بقلم/الدكتور /علي أحمد الديلمي
التحولات الجيوسياسية الإقليمية التي أملتها في كثير من الأحيان دوافع محلية كانت مصحوبة بتغيرات جيواستراتيجية عالمية ونتيجة لذلك برزت منطقة الخليج التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجي والعراق واليمن وإيران كمركز ثقل جديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتعتبر هذه المنطقة مميزة ومهمة بالنسبة لكثير من القوى الدولية الكبرى والمؤثرة لعدد من الاسباب فأولاً تلعب دوراً رئيسياً في الجغرافيا السياسية العالمية للطاقة وهو الدور الذي تعزز بفضل تداعيات الحرب الأوكرانية ثانياً التحديات الأمنية المحددة التي تواجه منطقة الخليج مثل الحروب الصغيرة والإرهاب وانعدام الأمن البحري والقرصنة والهجمات السيبرانية والتهديدات المرتبطة بتغير المناخ وبات أخطر التهديدات الأمنية للخليج هي تلك التي تؤثر في الأمن الداخلي مثل انهيار الدولة أو الإرهاب العابر للحدود وتعاظم دور القوى الاقليمية في قضايا المنطقة بالاضافة الى تسابق القوي الاقتصادية العالمية واحتمالات تأثيرها على منطقة الخليج لذلك فان الاستقرار الإقليمي والخليجي خاصة سيظل أمرا مهما وحيويا


تعيش منظومة دول مجلس التعاون الخليجي في محيط إقليمي شديد الاضطراب وفي ظل فوضى إقليمية وأزمات دولية جعلت منها جزيرة الاستقرار الوحيدة في المنطقة وهي من تقود التحركات العربية في مختلف المجالات بعد تراجع أدوار بقية القوى إلا أن ذلك عزز من التحديات الخارجية التي تواجه تلك الدول وفي طليعة هذه التحديات التحدي الأمني والعسكري في ظل تهديدات الجار الإيراني الذي شكل خطرا على المشهد الخليجي لأسباب وعوامل متداخلة دون نسيان تهديدات الفواعل دون الدولة كالميليشيات والخلايا الإرهابية وتموضعها على حدود دول المجلس وتغلغلها العملي في بعض أراضيه وثاني هذه التحديات تحدي الوجود السياسي مع اختلاف الرؤى والتطلعات المستقبلية دون نسيان السعي المنفرد لكل دولة إلى البحث عن الأمن والحماية من الأخطار الخارجية التي تواجه المجلس بعيدا عن مظلته الجامعة

وخلال الفترة الأخيرة واجهت دول الخليج العربية تهديدات كبيرة من القوى المسلحة المتحالفة مع إيران في اليمن والعراق وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص ونظراً لكيفية تقويض المليشيات المدعومة من إيران للاستقرار الإقليمي فإنها تشكل تهديداً جديدا لمصالح دول الخليج العربي وعليه فرغم أن تحسين العلاقات السعودية الإيرانية يعتبر قراراً استراتيجياً من قبل البلدين إلا أنه لا ينبغي المبالغة في مدى عمق العلاقات فهدف المملكة العربية السعودية هو الحد من التهديدات من إيران ووكلائها في حالة نشوب صراع بين إيران والولايات المتحدة أو إيران وإسرائيل لا تزال الرياض تشعر بالقلق إزاء الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية وفي الوقت نفسه فإن التقدم في حل المخاوف بشأن التهديدات الإيرانية يمكن أن يؤدي إلى اتجاه إيجابي في علاقات إيران مع دول الخليج العربي

لكن مانراه ان إيران تواصل النضال من أجل التفوق الإقليمي من خلال وكلائها والصواريخ ونشر الطائرات بدون طيار في جهودها للسيطرة وتهديد دول الخليج العربية لان مايحدث الان في البحر الأحمر يهدد الامن القومي للمنطقة بشكل عام وكذلك جهود السلام التى تقودها المملكة العربية السعودية مع الحوثيين للخروج من حرب اليمن لان استمرار تصاعد الهجمات في البحر الأحمر بشكل أكبر يشكل تحديا لمشاريع التنويع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية وتحديا جديدا بالنسبة لدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية لان السيناريو الأكثر تعقيدًا في أي حرب إقليمية سيكون الدفاع فيها ضد الهجمات المدعومة من إيران مع محاولة تحقيق التوازن في الصراع بين إسرائيل وحماس والسعي إلى موقف سياسي مستدام تجاه الفلسطينيين وحماس

إن استمرار النزاعات والخلافات البينية بين دول الخليج يشكل خطرا على الواقع الجيوسياسي لدول مجلس التعاون وفي ضوء التوقعات المحتملة على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية إقليميا ودوليا فانه ينتظر أن يشهد ميزان القوى في الخليج إعادة هيكلة جذرية فحسب خبراء الإستراتيجية الدولية فان التحديات الأمنية الجديدة ستفرض تغييرات عميقة في الإقليم في ضوء ذلك سيتغير الدور العسكري لبعض القوى الصاعدة في العقد القادم وكذلك هيكل وطبيعة العلاقات الخليجية مع الحلفاء الإقليميين والدوليين وقد نري في قادم الايام حلف امريكي خليجي جديد لمواجهة الأخطار الجديدة تكون القوات الخليجية هي رأس الحربه في هذه الموجهة بعد انحسار الدور الأمريكي والبريطاني في مايجري في البحر الأحمر ومغادرة بعض حاملات الطائرات والقطع البحرية الأمريكية الي شرق البحر المتوسط

*سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس