بقلم / علي البخيتي
أجدني أقرب الى من ينكسر من اليمنيين، لا أحب أن يهزم أحد بالضربة القاضية، مع أن ذلك جيد أحياناً، والعقل يقول أن الحسم أحد الحلول لوقف نزيف الدم ومسيرة الخراب، لكني أستصعب انكسار أي يمني مهما اختلفت معه، وأشعر بشيء يجذبني نحو الأضعف دائماً.

عندما دخل الحوثيون صنعاء لم يرقني الانكسار والضعف الذي بدا عليه حزب الإصلاح قيادة وقواعد، مع أني كنت رأس الحربة في المعركة الإعلامية والسياسية ضدهم وقتها، لكني شعرت أني واحد منهم لحظة انكسارهم، ولم أترك جهداً الا وبذلته للسعي في معالجة المظالم التي ارتكبها الحوثيون بحقهم، حتى تسبب لي ذلك الملف بشرخ بيني وبين المجلس السياسي للجماعة، ثم تصاعد الى حد الانتقاد العلني وبشكل قوي وصولاً الى اعلان الاستقالة عند دخولهم دار الرئاسة.

اليوم لم يصل الحوثيون بعد الى مرحلة الخطر أو الانكسار الكامل، لكني أتعاطف جزئياً معهم ليس بسبب ما نالهم في الجوف من خسائر، فتلك معركة صغيرة ضمن حرب كبيرة، بل لأن هناك تحالف دولي عربي إقليمي عالمي ضدهم، صحيح أنهم وبممارساتهم وانتهاكاتهم وانقلابهم على السلطة وطمعهم في السيطرة على كامل التراب اليمني وحكمة من صعدة وكأنه احدى العزب التابعة لقائدهم دفعوا الأوضاع الى ما هي عليه اليوم، ولم يراعوا التوازنات المحلية والإقليمية والدولية، لكن نفسي تستصعب الوقوف ضد اليمني عندما يواجه غير اليمني حتى وان كان ذلك يتسق مع مصلحة البلد بحسب ما يقوله العقل –على فرض صحة ذلك- لكن عاطفتي تأبى الا أن تكون مع اليمني ضد الأجنبي أياً كان، ومع اليمني الضعيف ضد اليمني القوي أياً كان، ومع المنكسر ضد المتجبر أياً كان.

أرغب في أن نتعايش جميعاً كيمنيين دون انكسار أو ظلم، وأن لا يشكل كذلك أي طرف يمني خطر على أي بلد عربي أو أن يكون ضمن محور يخوض صراعاً مع هذا البلد، فكما أن اليمني أقرب لي من السعودي، السعودي والاماراتي أقرب لي من الإيراني، والإيراني أقرب لي من الأمريكي والأوربي، وأتذكر حتى في المباريات التي كانت تجمع ايران مع أي منتخب خليجي، سعودي أو غيره، أرى الكثير من المحيطين بي يشجعون المنتخب الإيراني، لكني كنت أجد نفسي وبشكل تلقائي مع المنتخب العربي حتى ولو كانت دولته على عداء مع تياري وتوجهي السياسي.

أعترف أني عنصري، وعاطفي في هذا المجال كثيراً، يمني أولاً، وعربي ثانياً، واسلامي ثالثاً، ثم انساني، أحاول أن أتجرد من تلك العصبويات، وقد نجحت في ذلك على مستوى العقل، لكني لم أستطع على مستوى العاطفة، وذلك لا يعني أني اقبل الظلم من الأقرب لي على الأبعد، لكني أجد صعوبة في الوقوف ضد الأقرب وهو يُضرب من الأبعد حتى على سبيل الانتقام، حتى ولو كان الأقرب على الخطأ، ففي هذه الحالة ألزم الحياد، حتى أشعر بأن ظلم البعيد زاد على مظلوميته أو الخطأ الذي اقترفه القريب وعندها سرعان ما أجد نفسي في مقدمة الصفوف في مواجهة البعيد المظلوم فور تحوله الى ظالم، ولا أقف على الحياد مطلقاً في هكذا حالة، وهنا تكمن عاطفتي العصبوية.
*من مدونة الكاتب

حول الموقع

سام برس