بقلم / عبدالكريم المدي
يُعوّل اليمنيون كثيراً على دولة الكويت التي غالباً ما حافظت على شعرة معاوية في العلاقات العربية / العربية، وعلى مسافة تميزها عن غيرها ،كدولة تحترم نفسها، في لعب دور إيجابي لحل الأزمة اليمنية ووقف العدوان الخارجي على هذا البلد من خلال جولة المفاوضات التي تستضيفها وتنطلق يوم الاثنين 18إبريل من هذا الشهر.

دائما ما كان يقترن اسم دولة الكويت في اليمن بالخير والمحبة والأخوة ،لأنها غالباً ما مثّلت حالة خليجية خاصة وإشارة مضيئة في وجدان اليمنيين لعقود عِدة ، بل وفي وجدان كثير من المثقفين والكُتّاب العرب الذين نظروا لها كحالة متقدمة مقارنة بالمنضومة الخليجية التي تعوم على بحور من النفط والغاز وتوظّف الفُتات من عوائده المالية لشراء قرارات وسيادة واستقلال الآخرين ،عكس الكويت التي طالما قدمت شتّى أوجه الدعم لأشقائها دون مقابل ، كما قدمت الكثير للثقافة والمعرفة التي ساهمت في تنوير القارىء العربي ،منذُ منتصف خمسينيات القرن الماضي .

ومن هذه المبادىء ينتظر المواطن اليمني اليوم موقفاً وكرماً كويتياً جديداً ، يتمثّل باسهامها الفعّال في تقديم السلام لليمنيين ، كونها تحتضن جولة المفاوضات الأخيرة.

الرئيس علي عبدالله صالح ، الذي يحظى بشعبية وحضور كاسحين في أوساط الناس ، ربما إنه كان أول معبّر عن تقديرالشعباليمني لشعب الكويت وقيادته، وقد بعث في هذا السياق بالعديد من الرسائل الإيجابية في خطاباته ومقابلاته،مترجما فيها مشاعر اليمنيين الغامرة والمفعمة بالحب والعرفان نحو أشقائهم ، الذين يتوقعون منهم ،في المقابل ،مواقفا وأدوارا تاريخية جديدة ينحازون من خلالها للحق ولدماء الأبرياء التي تُسفكها طائرات ما يسمى

بـ ( التحالف العربي ).

لا شك إن أنظار الجميع اليوم متجهة نحو الكويت ، يحدوهم الأمل في خروج المفاوضات بحل يضع حدّا للاقتتال الداخلي والعدوان الخارجي ويُرفع بموجبه الحصار، ويُمهّد لمرحلة من السلام والاستقرار .بعيداً عن السياسات والممارسات السعوديةالتي تغرقُ في رمال الانتهاكات والفشل كل يوم ،ومع هذا تُكابروتستمر في معاندة الحقيقةوالتعلُّق بالشكليات والأيديولوجيات والسخافات والحشويات التي – بشهادة معظم المراقبين – تُعيق السلام وتخنقُ البلد وتُضبّب رؤية الناس عن مشاهدة وإدراك الحقائق ،متعمدة تلغيم الحياة السياسية في اليمن والمنطقة وتلويث المشهد بالأحقاد والكراهية والمكر، ومستغلة عدم تحمّل العالم العربي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة لمسؤلياتهم الأخلاقية والقانونية والإنسانية في حماية الشعب اليمني ومساءلتها، عن الجرائم التي ارتكبتها والكوارث التي تسببت بها في هذا البلد، الذي صار واحداً من أكثر شعوب الأرض التي وقعت ضحية لإزدواجية معايير الأمم المتحدة وقرارت مجلس الأمن، الذين يتغاضون عن الجرائم التي تحدث في اليمن وفلسطين وغيرها ،ولعل هذا السلوك والمبدأ الأعوج للغرب، ما يؤكده الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة (بطرس غالي ) الذي قال في إحدى المرات ( إذا لم يكن لديك إعلام أو ثروات وبترول ، فلن يهتم بك أحد ).

نعود ونقول نظر وينظر اليمنيون لمباحثات الكويت الأخيرة بكثير من التفاؤل يحدوهم الأمل في أن تكون المدخل الحقيقي لانفراج الأزمة ، سيما وأن الحرب لم ولن تجلب نصراً لأي طرف ، مهما كانت قوته وجبروته.

ومباحثات الكويت، أيضا، يجب أن تكون فرصة توصّل من خلالها كل الأطراف الإقليمية والدولية المؤمنة بالسلام ، رسالة واضحة للشقيقة ( السعودية ) مضمونها يقول : ( الشعوب التي تمتدّ من أول لحظة في تاريخ البشرية إلى اليوم لا يُمكن لها أن تنتحر أو تستسلم ،أو تُفنى ، وإن أي رهان – في الحالة اليمنية – على هذا ، أو على عامل الوقت وكسر الإرادات وانتظار عملية اختراق ما للجبهة الداخلية ( صالح – الحوثي )، رهان خاسر ، وبالتالي لا مناص من الحل السياسي ، والانفتاح على الخصوم وكل المعنيين ،والدفع باتجاه فتح قنوات حوار جدّي يمني / يمني و(يمني – سعودي ) من أجل التعاييش المشترك ضمن فضاء عمومي واحد) وتأسيساً على ذلك من المفيد التعامل مع اليمن وفقا لتلك المبادىء، والتوقف عن إرتكاب المزيد من الحماقات والتبرُّع بجزء كبير من اليمنيين والمنطقة لإيران ، التي لاشك ، أنها تُرحب وتسعد بهدايا مجانية كهذه ، دون أن تُقدّم مقابلها أي ثمن أو تبذل في سبيلها أي جهد.

نضيف قبل الختام : لنا وطيد الأمل في أن تتواضع الحكومة السعودية وتعمل باخلاص وقناعة لخلق السلام والتوقف عن قتل الشعب اليمني واستعدائه ، كما نتمى أيضا ، أن تكون الدولة السعودية ، ومن يتحكمون بقراراتها قد استوعبوا مسألة ودرساً جوهريين، مفادهما إن دولتهم بحاجة ماسة لسياسة ونهج جديد يُنقّى من خلاله النظامين السعوديين (السياسي - الديني) من طُفيلياتهما ،وخرافاتهما وتطرفهما ،إلى جانب إدراكهم بأن ما قاموا ويقومون به في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها ، إنما يضرُّ بهم كثيراً، ويُؤدي لغرز صدور كل هذه المجتمعات بكراهيتهم ، اضافة إلى استثمار دول وأنظمة ،تدّعي السعودية محاربتها، لهذه السياسات العرجاء.

إرساءة أخيرة: كل مالٍ لا يُساعد صاحبه على معرفة نفسه ومحيطه والمساهمة في فعل الخير ونجدة الملهوف و نشر المحبة بين الناس والمجتمعات، إنما هو عدو لمالكه ، مثله مثل العِلمْ الذي لا يفيد صاحبه ، ويكون عبارة عن دخان بغير نور ونار..

*كاتب يمني
* رأي اليوم

حول الموقع

سام برس