بقلم / محمد العزيزي
يرى كثير من الساسة ورؤساء المراكز البحثية و الإعلامية أن الضغوط الأمريكية السياسية و الإعلامية التي ازدادت حدتها مؤخرا كانت من أجل دفع السعودية إلى تغيير سياستها التي مازالت تعمل بها منذ تأسيس المملكة ؛ حيث ترغب أمريكا ما بعد أوباما في محاولة تحسين السلوك السعودي الحالي و المنحرف و المتهور في معاداة و فرض الهيمنة على دول المنطقة .

هذا الضغط الأمريكي لم تكن حصيلة الوضع الراهن و الصراع الدائر في المنطقة ولكن هذه السياسة الجديدة التي ينوي الأمريكان العمل بها بدأت منذ ثلاث سنوات و تحديدا منذ مطلع العام 2014م عندما بدأ نائب الرئيس الأمريكي بايدن بانتقادات حادة و لاذع للسعودية و التنبؤ بانهيار دولة المملكة في حال استمرت في سياستها المبنية على المال ؛ و هذا الخطاب الحاد جاء بعد تأكد أجهزة المخابرات الأمريكية بفشل ثورة الربيع العربي التي اندلعت في 2011م .

وزادت وتيرة هذا التحول السياسي الأمريكي مع السعودية نتيجة الأخطاء المرتكبة سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا من قبل هذا النظام البائد و تورط و مشاركة الدولة العظمى أمريكا في هذه الأخطاء الفادحة و المميتة و التي أيضا أفقدت أمريكا ذلك البريق و الاحترام و الهيبة التي كانت تحظى بها الولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم و دول المنطقة خاصة .

و لعل هذه الأخطاء التي استطاعت المملكة بدبلوماسيتها المالية توريط حليفتها و تلطيخ سمعتها ؛ قد بدأت عندما خاضت أمريكا الحرب الخليجية الأولى و الثانية ضد نظام صدام و توالت الأخطاء تباعا حيث تمكنت السعودية بخداع الأمريكان في عملية الحرب على الإرهاب و انتشاره و اتساعه في مناطق كثيرة من دول العالم و المنطقة العربية على وجه التحديد .

التوتر الإعلامي و السياسي في الداخل الأمريكي اشتد ضراوة عندما طالب مؤخرا عديد من الساسة و مراكز الأبحاث رفع الغطاء و التعتيم عن تحقيقات أحداث 11 سبتمبر 2001م و نشر نتائج التحقيقات التي تؤكد تسريباتها أن السعودية و رموز النظام و بعض من أمراء الأسرة المالكة ضالعون و متورطون في التمويل و التخطيط للحادث الإرهابي في 11 سبتمبر ؛ ليس هذا و حسب بل تمكن دبلوماسية الأموال السعودية من إسكات أجهزتها من النشر عن ذلك التورط الخطير إلى جانب جرجرت الولايات المتحدة الأمريكية في حروب عدة أفقدتها سمعتها و علاقاتها مع دول العالم و كذا تنامي الإرهاب الممول خليجيا فكريا و ماديا ؛ و الذي أداء بالمجمل إلى حضور قوي للدب الروسي في المنطقة و أصبح صاحب صولة و جولة ؛ يملي الشروط و السياسة على دول المنطقة و العالم و هذا ليس بخافي على الجميع ؛ كل هذه المعطيات أدت إلى انزعاج القادة و السياسيين و الإعلام الأمريكي و دفع بهم نحو توجيه حملة شرسة إعلاميا و سياسيا ضد نظام آل سعود ؛ الذي يختلق المشاكل و الاضطرابات و الحرب في المنطقة بغية حماية ثروته النفطية من المنافسين وصولا إلى تحقيق هدفهم في قيادة العالم العربي و سلب القرار من دول المنطقة .

الحرب الاقتصادية و الإعلامية و السياسية الأمريكية و السعودية و التي ظهرت على السطح في الآونة الأخيرة و محاولة التهديد بسحب 750 مليار دولار من البرنامج الاستثماري للخزينة الأمريكية و الذي قوبل بذهاب الكونجرس الأمريكي بتبني قانون يسمح للمحاكم الأمريكية بمحاكمة النظام السعودي و رموزه تؤكد دون أدنى شك بان الخلاف بين الدولتين عميق جدا و بدا يتكشف يوما بعد آخر ؛ هذه الحرب المعلنة لا تعني أن السعودية قوية إلى هذه الدرجة و لكن لان هذا النظام استخدم في السابق دبلوماسية الأموال و حاليا يعاني من فقدان الحلفاء و تضييق الخناق عليه في تدهور أسعار النفط.

في المحصلة لكل ذلك و بحسب اعتقادي الشخصية أن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش في هذه الأثناء عملية تخلق جديد و حراك سياسي لصناعة جديدة للسياسة بدت تظهر مع الحملات الانتخابية التمهيدية للرئاسة الأمريكية على رأس أجندة هذا الحراك إعادة و بلورة توجه سياسي جديد قادر على جذب تحالفات مختلفة بالمنطقة لمواجهة الأخطار القادمة من روسيا و كوريا و إيران إلى جانب آفة الإرهاب و كذا أخطار الاقتصاد العالمي و اتساع و انتشار السلاح الفتاك و امتداده و امتلاك هذا السلاح لجماعات مسجلة ضمن قائمة الإرهاب .

هذا التخلق الجديد دفع بالساسة و الإعلام الأمريكي إلى أنتج عدد من التقارير الفاضحة و الناقدة للسعودية و إظهارها بتلك الصورة القبيحة و لأول مرة منذ عقود من التزاوج في العلاقات القوية ؛ و كان الهدف من وراء ذلك تحسين سلوك النظام السعودي ليستطيع الأمريكان الدفاع عن نفسه من تلك الأخطار المحدقة بمصلحته بالمنطقة و أيضا الدفاع عن النظام السعودي ؛ و نظرا لسوء العلاقات بين البلدين اتجهت السعودية إلى تجميع الدول العربية و الإسلامية في إطار التحالف الإسلامي في محاولة من النظام السعودي تقريب هذه البلدان حوله لدفاع عنه في حال خذلان الأمريكان لهم في ظل عدم الثقة بالدب الروسي ؛ بالإضافة إلى دخول آل سعود مؤخرا بجدية التفكير في ترتيب البيت الاقتصاد للبلاد في برنامج يعلن عنه مطلع يونيو القادم يعتمد على جملة من الإصلاحات الاقتصادية و لعل الضرائب و تنوع الصناعات الأخرى من ابرز هذه الإصلاحات كبديل لموارد المملكة التي كانت تعتمد على النفط كمورد رئيسي لموازنة الدولة و بعد تيقن النظام السعودي انه من المستحيلات عودة أسعار النفط إلى سابق العهد الماضي خصوصا و قد وصل سعره إلى أقل من 40 دولارا للبرميل الواحد .

هذه ماده ستنشر غدا في الثورة ارجع نزل الموضوع عندك و لو في وقت متأخر اليوم

حول الموقع

سام برس