بقلم/ أ. د. حيدر اللواتي
الخليج يعتبر منطقة ساخنة قابلة للاشتعال شهدت ثلاثة حروب مدمرة خلال العقود الاربعة الماضية، ولولا مساعي السلام العمانية للتهدئة بين ايران وامريكا لربما اشتعل الخليج في حرب رابعة، وهذه المرة باثار نووية مرعبة ومدمرة لدول الخليج اضافة الى ايران، حيث ان طبول الحرب كانت تُقرع داعية الى قطع رأس الأفعى الإيراني وتدمير المحطات النووية الإيرانية ومنها طبعا محطات مطلة على مياه الخليج والتي لو ضُربت لتلوثت فضاءات منطقة الخليج من ايران الى الكويت مرورا بالسعودية والبحرين وانتهاء بالإمارات وربما السلطنة بالرغم من بعدها جغرافيا عن محطة بوشهر النووية الإيرانية. من هنا نفهم أهمية الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى واهمية الدور العماني في نزع فتيل هذه المواجهة العسكرية الخطرة، وتكريس السلام وتجنيب المنطقة ودولها حرب ضروس لا تبقي ولا تذر.

العالم يستبشر برفع الحصار عن ايران ويهرول الى التعاون معها باطمئنان لان الاتفاق يدعم الامن والاستقرار وفشله كان يمثل سيناريو الحرب والدمار منطقتنا مقبلة على احداث وتحالفات لم تكن على البال، حريٌ بدول الخليج وايران الجلوس معا للتفاهم حول قضايا تهم منطقتنا وتخدم مصالحنا المشتركة ستسترجع ايران اكثر من 150 مليار دولار وستدخل في مجموعة البريكس وشنغهاي ولا استبعد تحالف سياسي ايراني روسي امريكي اوروبي في ملفات المنطقة، بماذا يخدمنا التحارب والتحشيد الطائفي مع ايران؟ لماذا لا نستفيد من امكانات هذا البلد الهائلة، الاقتصادية والتجارية والتنموية والعلمية؟

المنطقة امام تحولات ايجابية كبيرة وجميع الملفات الشائكة ستحلحل بعد الاتفاق عاجلا ام اجلا، والمصالح تتغير والسياسة مصالح، فلماذا لا نستوعب؟

العالم يهرول نحو السوق الايرانية الضخمة ذات ٨٥ مليون نسمة، امريكا تبيع بوينج وفرنسا ايرباص وروسيا سوخوي، ونحن ندندن على وتر المجوسية والصفوية! لنعترف ان سياسات كسر ايران وعزلها ومحاصرتها واستنزافها وتركيعها بحروب مباشرة وغير مباشرة والنفطية فشلت وعلينا التعامل البراغماتي مع الاحداث من يراهن على الفتن الطائفية فرهانه الى خسران، والمستقبل لمحاربة التطرف والسياسة المسؤولة التي تراعي المصالح بالحكمة والتحاور وليس بالتحارب، اكره ايران واشتمها، الواقع لن يتغير، هي دولة عظمى في المنطقة من حيث كتلتها البشرية ومواردها ومساحتها وموقعها الاستراتيجي وستبقى جارتنا، الاتفاق ليس خطرا على الخليج فهناك مصالح حيوية استراتيجية بين الخليج وامريكا وايران تعرف ذلك ولن تشكل تهديدا لهذه المصالح طالما بقت مصالحها آمنة، ايران تريد الاعتراف بثقلها ودورها وكونها جزء مهم من المنطقة واما الاطماع التوسعية الصفوية فهي مجرد شماعة للتوظيف الداخلي ولالهاء شعوب المنطقة.

الخليج كان يطبل لفتنة مرعبة في المنطقة، لو اشتعلت لاحرقت ايران والخليج معا، وشاءت الاقدار ان تُخمد بوساطة ومساعي وحكمة القيادة العمانية، لنعترف ان العقوبات جعلت من ايران أمة مقتدرة تعتمد على نفسها، من انتاج الابرة الى الصاروخ وها هي دول عظمى تتعاون وتتفاهم وربما تتحالف معها، السنا اولى بذلك؟
الا تكفنا عقود من العداء مع ايران؟ الم يحن الوقت لفتح صفحة جديدة تراعي المصالح واحترام الجيرة والعيش المشترك لنفع المنطقة كما فعل الغرب؟

السياسة فن وتحكمها مصالح ومراحل وادوار، فلنتعامل مع ايران بسياسة من اجل مصالحنا ولننبذ سياسة المواجهة والاحتقان واللجؤ الى الاحتراب الطائفي، العلاقة الطيبة بين عمان وايران تمثل نموذجا للتعاون والتعايش مع ايران على اساس الاحترام والانفتاح بعيدا عن الصراع الطائفي والتحارب المذهبي، لم تساوم عمان على مصالحها واستقلاليتها في تعاملها مع ايران، تمسكت بمبدأ التسامح واحترام الجيرة والاخوة ونبذ التصادم، لنستفيد من تجربتها، ‏التحالف العسكري والامني مع الغرب واسرائيل لمواجهة إيران لن ينجح، كيف ينجح والغرب بقوته ودهائه قرر التعاون مع ايران ووقف التصادم والمقاطعة؟

بعد قرار الغرب التفاهم مع إيران، اتمنى من دول الخليج ومصر وتركيا التفاهم بشكل جدي مع ايران لنجنب منطقتنا ودولنا وشعوبنا ويلات الصراعات مستقبلا سيصبح الماء اهم من النفط في المنطقة، وتشير الدراسات الى بروز دور كبير لايران وتركيا كاكبر مصدرين للمياه، لا مفر من التعاون معهما ليعلم من يتمنى الحرب في الخليج ان ذلك اصبح وهما، فليس من نهج امريكا شن الحرب على من تدشن التعاون والتفاهم معه بعد قطيعة طويلة، واسرائيل اضعف من امريكا، فافيقوا

الى حكومة السلطنة: دورنا كان كبيرا في تحقيق الاتفاق وفضلنا كبير على ايران وعلاقتنا اخوية وامامنا سوق بكر ضخم يفتح ابوابه بعد ٣٦ سنة فهل نحن مستعدون؟
اكاديمي عُماني
نقلا عن رأي اليوم
‏@DrAl_Lawati

حول الموقع

سام برس