بقلم / محمد العزيزي
ما إن يرتكب العدوان السعودي جريمة بشعة بحق المدنيين ؛ تحصد غارات طائراتهم من الأطفال والنساء ما تحصد ؛ ومع كل غارة همجية للتحالف ؛حتى يضج الشارع اليمني ويشتعل غضبا وسخطا وكراهية لهذا العدوان البربري الغاشم من دويلات عربية على أصل العرب ومنبع العروبة اليمن ..

ومع وقوع أي مجزرة بحق الأبرياء يتساءل الشعب والشارع اليمني عن الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني .. أين ذهبت ؟! ولماذا غاب صوتها وشعاراتها الرنانة وتغنيها بحقوق الإنسان ؟ .. أليست هذه المجازر البشعة التي يمارسها ويرتكبها البرابرة الجدد تعد بالنسبة لهم جرائم ضد الوجود والإنسانية والطفولة وحقوق المرأة وغيرها من المبادئ والشعارات التي كان يرفعها الساسة وأحزابهم ومنظماتهم طوال الفترة الماضية وأصموا بها آذان الشعب ؛ أليست جرائم من وجهة نظرهم حتى يتواروا ويلتزموا الصمت ؟ .

إنها سخرية القدر والتاريخ أن تصمت هذه الأحزاب والمنظمات في ظل بشاعة هذه المجازر التي يرتكبها تحالف العدوان على مرأى ومسمع هذه الأحزاب اليسارية والليبرالية والقومية والتقدمية والدينية .. وهي التي تقمصت ولبست لباس الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان والمظلوميات والاضطهاد والاستبداد ... الخ ؛ أين بيانات وتنديدات هذه الأحزاب وتوابعها من المنظمات الحقوقية ؟ وأين تصريحات ساسة تلك الأحزاب المفجعة للحكومة ودول العالم ؟ أم أن الصمم والملجمات والمحسنات والماديات قد أصابها ومنعها عن الكلام وجعلها محل سخرية العالم قبل الشعب اليمني ؟ ..

هذه التساؤلات وغيرها الكثير متداولة اليوم في أوساط وفئات الشعب اليمني وتبحث عن إجابة شافية تبرر صمت هذه الأحزاب أو تعاون بعضها صراحة مع العدوان السعودي .

الناس تسأل عن مواقف الأحزاب ؛ وهل اقتصرت مواقفها وظهورها في الأوقات العادية وفي السلم كما يشبه المحيض عند النساء عبارة عن أذى وخبث وقذارة يجب على الشعوب اجتنابها وعدم الاعتماد عليها في الدفاع عنها وعن حقوقها أو الرهان على شعاراتها المطاطية في الدفاع عنها وعن الوطن .. ثم أين غاب زعيق ونعيق وهلهلات أصوات الإخوان المسلمين بحق وحقوق المسلمين بالعيش وحقهم بالحياة ورفع المظالم عنهم .. كيف اختفت هذه الأصوات في الوقت الذي تشهد فيه اليمن أبشع الجرائم بالبشر والأموال والحرمات من قبل هذا العدوان؟! .

اليمن واحدة من بلدان العالم الثالث ؛ وأيضا من بلدان الديمقراطيات الناشئة غير أن ما يبدو هو أننا فقدنا بوصلة الوصول إلى سلوك الديمقراطية ولو بحدودها الدنيا ولهذا أضعنا كل شيء وفرطنا بالديمقراطية والسيادة وأصبحت أحزابنا تفتخر وتطلب من دول العدوان قصف وتدمير بلادنا وبناها التحتية .. في بلادي اليمن توجد أحزاب غثاء كغثاء السيل لا تنفع ولا تسمن من جوع ؛ فهناك بحسب آخر الإحصائيات ما يزيد عن 60 حزبا سياسيا حصلت على تراخيص لجنة شؤون الأحزاب لتمارس العمل السياسي مهمتها الرئيسية والأولى الدفاع عن الوطن والإنسان اليمني وحقوقه في حال انتهكتها الدولة اليمنية ؛ وإلى جانب هذه الأحزاب تعمل أكثر من 1400 منظمة مدنية وأهلية وحقوقية في نفس تلك المهام والمبادئ والشعارات التي تأسست عليها كيانات ومؤسسات الأحزاب ؛ وغابت بشكل نهائي ومفاجئ عن الساحة والأحداث والعدوان .. وأيضا عن حقوق الإنسان اليمني التي تعتدي عليها ليل نهار طائرات العدوان السعودي وأعوانه .

أليس من سخرية القدر أيضا أن تصبح كل هذه المنظمات والأحزاب في سبات عميق والمجتمع اليمني تسفك دماؤه وتنتهك إنسانيته وبراءة طفولته وتذبح نساؤه ؛ في ظل همجية العدوان وسقوطه المدوي في ارتكاب أبشع جرائم هذا العصر ؛ ولم يصدر من هؤلاء الساسة ودكاكينهم وحوانيتهم وأحزابهم أي بيان تضامني مع حقوق الإنسان اليمني والطفولة والمرأة .. صمت محلي وآخر عربي وعالمي غير مسبوق ومخز .. هل قتل المال الخليجي بالفعل إنسانية الشعوب وماتت ضمائرها وأخلاقياتها وانعدمت تلك المبادئ الإنسانية والحقوقية التي تباهى وزايد بها المجتمع الغربي أمام شعوب العالم وتناساها تماما مع بدء العدوان همجيته على اليمن منذ أكثر من سبعة أشهر؟! .

إذا لم تحرك جريمة المخا الثانية التي ارتكبها العدوان السعودي بوم الاثنين - باستهدافه حفل زفاف استشهد على إثره 142 شهيدا وأكثر من 200 جريح بينهم 92 امرأة قضت ضمن ضحايا المجزرة _ ضمير العالم والمجتمع العربي ومشاعر وضمير الأحزاب فعلى العالم وأخلاقه وإنسانيته السلام ؛ فلا نريد أن نسمع يوما ما ترديد تلك الشعارات الزائفة والتي دفنها وداس وقضى عليها النظام السعودي ومن تحالف معه في هذا العدوان وارتكابه مجازر المخا ومدينة صالة والمنازل والأسواق الشعبية في محافظات حجة وصعده وصنعاء القديمة وأمانة العاصمة وكل المدن اليمنية ..
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس