بقلم/ احمد الشاوش
شاهدنا بعض الافلام الوثائقية عن خروج العكفة والناس ايام الامام محمد البدر وكيف قاوم البعض معه من أجل الحصول على الجنيهات والبعض عن قناعة وكيف هزموا وانتهى بهم المطاف الى السعودية ولندن .
وشاهدنا ايام المشير عبدالله السلال أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية وخطاباته الثورية الحنانة الطنانة بأنتصار ثورة 26 سبتمبر التي اصبحت اليوم في مهب الريح.

وتابعنا خطابات ودهاء الرئيس الثاني لليمن القاضي عبدالرحمن الارياني وحكمته وخطاباته المؤثرة.

واستمعنا الى الخطابات التصحيحية الجريئة للرئيس الشهيد ابراهيم محمد الحمدي ضد مراكز القوى العابثة وعبث المشايخ ولا حظنا الجماهير الكبيرة في كل حفل ومناسبة وفي النهاية "برمو الحمدي" بأيادي صديقة ونيران شقيقة وأكتفى كل ناصري واشتراكي وبعثي وتقدمي بالصدمة والمأساة وفحط عند أول رصاصة واعلان للنجاة بنفسه من التصفيات والمستقبل المجهول.

لاحظنا قوة وجبروت الغشمي ودهائه وكيف تحول الى جنرال أشبه بالمشير عبدالحكيم عامر بسيطرته على الجيش اليمني ، بينما تحول الرئيس ابراهيم الحمدي الى شخصية شعبوية أشبه بالزعيم جمال عبدالناصر في فن الخطاب ورسم السياسات وخطط التنمية ، لكن البندقية والرصاصة كانت أقوى واخطر من الخطابات القومية في زمن الخيانة.

شاهدنا خطابات وذكاء ودهاء ومرونة وفن السياسة للرئيس الاسبق علي عبدالله صالح في المؤتمرات واللقاءات وحشود ميدان السبعين لكنها عند أول سيناريو وأول قارح ومعركة كل واحد من العيار الثقيل وأقرب الناس اليه أغلق تلفونه وفحط وفقاً لشرع من قبلنا ..يسدوا - يستاهل..اللي بعده بينما الحشود المليونية والمقنعين تبخروا في طرفة عين.

والواقع ان المؤتمرات واللقاءات والساحات والحشود المليونية لا تصنع الانتصارات الحقيقية وانما الوهم والهاء الناس واستعراض القوة وارسال رسائل عن الاصطفاف الوطني ووجود قضية بينما المواطن والموظف الجائع والفقير والمريض والحانب بالايجار وصرفة اولاده والذي يبحث عن راتبه لا تهمة الحشود ولا يؤمن بأي قضية لانه يبحث عن اشباع بطنه وتأمين قوت اسرته حتى لوخرج الى الساحات متظاهراً ، بينما لو صدقت الدولة والحكومة ومراكز القرار الخفية بصرف حقوق الموظف وتقدم الخدمات للمجتمع فأنها ستكون المدافع الاول عن الدولة والحكومة والوطن والسيادة والقائد والرئيس أياً كان ، لا ن حينها ستحس أن لها وطن وسيادة وقضية وبلد يدافع عنها.

والمشاهد اللبيب يُدرك انه تمر بعض الدقائق والساعات الخالية من كوليسترول المزايدة والنفاق حتى تقترب مناسبة أو يتم الاعلان عن حدث رسمي ونشاهد ألواناً من كتيبة عبدالله ابن ابي وسرايا عبدالله بن سبأ من المنافقين والمزايدن والمزمرين والمطبلين والمهضربين والمتلقلقين الذين يحولوا المناسبات الى انتصار زائف والحدث الى فرقعة اعلامية ولحظات سيئة ومشاهد مقرفة وصور سلبية ، بينما الدولة التي تحتكم الى الدستور والقانون والنظام والعدالة والمصداقية والمسؤولية بعيدا عن المزايدين والانتهازيين والفاشلين تنجح في تسويق برامجها وايصال رسائلها وقضاياها الوطنية والقومية والاسلامية وقبل كل ذلك تكسب حُب الشعب.

تحضر مناسبة رسمية أو فعالية غير رسمية تُدار عن بُعد وتصطدم بنفس الشخصيات من المقعشين والمهنجمين وأصحاب البنادق والمكرفتين والبدلات الانيقة الذين يجمعهم التطفل والنفاق ومهنة مسخ الجوخ وأحتراف المباخر ليس ايماناً بالقضية ولكن من اجل التقرب والمصالح ومدالله - مدالله.

لقد صارت للمنافقين الذين يتقدمون الصفوف الاولى صولات وجولات وبطولات ومواسم ومؤتمرات واسواق وساحات وشوارع ومواقف مثل الباصات الخردة حق شعوب والدائري والسواد ، وبالامكان تستعين بالمنخنقة والمتردية والنطيحة لاملاء الفراغ والكراسي وترديد سيمفونية معدة مسبقاً تمجد هذا الزعيم او ذلك الرئيس او الحزب أو قضية ما وما ان تنتهي الفعالية أو الحشود هنا وهناك بعد ان أسرفنا وأنفقنا وخسرنا مئات الملايين من عرق ودم المواطن الموضوع في خزينة الدولة التي كانت ستحل جزءاً من ازمة كل موظف ومريض واسرة محتاجة ، لكن المؤلم ان البعض يؤدي دورة في مسرحية الوطن المشتت وقضاياه المصيرية وما ان تنتهي الهضربة و الحتوتة السياسية حتى يبدأ الكونبرس بشل حق التخزينة والغداء والمواصلات مقابل الزفة وتسجيل موقف معاهم معاهم - عليهم عليهم بين البرد والريح والمطر والشمس وكله بحسابه ، بينما البعض من الشرفاء يخرج بارادته وقناعته لتسجيل موقف حقيقي مع الله والوطن وقضاياه المصيرية بعيداً عن أي مؤثرات وثقافة ابن هادي .

شاهدنا في 2011 كيف خرج الناس الى الساحات مقابل الحصول على نصف دجاج ونفر رز في الستين والسبعين بصنعاء وغيرها من الساحات في الحديدة وتعز وعدن ،،، وكيف تخندق المواطن لهذا الطرف او الثاني وكيف تحول المواطن الى أضحوكة بين شياطين السياسة والنُخب الفاسدة وكيف وصل الحال الى ماو صل اليه من تقسيم لليمن التعيس.

وأدركنا ان الفوضى والخروج الى الساحات لا تبني وطناً ولا دولة ولا مؤسسات ولا ترسي نظام ولا عدالة ولا قيم ولا تصنع التسامح والتعايش وانما تتحول الى معاول للهدم ونشر الكراهية والحقد والفجور والفوضى ، لان اللجؤ والاحتكام الى الشارع هو قمة الفوضى والضعف والفشل الحقيقي للقيادات والنُخب التي لم تقوم بدورها الوطني والاخلاقي.

عرفنا ان التباهي والاستعراض بالملايين من المواطنين والجماهير الى الساحات الغفيرة عبر تاريخ اليمن السياسي لاتقدم ولا تؤخر ولا تحمي قائد ولا رئيس ولا حاكم ولا نظام ولا دولة وانما تُكرس الفوضى والانقسام والشقاق والنفاق وضرب الاصطفاف الوطني جراء اختلاف المواقف والرؤى والاجندات الملونة والمشبوهة والتكريس لثقافة النفاق.

أخيراً .. الدولة والحكومة والمؤسسات مسؤولة عن تطبيق العدالة وازالة المظالم ومكافحة فساد وصرف حقوق ومرتبات الموظفين وايجاد فرص العمل للخريجين بأعتبارها المسؤول الاول امام الله والوطن والمواطن تجسيداً للاصطفاف الوطني.
الدولة ليس وضيفتها صناعة الازمات واستغلال الاحداث الاقليمية والدولية على حساب المجتمع وليست جبايات ووقفات وفعاليات وحشود مليونية للاستعراض وانما وظيفتها الاولى تحقيق العدالة والتنمية وتقديم الخدمات والوفاء بالحقوق ومعالجة قضايا الداخل ومناصرة القضايا الوطنية والعربية والاسلامية وفي المقدمة قضية الشعب الفلسطيني ووقف جرائم حرب الابادة على غزة ، حتى لا تتحول الساعات والايام وشهور السنة الى مواسم للنفاق واللهو والمزايدة والمتاجرة السياسية والبيع والشراء من كافة الاطراف والمكونات السياسية في اليمن.
shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس