عبدة الجندي
عبده الجندي
كان للدكتور محمد عبدالملك المتوكل رأي بعيد النظر حينما قيل له أن الزعيم علي عبدالله صالح يتماثل للشفاء من جراء محاولة الاغتيال الفاشلة والقاتلة التي حدثت له في مسجد دار الرئاسة ومعه كبار رجال الدولة وحشد من المدنيين والعسكريين منهم من قضى نحبه ومن ينتظر ومنهم من بقي على قيد الحياة، قال الدكتور المتوكل متمنياً على الزعيم بعد مغادرته للسلطة أن الله قد أراد له الحياة من موت محقق لأنه يريد له أن يبدأ تجربة سياسية جديدة لتحقيق حلم الدولة المدنية دولة المواطنة المتساوية، ودولة النظام وسيادة القانون لأنه يرى فيه من مقومات الكفاءة والقدرة ما لا يراه في غيره من السياسيين المؤيدين والمعارضين له على حدٍّ سواء.. بحكم ما تراكم لديه من التجربة والخبرة الطويلة وما مرّ به من ظروف صعبة وتحديات قاربت به من الموت وأكدت له أنه لا بديل لكل اليمنيين عن حلم الدولة المدنية الحديثة وذلك ما استدل به في تكذيبه لما نسب إليه من فبركات ملفقة ومبنية على الكذب وقلة الإيمان. قالها مدوية ببلاغته المعهودة وشجاعته المعتادة وقد عرف عنه أنه لا يخاف في قول ما يعتقد أنه الحق لومة لائم مهما كان ظلمه وجبروته ومهاما كانت قوته وسلطته لأن للتصلب قيوداً وللجبروت حدوداً تتحول فيها أمام الحقيقة إلى ضعف أوهن من بيت العنكبوت.

أعود فأقول أن هذا المعارض الجسور ما عرفناه إلاّ صاحب رأي يجاهر بما يعتقد أنه الحق ويدع الآخرين يقولون ويفعلون ما يشاءون من الأفعال وردود الأفعال القوية. ولو لم يكن كذلك في سيرته وعلاقاته السياسية لكان الزعيم صالح أقدر الناس على شرائه وكسبه من الناحية السياسية ومن الناحية الإعلامية ومن الناحية الإنسانية بحكم ما له عليه من مواقف مجردة من الأنانية. لا نبالغ إذا قلنا بأن قبولها وعدم قبولها يترتب عليه حياة أو موت الرجل. وكما قبل بالذين يمدون له يد الحياة بدون شروط رفض الذين يلوحون له بالموت كبديل لرفضه الشروط لأن الشروط مسألة مؤلمة وسالبة للحرية، والحق هو الأفضل من مصادرة حقه في الحرية والحق المشروط.

قد نتفق وقد نختلف مع المتوكل وقد نشيد بما لديه من وجهة نظر وقد ننتقده بشدة وقسوة لكننا لا نستطيع على الإطلاق أن نشككه بثقته بنفسه أو باعتزازه بما لديه من القناعات الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان لأنه يؤمن بأنها مفتوحة للجميع بلا قيود ولا حدود. وإذا كان الزعيم صالح قد واجه صعوبات في بناء الدولة اليمنية الحديثة من داخل الدوامة الضيقة للحكم فإن الدكتور عبدالملك المتوكل يعتقد أن بمقدوره أن يحقق حلم الدولة من داخل الساحة المفتوحة للمعارضة ولا يجد ما يحول بينه وبين الانتصار لهذا المشروع الذي رفعه الشباب من موقع المعارضة لحكمه وسرقه منهم الفاسدون والمفسدون الذين لعبوا دوراً لا يستهان به في الحيلولة دون اتخاذ القرارات المتحررة من مراكز القوة لأن المشروع الوطني الديمقراطي يبدأ بتحقيق حلم الدولة المدنية الحديثة التي تحتاج إلى قدر كبير من الإجماع الوطني تلتف حوله كل القوى السياسية والشبابية المطالبة بالتغيير والتطور وهذا يحتاج إلى قيادات سياسية وتاريخية تستبعد نفسها من الصنمية وتضع نفسها خارج نطاق السياق على الموقع الأول وعلى جميع المواقع القيادية المتقدمة مفسحة المجال أمام القيادات الدائمة القدرة على التجدد والتجديد تجمع بين حكمة الكهول وحيوية وفاعلية الشباب.

حول الموقع

سام برس