بقلم/ ريم خليفة
عادت الأزمة السورية مجدداً على طاولة مباحثات المجتمع الدولي وخصوصاً من بعد مشاهد وصور اللاجئين الغرقى على السواحل المتوسطية وزحف مئات آلاف اللاجئين في العراء بحثاً عن الأمان.

صحيح اختلفت الدول في التشخيص، بما في ذلك تقارير الأمم المتحدة إلا أنها وبدون شك أصبحت أزمة عالمية لا يمكن التغاضي عنها أو عن ما يحدث ويدور في بلدان منطقة تعيش وهناً عربياً طويل الأمد.

العالم اليوم يعيش كارثة إنسانية بسبب فشل السياسات التي طرحت أو عمل بها فيما يتعلق بالملف السوري بينما الدور العربي لعب في تصعيد المشكلة إما لصالح إبقاء حالة التوتر في بلد مازال يشكل تهديداً على «إسرائيل» وازعاجاً لدول أخرى في المنطقة لا تحبذ وجود المنافس السوري.

أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عزا الفشل في سورية إلى الانقسام الدولي منذ أربعة أعوام. وهو ما عقد الأمور خاصة وأن رياح التغيير التي هبت في المنطقة في العام 2011 انتهت إلى منحى آخر قاوم من طالب بالحريات والتحول الديمقراطي إلى القمع والسجن والقتل والتناحر والحروب متسببة في هجرة وتقسيم الشعوب العربية.

وكما يبدو من المشهد العربي الحالي أن بلدان المنطقة تعيش أجواءً سياسية متذبذبة وذلك في ظل استمرار الانحدار والاضمحلال السياسي.

ومشكلة اللاجئين السوريين لن تنتهي عند حد اللجوء إلى الأراضي الأوروبية؛ ولكن ستفتح أبواباً جديدة تطرح في المجتمعات الأكثر تقدماً وديمقراطية إلى طرح الملفات السياسية العالقة في البلدان العربية، والتي تعبث بها سياسات غربية تدعم أنظمة لا تعترف بأي شكل من الأشكال بالتحول الديمقراطي، أو حتى تشريعات تحترم فيها المواطن العربي.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ستيفان أوبراين وصف الأزمة السورية بأنها «أزمة عالمية لم يعرف العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية».

وشرح أوبراين «في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب، أقدمت المجموعات المسلحة على إطلاق مئات القذائف على الأحياء المكتظة في دمشق وريفها فقتلت ما لا يقل عن عشرين(٢٠) مدنياً وجرحت الكثيرين. و قصفت المجموعات المسلحة غير الحكومية في حلب منذ أيام ما لا يقل عن ثلاثة وثلاثين (٣٣) مدنياً بينهم نساء وأطفال».

وشكا أوبراين نقص المعونات والملاذات الآمنة للاجئين في الداخل والخارج. وأكد أنّ الأزمة تخرج عن نطاق السيطرة ما لم تعالج من جذورها.

كلام وتصريحات أوبراين تطرقت إلى أكثر من عامين، إلا أن السؤال الحقيقي يدور في فلك التوقيت تدفق اللاجئين السوريين في هذه الفترة بالذات إلى القارة الأوروبية رغم مرور أربعة أعوام على الأزمة السورية.

المسؤلون الأتراك دافعوا عن موقف بلادهم في أكثر من تصريح إزاء ملف اللاجئين ولكن تبقى تركيا لاعباً رئيسياً في فتح الحدود وتسهيل عملية ترحيل اللاجئين من أراضيها وسواحلها. وهي تتصرف نحو ذلك لأمرين أحدهما معاقبة الإتحاد الأوروبي الذي يرفض عضويتها وأيضاً التركة الثقيلة التي يثيرها الأروبين بشأن قضية مجزرة الأرمن الأزلية.

سورية من ناحيتها رحبت بالمبادرة الروسية لإنشاء تحالف ضد الإرهاب، منتقدة قلة الحياد في تقارير الأمم المتحدة واصفة بأن الإرهابي يبقى شكلاً لصورة واحدة في أي بلد ولكن في سورية يسميها المجتمع الدولي بمجموعات مسلحة التي واقعاً تسلّح وتموّل وتدرّب الإرهابيين الذين يجلبون من مئة دولة.

إن ما يحدث ويكتب ويقال عن ملف اللاجئين السورين، يستدعي حلاً مستعجلاً من قبل المجتمع الدولي وهذا لا يستثني بالطبع الدول العربية. لأن سورية تحولت بعد أربعة أعوام إلى مرتع خصب للإرهاب يتنامى يوماً بعد يوم ليتمدد كالسرطان القاتل في بلد تلو الآخر.
كاتبة وإعلامية بحرينية
Reemkhalifa17@gmail.com
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس