بقلم/ وحيد عبد المجيد
ربما يكون عنوان تقرير المؤتمر السنوى لمؤتمر ميونيخ للأمن, الذى اختُتم قبل يومين, هو أصدق ما فيه. خسارة للجميع أو خسارة متبادلة (Lose-Lose) عنوانُ يُعبر عن حال العالم اليوم. لكن تحميل المسئولية عن هذه الحال على الجميع ليس من الصدق فى شىء.

لا يستطيع مُعدو التقرير الإفصاح عن مسئولية حكومات معظم الدول الغربية عما آلَ إليه حال العالم. وربما لا يُدركون أن السياسات الإرهابية لهذه الحكومات ضد المختلفين معها هى مصدر الخطر على العالم. فهذه السياسات هى التى تؤدى إلى مايعانيه العالم اليوم عبر إحياء نمط الصراع الصفرى Zero Sum Game، الذى بدا قبل بضعة عقود أن العالم فى سبيله إلى تجاوزه والانتقال إلى ما أُطلق عليه ربح للجميع (Win - Win).

لم يبق فى هذا المؤتمر سوى القليل من نسخته الأولى التى أطلقها عام 1963 ألمانيان أحدهما ناشر والثانى عالم فيزياء, حين كان اسمه اجتماع العلوم العسكرية الدولى. ومع ذلك فقد كان منذ البداية منبرًا رسميًا للحكومة الألمانية التى تُموَّله بالمشاركة مع حكومة ولاية بافاريا، وللغرب عمومًا.

وكان هذا واضحًا فى الدورة المُنصرمة. تحذيرُ من خطر الصراع الصفرى، فى الوقت الذى يواصل تحالف الإرهاب الغربى تدمير قطاع غزة بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية. فالعدوان الهمجى الراهن أحد أشكال هذا الصراع, بل نموذج بالغ الدلالة عليه.

فى الصراعات الصفرية التى يخسرُ فيها الجميع، لا يوقف عدوانُ أو حرب إلا بعد القضاء على العدو الذى يُعتدى عليه أو يُحارَب, ولا مجال لأى حلٍ وسط. ويُضاف إلى ذلك فى هذا العدوان حرقُ القانون الدولى حرقًا بنيران القنابل التى تنهمر على الفلسطينيين. فالقاعدةُ فى هذا النمط من الصراعات هى التغلب. من يغلب يسيطر أو يحتل أو يحكم. وحين تسود قاعدة التغلب فلا صوت يعلو إلا القوة العسكرية الفاجرة والعارية من أى غطاءٍ قانونى أو أخلاق.

هذا ما يفعله تحالف الإرهاب الغربى–الصهيونى، ولكن من لبسوا لباس الواعظين عند إعداد تقرير مؤتمر ميونيخ يتذاكون وهم يحاولون الالتفاف عليه.

نقلا عن "الأهرام"

حول الموقع

سام برس