بقلم/ شيريهان المنيرى
فتيل أحداث غزة يواصل الاشتعال.. فهل ينجو الشرق الأوسط؟
لم تعُد المنطقة هادئة منذ أحداث 7 أكتوبر من العام الماضى، منذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، والمُستمر حتى الآن، فالتبعات السياسية طالت عدة دول عربية، وباتت التوترات واضحة منذ تلك اللحظة، وكأنها كانت الشرارة التى تناثر لهيبها لتؤثر على الجميع ؛ فإن لم يكن سياسيا فاقتصاديا واجتماعيا.

اليمن وسوريا والعراق والأردن ولبنان، أكثر الدول العربية التى تأثرت بشكل مُباشر بهذه الأحداث، وهو ما بالطبع يُمكنه التأثير على الشرق الأوسط بأكمله، ولعل المخاوف من ذلك تتزايد حاليا فى ظل تراشق إعلامى إسرائيلى إيرانى، فبحسب صحف أمريكية يتوقع الرئيس الأمريكى، جو بايدن أن يكون هناك رد إيرانى على إسرائيل خلال الأسبوع الجارى، من خلال ضربة كبيرة تتضمن طائرات مُسيرة وصواريخ، فيما أعلنت إسرائيل عبر منابر إعلامية لها، بأن جيشها والموساد وافقا على ضرب إيران فى حال تعرضها لأى قصف من أراضيها، وقد حذرت الولايات المتحدة الأمريكية إيران من إقدامها على أى ضربة مُحتملة، تتسبب فى تعرض منشآت تابعة لها أو أفراد من قواتها لأى استهداف.

الأحداث الجارية على مدار الأشهر الماضية بين وكلاء إيران فى العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحر الأحمر؛ وواشنطن وإسرائيل، فى ظاهرها تشعل فتيل الحرب فى الشرق الأوسط، بينما من منظور آخر ربما تأتى كمناوشات محدودة بين الطرفين لتحقيق أقصى مكاسب يريدها كل طرف منهما؛ فإيران تسعى لتحقيق مكاسبها الشعبوية سواء على المستوى المحلى بالنسبة لها أو كسب التأييد فى العالم الإسلامى، وهو هدف كبير بالنسبة لطهران فى ظل أزمات سياسية داخلية عانت منها لسنوات، كما تريد إيران بالطبع إثبات نفسها كقوة إقليمية يُمكنها التفاوض مع بعض من الدول العربية المحيطة فى كثير من الملفات الحيوية بالنسبة لها، بما يؤهلها لكسر عزلتها السياسية خلال السنوات الماضية وإبرام المزيد من الاتفاقات التى تعود على اقتصادها بشكل إيجابي.

بدورها تحاول الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على صورتها كقوة عظمى، مثلما اعتادت دائمًا، وأن مقاليد الأحداث الدائرة فى يدها، فيما أن الأمور انقلبت ضدها فى ظل اعتراض كبير من الداخل الأمريكى على سياسات جو بايدن الداعمة للعدوان الإسرائيلى على غزة وما يشهده القطاع من مآساة إنسانية ترفضها شعوب العالم، وهو ما يؤثر بدوره على نتائج الانتخابات الأمريكية المُرتقبة، حيث تراجع كثير من ناخبيه بالمرة السابقة، عن دعمه بسبب موقفه الداعم لسياسات إسرائيل.

فى الوقت ذاته يأتى الدور المصرى محورى فى هذه الأزمة التى تُعانى منها المنطقة، فهى تقوم بدور كبير فى المفاوضات بين حماس وإسرائيل وواشنطن، وبحسب الأنباء المتداولة على مدار الأيام الماضية، فإن هناك اتفاقا مُرتقب بشأن هدنة إنسانية فى قطاع غزة، فى ظل توافق مصرى قطرى أمريكى على ضرورة التوصل لصيغة مناسبة لها بشكل فورى لوقف إطلاق النار.

ولعل ما تتعرض له إسرائيل فى الداخل من ضغوط اقتصادية، وتظاهرات ومُطالبات الآلاف أمام مبنى الكنيست بتحرير الرهائن الإسرائيلية لدى «حماس» يُمثل ورقة ضغط إضافية على حكومة الاحتلال للتوقف عن نهجها غير الإنسانى تجاه سكان قطاع، والاستجابة لمحاولات احتواء الأزمة.

فى النهاية يبقى السلام والتوقف عن المناوشات السياسية التى يذهب ضحيتها الأبرياء، هو الورقة الرابحة أمام الجميع لاستعادة الهدوء فى المنطقة، بدلًا من الانجراف فى تداعيات لا آخر لها تجُر الشرق الأوسط بأكمله إلى حالة من الفوضى تلقى بظلالها على دول العالم أجمع سياسيًا واقتصاديًا.

نقلاً عن اليوم السابع

حول الموقع

سام برس