بقلم/ احمد الشاوش
من عجائب قدرة الله ومتناقضات الحياة ان الشياطين والملائكة ، والجنة والنار وكل شيء خلقه الله تعالى يسبح بحمده.. ومن المفارقات العجيبة انه تم ذكر الملائكة في القرآن الكريم 80 مرة والشياطين 80 مرة والسيئات بمشتقاتها 167 مرة والمصيبة 75 مرة والشكر75 مرة تقريباً.
وبهذا الزخم من الشيء ونقيضه نسمع اليوم عن ملائكة الرحمة في بعض المستشفيات الحكومية والخاصة فنصطدم بملائكة بلا رحمة واطباء بلاضمير ومحاسبين بلا امانة ومسؤولين بلا شفقه بعد ان صار الفرق بينهم وبين الشياطين في لون المعطف الابيض الا من رحم الله..

نقرأ عن رجال المال والاعمال والايادي البيضاء والملوثة التي تفرد لهم وسائل الاعلام والمجلات والقنوات الفضائية مساحة كبيرة لتكتشف العين الثالثة للانسان الذكي بشاعة الاحتكار والاستغلال وارتفاع الاسعار ، وان البعض منهم سبق الشيطان بمائة عام.

نشاهد قادة ورؤساء ونختلط مع مسؤولين ووزراء ونقابل سياسسين وعلماء ، ومثقفين ومدراء يتحدثون كالملائكة بدرر الكلام المعسول ويجيدون فنون المواعظ والخطابات والشعارات وتهييج الشارع وصيد الخاطر على مدار الساعة ، ليكتشف المواطن البسيط والانسان الساذج في اليمن ان حياة الصفوة مبنية على اللف والدوران والكذب والتضليل عملاً بقاعدة الغاية تبرر الوسيلة ، واذا بالبعض قد سبق ابليس بالف عام.

لقد ضرب لنا الله تعالى في القرآن الكريم العديد من الايات التي تُحذر المسلمين من اغواء شياطين الجن والانس الذين يدعون الوقار ويرتدون دثار الملائكة كمن يمر في مجرى الدم للتأثير على البعض ودفعهم لارتكاب أعمال شريرة قد تصيب الفرد والاسرة والمجتمع والدولة ، لان تلك الطرق تتنافى مع أبسط قواعد القيم والاخلاق الانسانية وتتجاوز المحرمات والمحاذير الالهية.

والحقيقة المُرة ان هناك من الناس من شخصيته وتكوينه وطباعه وبيئته وثقافته وتفكيره ونزواته الشريرة أقرب الى الشياطين وعالم الاباليس لانحرافه عن الفطرة السليمة والتربية الصحيحة والتعاليم الجليلية ما يصبح خطراً على الامة.

بينما الشخصية الانسانية التي تمتاز بالورع والتقوى ونظافة القلب واللسان تكونه خالية من العُقد ومحبه للحياة والناس واعمال الخير وتسعى من أجل ارساء الامن والاستقرار والسكينة والتنمية والبناء والاعمار والسلام ولايمكن أن يصدر منها مايخالف حدود الله ونواهيه تجاه أخوانه واسرته وجيرانه وموظفيه و شعبه.

لقد حذر القرآن الكريم من الفساد في البر والبحر من خلال أستخدام القوة والبطش وترويع وتهديد الناس وقطع الطريق وعمليات الاعتداء وسفك الدماء وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ونهب الأموال بالباطل ومصادرة الحقوق ونشر ثقافة الفساد وعدم اقامة العدل أو انصاف المظلومين وعدم توفير العيش الكريم للمواطن ونهب اموال وثروات الدولة ، كما حرم الفساد وان كان بدون قوة بالسكوت والاجازة والتسويق.

وهنا نذكر بعض الايات الكريمة التي تحضنا على محاربة الفساد وهوى النفس ، والقيام بالاعمال الصالحة بعيداً عن نزوات شياطين الجن والانس لاخذ العبرة:
قال تعالى " وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ" سورة البقرة آية 205

وقال تعالى"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ "البقرة، 11 و12
" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ"الأنعام: 112

أخيراً .. يبدو أننا نعيش عصر الشياطين وزمن الاباليس والمنافقين والمزايدين والانتهازيين والمتكبرين ، بينما بسطاء الناس يبحثون عن كلمة طيبة وعدالة وانصاف بلا ظلم في الشهر الكريم وطوال العام .. فهل من رجل حكيم .. حتى لا يتحول أولياء الامر الى شياطين في ثوب ملائكة.. . وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ التوبة 105.

حول الموقع

سام برس