فوزي حوامدي
يدرك الجميع، أن العدو يعترف مجبرا بقوة خصمه، بعد أن يتذوق الويلات منه، لكنه يكابر ولا يجهر، ليحافظ على ما وجهه، وحتى لا تنهار معنويات جنوده ومرتزقته في الميدان، اعتقد جازما أن هذا الوصف والحال، تشعر به السعودية الآن ومن حالفها في الحرب على اليمن بعد مرور 9 أشهر بالتمام والكمال.

لا يختلف اثنان،أن السعودية وعموم دول الخليج،كانت تنظر باستعلاء لليمن ورفضت حتى ضمه لمجلس التعاون،رغم سماح جغرافيته بذلك، لأنه بلد فقير وسكانه كثيرون ويشكلون عبئا عنهم، أكثر من منافعه، كما أنهم ينظرون للمواطن اليمني، باحتقار باعتباره مواطن مخدر بالقات يوميا، تشاهده منتفخ لجهة من وجهه، تظهر على ملابسه الأمية وعدم الإدارك ولا يتقن الا نشاط التهريب والعصابات والكهوف.

وليعذرني اليمنيون الذين أكن لهم كل التقدير، أن بعضهم كان سببا في احتقار اليمن موطنا وشعبا، بسبب ممارسات الخضوع والخنوع اللامشروط، لإملاءات الأسر الحاكمة في الخليج وأحيانا كان اليمنيون مضطرين، للعمالة في الورشات الخليجية، والفنادق بسبب العجز المادي ونقص الموارد لأنهم يعتقدون أنهم يعملون في وطنهم الآخر، كشعب عربي موحد وبلاد العرب أوطاني كما تغنى بها الشاعر سابقا.

وبمجرد أن الهم الله اليمنيين بقيادة رشيدة شابة، عهدت على نفسها بناء وطن سيد في قراره لا يخضع لاملاءات الغير، إلا وفق ما يقتنع به اليمنيون،وبعد سنوات من بث الوعي والنضج الذي وجد قابلية لدى اليمنيين، واستفاقوا من سباتهم العميق وأعلنوا صرخة مدوية لا للهيمنة الخليجية على الوطن،ولا للتعدي على السيادة،أقيمت الدنيا ولم تقعد، وظهر الجار الجنب كوحش مفترس، جند العرب والعجم البيض والحمر والصفر، ومن كل أصقاع العالم ليقضي على الثورة اليمنية في مهدها، ويعيد القطار من سكة الحرية الى سكة التبعية، وأعلن الحرب من البر والبحر والجو، وكان يعتقد أن الحسم قضية أيام لكن الأيام طالت وطالت حتى دارت رغم الحصار والدمار.

بعد تسعة أشهر من الحرب وفي كل الأوقات،بدا اليمنيون في تنفيذ ما وعد به قائد الثورة من خيارات، وقالها في أول خطاب إن النفس طويل والخيارات مفتوحة،فاستهتر البعض من ذلك ومزح آخرون، إلى أن دكت الأرض تحت أقدامهم دكا بالتوشكا والقاهر والزلزال وغيرها من الإبداعات التي جعلتهم يسارعون للمفاوضات من اجل التسوية.

يحق لليمنيين أن يحتفلوا بما حققوه حتى اليوم،بفضل صمودهم وتحملهم الذي تعجز قواميس اللغة الحالية عن وصفه، وعلى العلماء البحث عن مصطلحات أكثر قوة تعادل صمود اليمنيين لإنصافهم .

كما أن اليمنيين اثبتوا أنهم رجال ميدان، ومتشبعون بالقيم و الأخلاق والأكثر من ذلك أنهم أهل فكر وعلم تجسد في منظومة صواريخهم، التي كانت توصف بالغبية فتم تطويرها وتمديد مداها لتصل العمق السعودي،مما أثار رعب الكيان الصهيوني وجعلهم يتدارسون شظايا الصواريخ اليمنية وكيفية تطويرها .

كما أن اليمني المخدر بالقات كما يدعون،لم ينهكه الحصار و لم يطلب النجدة من الغير رغم حجم الجرائم، التي يتفرج عنها العالم بضمير ميت، ويجد المفكرون أنفسهم مقصرين في وصف حالة اليمنيين اليوم، التي يتمناها اي مواطن عربي مل النكسات ليستمتع بالنصر على عدو لا يمكن وصفه إلا بالحقار والظالم .

وتحدى التلميذ اليمني الواقع،وذهب الى مدرسته في حجرات مهترئة وسبورات مهشمة، لكنه أصر على استمرار الحياة، كما أن احد المقاتلين اخبرني انه عاد ليتزوج ثم يعود للجبهة، وهو ما يكفي ان هؤلاء القوم لا يمكن معهم الحسم العسكري وتستحيل هزيمتهم.

وان كان لابد من تحية وهم أهل لها، فهي لكل الشعب اليمني الحر الرافض للعدوان، الصابر الصامد المتطوع للقتال، والتحية أيضا للزعيم علي عبد الله صالح الذي بنى جيشا اثبت في أول مواجهة كبيرة وحقيقية له انه لا يقهر، والتحية أيضا لزعيم أنصار الله السيد عبد المالك الحوثي الذي غرس روح الوطنية والعروبة والشهامة والأخلاق الفاضلة لدى اليمنيين، ويقود المعركة باحترافية ومبادئ واسترتيجية أذهلت العدو قبل الصديق، وسياتي اليوم الذي يكشف فيه ويكليكس وغيره حقيقة ما جرى ويجري في هذا البلد العربي، الذي تحالف عنه العرب والعجم والكفر لتدميره وتخريبه لكنهم واصطدموا بإرادة فولاذية كسرت مخططاتهم وعزيمتهم ولم ينل من باعوا وطنهم الا الخزي والعار على مدار الزمن.

*نقلا عن الاردن العربي

حول الموقع

سام برس