بقلم / عبدالكريم المدي
يرى الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين إن (إخوان) تركيا الأردكانية ، انقلبوا أمس على أنفسهم، واليوم على الدولة والشعب التركي، يبطشون بالبشر والحياة المدنية والقانون والمؤسسات، ويشددون من قبضتهم الفولاذية ودكتاتوريتهم ( الديمقراطية )، على كل شيء في البلاد.

إذا قلت إن الذي جرى هو بالفعل انقلابا ولم تكن السلطة مطلعة عليه ، أو مرتبة نفسها لإستثماره والدفع نحو تفجيره هنا وهناك ،سيرد عليك الشخص العادي ، غير المسيّس قائلا: تخيل فقط، أن يتم، وبهذه السرعة إلقاء القبض على (9000) ألف ضابط وجندي، وعزل (8000) ألف رجل أمن و(4000) ألف قاضي ، و(32) حاكم ولاية، وإبعاد(257) من منتسبي رئاسة الوزراء وعزل (492) من رئاسة هيئة الشؤن الدينية وتوقيف(118) جنرالا وحبس (85) منهم وتنفيذ عمليات إعتقالات هي الأوسع ربما في تاريخ البلاد الحديث

وكل هذا بالطبع يحدث في ظرف ثلاثة أو أربعة أيام تقريبا ، ويُذكّربالاتحاد السوفيتي الإستالينية والدكتاتورية التشيلية في عهد (أوغستو بينوشيه)..
إذن ،أليست هذه المعطيات والحقائق وحدها كفيلة بقطع الشك باليقين وإعطاء الناس دليلاً كافياً بتورط السلطة فيما جرى أوعلى الأقل المساعدة في تنفيذه لشيء ما في نفس يعقوب.

ما قاموا به وبتلك السرعة يقول لنا إن هناك بالفعل ،كشوفات كانت قد أعدت مسبقاً قبل ما يُسمى بـ الإنقلاب العسكري ربما بأشهر..

وتضمنت اسماء الأشخاص الذين تم القبض عليهم .

وبغض النظر عن الجدال والتباين حول ما يجري حاليا من ملاحقات وإنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والمواطنة والقانون ، نعتقد أن الإمور لن تستقر ولن يمرّ هذا الأمر بسلام مطلقاً، بل سيؤدي إلى ثورة حقيقية، سيفجّر الأرض ببراكين غضب بشري وإعتراضات لا يمكن معها أن تخبو أوتُكسر إرادات الناس وحالات الرفض ، وكلما زادت التجاوزات وفتحت سجون جديدة ستزداد ردات الفعل وعنفوان المقاومة ،ولا نستبعد أن يتغير المزاج والشارع التركي خلال الفترة القليلة القادمة، وسيتوحد الناس تلقائيا الرجالا والنساء، العسكر والمدنيين ،القضاة ورجال الأمن ،الطلبة والعمال ،الشباب والمسنين، العلمانيين والدينيين.

وحينها يستطيع العالم وفروع المخابرات الأميركية والغربية والصهيونيةالقول: إن هناك ثورة شعبية وإنقلابا عسكرياً ومدنياً حقيقيا ، مكتملا وممتلكا لكل أركان وعناصر النجاح ..
ولعل الممارسات القمعية والإنتهكات الفظيعة وسياسات الإلغاء للآخر وتبني مبدأ بوش الابن : (من ليس معنا فهو ضدنا) التي تحدث الساعة هناك ستُعجّل بالثورة ، او الانقلاب ، ما شئت سمّه.

وقد علمتنا التجارب وكتب التاريخ إن أي ممارسات تحدث من هذا القبيل تقود بالضرورة وكنتيجة طبيعة إلى ثورات شاملة ولا نستبعد أبدا أن يتم إجتثاث التيار الأردكاني، والمؤكد هو أن هذه الشرارة لن هناك بل ستمتد لتشمل كل حُرّاس الفضيلة ومراكز تصدير الفوضى والطائفية والإرهاب والكراهية في المنطقة الذين تخلوا عن قضايانا المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينة التي تم بيعها بأبخس ثمن ..

ثقوا بأن الله يمهل ولا يهمل ، وإذا كانت الأنظمة في تلك الدول المعروفة التي تنتج الصراعات وتصدرها هي المحرك والسبب الأول لما جرى ويجري من كوارث ومآسي في اليمن وسوريا والعراق وليبياولبنان وغيرها، وهي المتورطة - أيضا - بدعم الإرهاب وسفك الدماء وتمزيق النسيج الاجتماعي لشعوبنا، فإن الله شديد العقاب وقد اسمى نفسه بالعدل والحق، وستدفع تلك الدكتاتوريات ثمن ما قامت وتقوم به، ولن تذهب هدرا دماء الملايين من السوريين والليبين واليمنيين والعراقيين الذين قتلوا وجرحوا، ومعهم أكثر من (13) مليون هاجروا

نحو أوروبا وغيرها ،الآلاف منهم ابتلعتهم أمواج البحر الأبيض وتجار الرقيق والأعضاء البشرية.

عذرا أضيف:

تأكدوا إن الذين حولوا الصراعات السياسية ومطالب الشعوب المشروعة في الإصلاحات وتغير أوضاعها المعيشية ومناخ الحريات إلى الأفضل ،إلى صراعات طائفية وإثنية دمرت كيانات الدول وقتلت البشر، سنرى فيهم عدالة السماء قريبا ..
راهنوا على الله فحسب، وترقبوا إنقلابا وثورة حرية وإنسانية وعدالة،سواء في تركيا أو غيرها ،ستعكس نفسهاحتما على بقية الأنظمة الهالكة والمُهلِكة في المنطقة ..
وما ذلك على الله بعسير .

* رأي اليوم

حول الموقع

سام برس