بقلم / معاذ الخميسي
* حين تمطر السماء تحيي أرواحنا وتبهج أنفسنا، وهكذا فعلت ونحن مثقلون بالألم والحزن من كل اتجاه..ومحاطون بمشاهد الموت والقتل والتدمير والتخريب..ومحاصرون بالجوع والعطش..وممنوعون من الكهرباء والماء..والدواء والغذاء.. ومجبرون على أن نمشي بالأقدام ونتقبل غدر الأيام..!

* هي رحمة الله باقيةٌ حاضرةٌ، ولا يمكن أن تختفي أو تموت..ولذلك هاهو المطر يغسل أيامنا الحزينة.. زخاته تحيينا من جديد وقد تجرعنا الموت منذ 43 يوماً مئات المرات.. قطراته تتساقط وصوت ارتطامها يبعث في النفس الطمأنينة وإن ضج المكان بأصوات آلات الموت..ونظرةٌ واحدةٌ لما يسكن الأرض من مزن السماء تسبح بنا في عظمة الخالق ولطفه وستره وحفظه ورحمته، حين تنتهي الحلول ويتوارى العدل وتغيب الحكمة والرحمة في قلوب البشر.. وتؤصد الأبواب ويكون الهلاك.. سبحانك ربي ما أرحمك.. سبحانك ما أعظم شأنك..!

* وسط كل هذا الهم والغم..والحسرة والحزن والألم.. وحين تقطعت بنا السبل.. واختفت أصوات العقل.. وتقاذفتنا أمواج متلاطمة.. ودمرتنا السياسة وكرسي السلطة والسطوة..وسلم رقابنا الموقدون للفتن..
وباعنا الغادرون بالوطن..واستباح الهدوء والأمن والأمان والمكان والزمان الآكلون في موائد اللئام.. والباحثون عن فوائد السلطة والسيطرة..والمهرولون لتقديم الولاءات والانحناءات.. في ظل كل ذلك هاهي السماء تمطرنا وتستدعينا إلى أن نتفاءل بعيداً عن بائعي الموت وتجار السياسة والراقصين على جثث الأبرياء وعلى خراب وتدمير الوطن !!

* يكفي في ظل زحمة الغارات
الجوية واستمرار الضربات وكثافة أصوات الموت أن نستريح على أصوات زخات المطر وأن نجعل من ذلك دافعاً وحافزاً لأن نكون أكثر صلابة وصموداً وقدرة على أن نتحمل ما لم يكن يخطر على بال بشر !

* وليس مستغرباً أن نلجأ، ولأول مرة في حياتنا، لوضع أحواض وسطول الماء تحت المطر وعند (ميازيب) السطوح لنوفر ما لم نستطع أن نحصل عليه بعد أن انعدم الماء بانعدام الديزل وانقطاع الكهرباء.. وهنا محطةٌ أخرى تتجلى فيها رحمة المطر !!

* وتحضر في حضرة خير ورحمة المطر تساؤلاتٌ كثيرةٌ..لماذا الحرب؟ لماذا القصف والقتل والتدمير والتخريب في محافظات الوطن؟ لماذا تجريع الشعب الويلات بسفك دماء الأبرياء من رجال ونساء وأطفال ورضع وتدمير المنازل؟ لماذا الإصرار على أن تعم الفوضى والاقتتالات وحرب الشوارع بالمحافظات؟
لماذا الاستكبار والظلم والجبروت؟ لماذا الإيغال في زرع الأحقاد والعداوات لتفتيت اليمن وتقسيمه وتدميره؟ لماذا الحصار؟ لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا غاز ولا بترول ولا ديزل ولا إحساس ولا رحمة !!
نقلا عن الثورة

حول الموقع

سام برس