لماذا لم يُنصف وفد المؤتمر الشعبي العام ومعه أيضا وفد أنصار الله الذي شارك في مباحثات (جنيف1) و( جنيف2) وما سبقهما من مفاوضات تمهيدية في مسقط ؟

لماذا لم نسمع فضائية أخبارية عالمية أوصحيفة ذات تأثير ومصداقية في الشارعين العربي والغربي ، تُشير بإيجابية للتنازلات المتستمرّة التي قدمها ويُقدمها المحاور الوطني الذي يُعاني الأمرّين ابتداءً من الحصول على الإذن بإقلاع الطائرة التي تُقّله من مطار صنعاء مرورا بمطارات عدد من العواصم الإقليمية والغربية ؟

لماذا لم يُعر أحدهم التقارير والمعلومات التي تؤكد الجدية والحرص من قِبل وفديّ (المؤتمر – أنصار الله ) في الخروج بحلول تؤدّي لوقف العدوان والاحتراب الداخلي والحصار؟

لماذا لم تُحرّك الحقائق الموثّقة ضمائرقادة هذا العالم وتُرشدهم للصواب، خاصة وإنها حقائق صادمة تُدين السعودية وتُثبت تعنتها وتحكّمها بسير المفاوضات وإطالة أمد معاناة اليمنيين، ويكفينا أن نُبرهن على ذلك بالمذكرة التي سُرّبت في( 7سبتمبر 2015) والموجهة من إسماعيل ولد الشيخ أحمد لـ (فيلتمان ) مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤن السياسية التي قال فيها الأول :(الأمريعتمد على انفتاح الحكومة اليمنية / هادي والدعم الصادق من قِبل السعودية).

لماذا لم يقل أحدهم إن عارف الزوكا وأبوبكر القربي وياسر العواضي وكهلان أبوشواربوفائقة السيد ويحيى دويد وخالد الديني وعبدالقوي الشميري ومعهم أيضا محمد عبدالسلام وحمزة الحوثي ومهدي المشاط وغيرهم ،يتمتعون بقدر كبيرمن الوضوح والمصداقية وإمتلاك القرار والثقة أثناء الحوارات والنقاشات؟

ولماذا لم يتوقف البيت الأبيض ولندن وباريس ونيويورك عند الجملة التي قالها ولد الشيخ في مذكرته سالفة الذكر :( لا نستطيع أن نطالب المؤتمر والحوثيين بأكثر من هذا )؟

ولماذا ، أيضا ، لم تُفصح الأمم المتحدة والوسطاء والميسريين الأممين وغيرهم عن الحقيقة التي تقول إن وفد عبدربه منصور هادي المكلف شكليا بالتفاوض ، ليس له من أمره أي شيء والسعودية وحدها هي من تتحكم بهم عن بُعد بواسطة الريموت كنترول،وهي وحدها من تمتلك العصا السحرية وحقّ الفيتو وما قبله وبعده ؟

إلى متى سيتم التلاعب بهذا الأمر، اكشفوا الحقائق للرأي العام المحلي والعربي والدولي ،مهما كانت درجة مرارتها وملوحتها، فمن المفيد والعدل أن يسمعها كل إنسان ما زال هناك عِرق حياة ينبض في ضميره وفكره وروحه؟
أنا مصرٌّ على أن تعقدوا مقارنة بين تصريحات وأطروحات الزوكا ودويد والقربي وكهلان أبوشوارب وفائقة السيد والديني ومحمد عبدالسلام والمشاط والصماد ، وبين تصريحات ومشانق ممثلي حكومة هادي/ الرياض ،ودعونا من عقدة وشماعة ، هذا عفاشي ، هذا حوثي ، لو سمحتم دعونا من هذه التصنيفات والمعلبات الجاهزة، وناقشوا الأحداث بمنطق عقلاني ورؤية سليمة، انتزعوا من أعماقكم التأثيرات الذاتية والمناطقية والمذهبية والمصلحية والسياسية ، واستنتجوا بوعي من هي الشخصيات والأطراف التي تُريد تجنيب اليمنيين المزيد من سفك دمائهم وإهانة سيادتهم وتمزيق نسيجهم الاجتماعي وقتلهم بالسلاح والحصار والكراهية والظلام.!

قارنوا بنظرة سريعة بين آخر تصريحين لكل من ” عارف الزوكا ” و ” عبدالملك المخلافي ” ، وستحددون ببساطة من مِنهما يمتلك قراره ويفاوض بناء على ثقة كاملة منحتها له صنعاء واليمن كلها، وبين من يفاوض وقلبه وفكره وروحه وحتى حركة عيونه معلقة بالرياض وبمحمد بن سلمان ومحمد بن نايف وما يتفرّع عنهما من سكرتاريات ومكاتب وملقّني تعليمات ومنطقيّ موتى / أحياء!
دعونا من بيع أوهام الشرعية وصكوك الجنة للناس وعودوا للواقع،ابحثوا في إجابات مقنعة ومنصفة عن مثل هكذا تساؤلات : من هي الأطراف التي كانت تُعدُّ العدة من قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار الأخير الذي أُعلن عنه يوم (14ديسمبر2015) ، وماذا جرى بعد الإعلان عن سريانه بساعات ، وربما بدقائق ، ومن هي الأطراف التي حشدت آلاف المقاتلين والمرتزقة من عشرات الدول للقيام بغزوات مباغتة تهدف لاسقاط المحافظات واجتياحات برية قادمة من الأراضي السعودية نحو اليمن وتحديدا في جبهة (الطوال – حرض) ؟

عودوا للخلف قليلا وتذكروا من هو الطرف الذي تباهى وسرّب بعد إعلان وقف اطلاق النار إنتصاراته العسكرية وسيطرته على جزيرة زقر ومدينة ( الحزم ) عاصمة محافظة الجوف ومعسكريّ الماس واللبنات ( الجوف – مأرب ) وجبل صلب في أطراف مديرية نهم الواقعة جغرافياً في محافظة مأرب ،راجعوا دفاتركم، بعيدا عن حسابات البيع والشراء وصفقات عقود الأسلحة ( المحرّمة والمشروعة ) وستجدون الحقائق واقفة أمامكم كبرج إيفل وتمثال الحرية وساعة بيج بن .
اسألوا أصغر مراهق أو أكبر مُسن في حرض وميدي والمزرق : كم هي عدد المرات ومحاولات الإجتياح البري التي قامت بها مئات المجاميع المسلحة المنطلقة من الأراضي السعودية وما نوع وكمية الكثافة النيرانية التي صاحبتها ؟ واسألوا جهات محايدة وأناس بسطاء ، ليس لهم في السياسة وحسابات ( الرياض – طهران ) لا ناقة ولاحتى حمار أعرج : كم عدد الغارات الجوية التي أُمطِرت بها مناطق ضلاع همدان و العرقوب في خولان بمحافظة صنعاء، والجوف ومأرب وذمار والبيضاء وتعز وصعدة في الثلاث الأيام الأولى فقط، من إعلان وقف اطلاق النار اللعين ؟

أقول هذا الكلام كمواطن يمني لا صلة قرابة له أومصالح تجمعه، بصالح ، ولا أيديولوجية مذهبية تربطه بالحوثيين ، أتحدّث كيمني وُلِدتُ وتربيتُ في هذه الأرض وتنفّست هواءها ، وهذا هو الموقف الصحيح والمبدأ الأصيل والثابت الذي يجب أن لا يحيد عنه كل مواطن يمني حُرّ ، سواء كان إصلاحيا أو مؤتمريا ، إشتراكياً أو ناصريا ،شافعياً أو زيديّاً ،شمالياً أو جنوبياً ، فقيراً أو غنياً ..
فالتصنيفات والمسميات والإنتماءات السياسية والمذهبية والطبقية والدينية والنوع والمكانة كلها تذوب أمام حقيقة الإنتماء للأوطان والدفاع عن سيادتها وكارمتها وحقها في الحياة والاختيار .

صحيح قد يكون لـ علي عبدالله صالح، أعداء وأناس يكرهونه هنا وهناك ، بغض النظر عن أنهم قِلّة أم كثرة ، لكن المهم والأهم هو أن هذا الرجل ( السهل / الممتنع ) ، ( الشاهق / الشيق ) ، ( العنيد / المتسامح ) ، قد اثبت إنه شديد الإخلاص لِما يُؤمن به ، ومن ذلك إيمانه بوطنه وإرتباطه الوثيق به ،فهذا الرجل وفي هذه الظروف يتحرك داخل صنعاء وخارجها بكامل حيويته، يستقبل ضيوفه ورفاقه ،ويقابل عامة الناس في الشوارع والأسواق ، ويحضر صالات العزاء والأفراح ، وهو يعلم بأنه المستهدف رقم واحد من قِبل طائرات السعودية ومخابراتها ،وإنه في أي لحظة قد يستشهد أو يُصاب ، لكن هذا لا يقلقه أويؤثر على نشاطه، لبسبب بسيط ، أشرنا له ، وهو إرتباطه بأرضه وإخلاصه لمبادئه، وما دون ذلك من تحليلات وتفسيرات ، في تقديري ،لن تغير في هذه الحقائق شيئاً .

بالفعل لعلّه قدر هذا الرجل الذي قال عنه ذات يوم ليس بالقريب أحد كوادر حزبه / الأمين العام الحالي الأستاذ عارف عوض الزوكا : (علي عبدالله صالح انتصر في جميع المعارك التي خاضها أو فُرضت عليه ، وسينتصر في أي معارك مستقبيلة طالما هو حيّ ومؤمن بهذا الوطن ).
نقلا عن رأي اليوم

حول الموقع

سام برس