بقلم / عبدالرحمن بجاش
توضأت وإلى المكان الذي أؤدي الصلاة عليه , مخدة مرتفعة أمام أو بالأصح تكون النافذة على يميني , جلست , لم تمر سوى ثانية تقريبا , حتى سمعت صوت (( مريم )) كما يسميها العامة أو (( آمل )) لا فرق , تمر فوق رأسي , ثانية أخرى تقريبا , أحمر الأفق على يساري , ليدوي الانفجار الكبير

وخمنت انه يكون في الحفا , لأسمع صوت فراس الصغير يدوي هو الآخر مفزوعا من النوم يصيح (( قرَحوا ...قرَحوا )) , تصحو أمه هي الأخرى على صوته تحضن طفولته في وجل وفمها يتمتم (( تعبنا )) . أكملت صلاتي وإلى النافذة أتصنت , انفجار ثان , فثالث , قلت : أعان الله الأطفال والأمهات , والمرضى , وأعاننا جميعا . تلك اللحظة كانت المساجد ترفع بالدعاء أن يحفظ الله البلاد والعباد إلى عنان السماء , اختلطت الأصوات بأصوات الانفجارات , بوجل الأمهات , وفزعة الأطفال , وألمي على الدقائق التي أجد نفسي عندها آمنا بين الخامسة والنصف والتاسعة , أعب فيها ما استطيع من نوم يعينني على بقية اليوم , اعلم أن غيري مثلي لا تغمض أعينهم سوى مع بزوع الشعاع الأول , حيث يخلد الكون إلى الراحة إلا نحن !!! , تمددت على فراشي , لأتبين أن عصفور الصباح صمت لم يرفع صوتا ينبه سكان الفجر إلى شعشعة النهار , وعندما أحس ببعض الهدوء ظهر بصوته , ليدوي انفجار صغير ليصمت من جديد , ليظهر مرة أخرى هذه المرة يختلط صوته الحميم بأصوات الكلاب , (( قيل أن الكلاب أكثر إحساسا بالخطر فتحس به مبكرا )) , هذا ما لاحظته قبلها بيومين عند اشتداد القصف غبش الفجر , التي في مثلها كنا نستعد زمان لاستقبال زنينة المطر , الآن نستقبل مطراً من نوع آخر !!! . بدأت خيوط الشمس ترسم نفسها على الكون , وأنفاسي اللاهثة تبحث عن مخدة ابحث عليها عن بعض دفء الصبح , فلا اسمع سوى صوت الحنين , أرحت الجزء الأعلى من ظهري على مخدتي , وذهبت بنظري عبر النافذة إلى سماء الله , ليتشكل أمامي سؤال كبير : إلى متى ؟ وكيف ؟ وأين ؟ وبأي طريقه , وهل ؟ فلم أجد إجابة واحدة , كانت ثمة سحابة تطل من الغرب من على كتف عيبان , لا أدري هل كانت محملة ببعض البلل , أو المنى أو الأمنية , لا أدري في تلك الثواني أين ذهبت , فقد ثقل نظري عن أن يتتبع مسارها , قلت : دعها فهي مأمورة , لكن لا أدري هل سيعود خراجها إلي , أواليكم , إلى الفراغ الذي نحيا به , ولا ندري له أفق ..............نمت عميقا حتى نهاية المدى لأصحو على صوت انفجار جديد ...كان فراس هذه المرة يلعب لا يلوي على شيء , وحفيدتي مرام ومريم تحيطان به بكل براءة الطفولة المظلومة .
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس