سبقلم / عبدالله الصعفاني
أرجوكم وأتوسل إليكم .. لا تقولوا الناس فين وكاتب اليوميات فين أو تقولوا الأرض مواجهات والسماء مطارات وضحايا العدوان يربك الحسًّابات .. فالأدعى والأولى أن يكون لكل منتمٍ إلى هذه الأرض دور يفرض عليه أن يتسم بالقدر الكافي من الروح الوطنية الشفافة.

* ولن يكون في القضية الوطنية أولاً أو ثانياً قبل التسليم بأن كل واحد منا مطالب بأن يكون وتداً في الخيمة.. ومسماراً في ماكينة يمنية تكون قادرة على العودة إلى الحد المعقول من الوظائف والأدوار بما يمنع الغرق ، خاصة بعد الذي شاهدناه من استرخاص كبار القوم لمفهوم الوطن والدولة.

* ورغم كل ما يقال بأن هناك من باع وسلم قراره لا غنى عن استعادة ما يمكن وصفه بالمراجعة للذات وللمواقف ولتكن بداية العودة إلى الصواب إدراك أن السماح بالاختلاف السياسي الحاد يتحول إلى مواجهات تتجاوز كل سقف لتصل حد الارتهان للأغراب وبأن الشر لا يقتل الشر كما النار لا تطفئ النار أو كما قال "تولستوي"
* لا يقول هذا أو ذاك :خلاص .. فات الميعاد ، أو أن الخرق أكبر من خيوط الراقع لأن البديل لليأس وللعصبية ولاستدعاء الجاهلية لا يتم بمواصلة استدعاء نظرية شمشون وإنما عودة كل أقطاب العقوق إلى الحضن الوطني وإلى الشعب الذي تركهم يستأثرون بالضرع وقبل بالفتات أملاً بأن يوفوا باستحقاقات معروفة في كل الأوطان المتقدمة وحتى المتخلفة .

* أيها السياسيون .. خذوها من مواطن متشبع بالكراهية لممارستنا للحزبية والجهوية بما فيها من استقطابات تافهة أن ما تفعلوه ببلادكم يبدو صادماً لحضارة اليمني وأخلاقه في العصر القديم والإسلامي والأموي والعباسي والعثماني والمملوكي وزمن الاحتلال والملكيات والجمهوريات.

* لقد تفهم الشعب استئثاركم بكل شيء لكنه يتمنى عليكم وقد فتحتم أبوابا غريبة للشرور أن تحاولوا إغلاق هذه الأبواب بالعودة إلى حضن الوطن.. إنه يتمنى عليكم أن توازنوا بين حب الحياة وبين الإقلال من الهلع عليها والجمع بين رفض الخنوع للنفس الأمارة بالطمع وبين رفض الخنوع عندما يكون ثمناً للاستهتار بسيادة الوطن واستقلاله وأمنه.

* خذوها من أحد المواطنين الذين يحبون الحياة وفي نفس الوقت يرفضون الخنوع.. وحتى وقد تحول الاختلاف السياسي إلى مواجهات لا مناص من التنازل أمام بعض وتجنب الوقوع تحت رحمة حماقات المترفين والمتغطرسين أو الذين يعانون من الازدواج الذي يجعلهم يزاوجون بين ممارسة الشر بزعم إرادة الخير والهدم تحت شعارات البناء.
* العصبية الجهوية خارج قيم الوطن والعدل والشراكة الوطنية كارثة، والتفكك السياسي الذي تتحول معه السياسة إلى نخاسة وإلى نجاسة جدير بأن يكون أولوية العقلاء في مساعي العودة إلى الحق.

* لا تغفلوا أبداً أن وطنكم يحتاج إلى مغادرة هذا الافتراق بالالتقاء حول فكرة الوطن والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق .. ولا بأس لمن لم يعد ينفع معهم التذكير بكلام الله وكلام رسوله الذي لا ينطق عن الهوى – أن كل مواطن إنما يمثل رافعة لوطنه ، وإن وطناً متحارباً ممزقاً بالمقابل إنما ينال من الهوية الشخصية ويضرب جواز السفر احتقاراً وتسفيها في مطارات العالم ومواطن الشتات.

* وللذين لم يعد في وارد قناعاتهم التأمل في موروثنا الديني والأخلاقي لا بأس أن تمارسوا السياسة بمحاكاة رواد النضال السلمي تجاه خلافات الداخل على طريقة المهاتما غاندي أو مارتن لوثر كنج أو نيلسون مانديلاً وغيرهم من الذين أيقظوا ضمائر بعضهم بالوسائل المدنية والسلمية والرفض المشترك لكل الدوافع الغريبة التي تقف خلف العنف ممارسة أو تحريضا مع تفعيل الروح النقدية للذات.
* ارتقوا فقط إلى بعض مكرمات هذا الشعب الذي يمارس الحلم والصبر رغم النفخ في الفتن.. حاكوه وقلدوه وهو يحاول بمثابرة النمل لمواجهة هذا الانحدار الاقتصادي والمعيشي وزيادة معدل الفقر بقدراتها الرهيبة في التحول إلى تحديات أمنية خطيرة.

* وأخيراً .. ليتشبع الجميع بإدراك حجم المؤامرة وفهم الحاجة لإشاعة ثقافة المحبة والسلام والبراءة من كل خرف سياسي وعطب فكري لا يدرك عواقبه إلا الله والراسخون في قراءة التاريخ حيث ما أكثر الصبر وما أقل الاعتبار.
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس