتعامﻻت، فأصبحت جرأة الناس على الحرام أكبر، وأصبح الضحك على الناس من أنواع الشطارة، يضع البعض مصالحهم الشخصية فوق كل إعتبار دائما، ويريدون ﻷنفسهم كل شيئ، حتى لو كان ذلك على حساب اﻷخرين، هؤﻻء جعلوا حب المال شهوة، عمت غالب الخلق حتى فُتِنوا بالدنيا وزهرتها ..

وصارت غاية قصدهم : لها يطلبون، وبها يرضون، ومن أجلها يغضبون، ويخلفون الوعود والعهود، وبسببها يوالون، وعليها يعادون، وكم قُطِعت أرحام في سبيلها، وسُفِكت دماء بسببها، ووقعت فواحش من أجلها، ونزلت القطيعة وحلَّت البغضاء بين الأخ وأخيه ، وتقاتل الأب مع ابنه ، وتعادى الأصحاب والخلان، وأذية جيرانه في سكنهم بالضجيج بالليل والنهار، بسبب أطماع الدنيا وزينتها الكاذبه ..

وفي اﻷخير فإن القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، قد بينت أن ناقض العهد ومخلف الوعد، هو من صفات الكذابين والمنافقين، ويعدُّ نقض العهد وعدم الوفاء بالوعد، نوعٌ من أنواع الغدر وضياع المروءة، فما أكثر ما يجري من وعود لا تُحقَّق ومن عهود لا تُنفَّذ، وهذه أخلاق أهل الدنيا وأخلاق المنافقين ..

فالمسلم لاينقض وعده أو يخلِف عهده، ﻷن ذنب ذلك عظيم، وآثاره خطيرة، لذلك يفضح الله به فاعلَه على رؤوس الأشهاد، يوم القيامة لأنه خلقٌ ذميم وقبيح، ولو نقضتَ عهدك مع مجوسي وعابد صنم وملحد بالله لحاسبك اللهُ حسابا عسيرا قال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ..

بهذه الأخلاق أشرقت الأرض بنور ربها، في مشارق الأرض ومغاربها، وإذا تركنا خلق الوفاء بالوعد والعهد عدنا إلى الجاهلية، لذلك حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن الكيَّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وأسأل الله أن يرزقنا الوفاء بالوعود، وتجنب صفات المنافقين، إنه ولي ذلك سبحانه والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله من وراء القصد ..!!

حول الموقع

سام برس