بقلم/ علي البخيتي
الحوثيون ليسوا المشكلة لوحدهم، هم جزء من المشكلة هذا صحيح، لكن تحميلهم كل المآسي والمصائب فيه تجني عليهم وقراءة قاصرة للأحداث مدفوعة ببعض الأحقاد الدفينة ضدهم أو تحركها عصبيات كامنة لدى البعض أو تقديرات غير موضوعية أو تحامل ناتج عن تأثير المكينة الاعلامية لخصومهم.

لم يصل الحوثيون الى حضرموت فما المانع من تقديم نموذج جيد فيها وحل مشاكلها حتى اللحظة؟، لم يعد الحوثيين في الجنوب فما الذي يعيق تحسين الأوضاع هناك؟، لا يستطيع هادي مغادرة قصر معاشيق ولا تستطيع الحكومة العودة الى عدن مع أن الحوثيين أُخرجوا منها منذ عدة أشهر، لم يكن الحوثيون في أبين في العام 2012م عندما سقطت بيد القاعدة، لم يكن الحوثيون قد تخطوا الحدود الشطرية السابقة عندما كان الجنوب يغرق في مستنقع الفوضى والاغتيالات والمشاكل والصراع بين مجموعات مسلحة فيه وبين الجيش الرسمي تحت قيادة هادي وحكومة باسندوة، لم يكن الحوثيون موجودين عنما قاتل لواء ضبعان أبناء الضالع لسنوات تحت حكم هادي، لم يكن الحوثيون موجودين عندما اقتحم صالح وحلفائه وعلى رأسهم هادي الجنوب وفتحوا عدن في 94م.

لم ولم ولم....الحوثيون عمرهم لا يتجاوز العشر السنوات الا بقليل، فما الذي أعاق بناء الدولة خلال العقود الماضية؟، ما الذي دفع لكل تلك الحروب التي خاضها النظام بكل أطرافه الذين في الداخل الآن والذين فروا الى الرياض وبقية عواصم العالم بعد انقلاب الحوثيين على السلطة؟.

المسؤولية جماعية، وكل طرف يتحمل جزء منها، بنسب متفاوتة طبعاً، وبقدر سلطته أيضاً وقدرته على اتخاذ القرار أو احداث تغيير، ووفقاً لذلك مسؤولية الحوثيين كانت صفر قبل وجودهم وفي بداياتهم، وارتفعت النسبة الى مستويات فاقت ال80% بمجرد استيلائهم على السلطة، وانخفضت مسؤولية الآخرين تبعاً لوضعهم الجديد بعد الانقلاب الحوثي عليهم، وزادت مسؤولية الأطراف المتحالفة مع الرياض مجدداً بعد العاصفة التي أعادت التوازن الى ما قبل انقلاب الحوثيين.

غياب الدولة هي أم القضايا اليمنية، اتحدث عن دولة المؤسسات التي تقف على مسافة واحدة من الجميع، دولة المواطنة المتساوية، الدولة التي تفرض سيطرتها على كل شبر في الأرض اليمنية، ولا تقبل بمن ينازعها السيطرة وامتلاك السلاح واحتكار القوة، وكل القضايا الأخرى ما هي الا نتاج لذلك الغياب، ورحم الله الشهيد محمد عبدالملك المتوكل الذي كان يذكرنا كثيراً بأن قضية بناء الدولة هي الأهم، وكان يردد ذلك علينا حتى كنا نمل كلامه في بعض الأحيان، لكن بعد الأحداث الأخيرة عرفنا أن تكراره لذلك الكلام كان نابع من مخاوف حقيقية، اكتشف الكثير منا مخاطرها لكن بعد فوات الأوان.
من صفحة الكاتب

حول الموقع

سام برس