بقلم / علي بارجاء
شيوعيون وكفار. هذه هي التهمة والذريعة المدعومة بفتوى كبار مشايخ حزب الإصلاح، التي على أساسها تحركت جحافل الجيش اليمني ومسلحو القاعدة على رواية الشيخ التائب نبيل نعيم لاجتياح الجنوب في حرب صيف 1994م، وكان المبرر الآخر لهذا الاجتياح هو الدفاع عن الوحدة والشرعية.
بعد انتهاء الحرب هب رجال الفيد من كبار القادة السياسيين والعسكريين والتجار المتنفذين للاستيلاء على منشآت ومؤسسات القطاع العام، والأراضي في كل محافظات الجنوب، وبدأت حملة ظالمة لتسريح العسكريين وإحالتهم إلى المعاش قسرا، وتهميش كل ما هو ومن هو من أبناء الجنوب، وبهذا التسلط قضي على فكرة الأخذ بما هو أفضل في الشطرين؛ فلم يؤخذ بما هو أفضل لا في الشمال ولا في الجنوب، بل عمم ما هو أسوأ في الشمال، وهذا ما حول الدولة من دولة نظام وقانون كما هو الشعار المرفوع والمعمم في وسائل الإعلام، لتصبح دولة تدار بعقلية الشيخ وفكر القبيلة في أسوأ صوره وأشكاله المتخلفة.
لقد كان من الطبيعي أن يسفر عن هذه التصرفات مطالبة الجنوبيين بالانفصال أو فك الارتباط بين الجنوب والشمال، لأن حلمهم في دولة الوحدة قط سقط بالتجربة، ولكن القوة والكثرة تغلبت، وصار شعار (الوحدة أو الموت) هو شعار فرضته قوة الطرف الظالم المستبد.
عاش معظم الجنوبيين طوال الأعوام العشرين الأخيرة على هامش الحياة بشتى ألوانها، وكان الإهمال هو العقاب على مطالبتهم بدولة نظام وقانون حقيقيين، وكان مقابل ذلك عدم تفاعلهم مع مجريات السياسة اليمنية، بل كانوا سلبيين وبخاصة بعد عام 2007م، بعد أن أسس الحراك السلمي الذي جابهت السلطة كل مطالباته وتظاهراته بقوة السلاح، وظل يقدم الشهيد تلو الشهيد، ولم يزدد الجنوب إلا فقرا وإهمالا على حساب زيادة ثراء المتنفذين الذين حولوا نعيم الوحدة لصالحهم على حساب الملايين من اليننيين شمالا وجنوبا.
اليوم يعيش الجنوب حالة أسوأ مما كان عليه في حرب 94م، وأعاد التاريخ نفسه؛ فإذا بالحرب تنتقل إلى أرضه بتهمة وذريعة جديدة، وهي محاربة القاعدة والتكفيريين و(الدواعش)، لتصبح النتيجة تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، وليكن الضحايا من الرجال والشباب والنساء والأطفال من المدنيين.
ويتساءل الناس أهي حرب طائفية؟ أم أنها حرب بين الجنوب والشمال؟ أم أنها حرب للحفاظ على الوحدة التي نحرت بحرب 94م، لتقبر نهائيا بهذه الحرب، وليكفر بها من بقيت في نفسه ذرة منها؟
عجبا لكم أيها اليمنيون إذ تظنون أن بالحرب ستستمر المحبة! وبالقتل وسفك الدماء ستبقى الأخوة! فهل هي حرب للحفاظ على الوحدة أيضا، أو لإجهاضها والإجهاز عليها؟
ما يستغرب الناس في الجنوب حدوثه هو أن الانتقام من عاصفة الحزم يوجه إلى الجنوب، ويقتل ثأرا منها أبناء عدن وتعز والضالع ولحج.
إذا شئتم للوحدة البقاء والاستمرار فليس إلا بإيقاف هذه الحرب، والعودة إلى الحوار، قبل أن يتسع الخرق على الراقع، اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.

حول الموقع

سام برس