بقلم / أحمد الديلمي
وأنا أتابع المأساة بل المآسي التي تشهدها قرى الصراري مديرية صبر الموادم، وما ترتب عليها من حرب إبادة ومجازر بشعة وحصار جائر وتطهير عرقي بشع، كل ذلك أعادني إلى الوراء قرن من الزمان لأتذكر حادثة مماثلة كانت تجري على الحجاج ، قال شيخ الإسلام علي بن عبدالله اليماني كان الحجاج اليمنيون يتعرضون للسلب والنهب من قبل قبائل نجد والحجاز لذات النهب باعتبار من يمارسون السلب والنهب قطاع طرق، لصوصاً، ما جعل الحجاج يحتاطون لأنفسهم بحمل السلاح والسير في قوافل جماعية لضمان السلامة والتصدي لفرق القرصنة والسلب والنهب.

عندما جاء محمد بن عبدالوهاب وتحالف مع بن سعود أعطى مشروعية دينية لهذه الأعمال الإجرامية، فلقد استقطب البدو من شذاذ الأفاق واللصوص والقراصنة وغرس في أذهانهم أنهم وحدهم المسلمون السائرون على نهج الإسلام الصحيح، وأن الآخرين كفار، وبالتالي فإن ما يقومون به من تقطع وسحل ونهب للحجاج القادمين إلى الأراضي المقدسة جهاد في سبيل الله؛ لأنهم يقاتلون كفاراً ارتدوا عن الدين، دماؤهم وأعراضهم مباحة وأموالهم غنيمة لأنصار الدين الحقيقيين.

وهنا ندرك أن ما يجري في الصراري صورة مكررة لنفس المعتقدات الممعنة في الفجور وهي ذاتها المرجعيات التي استقت منها جماعات التطرف والإرهاب أفكار التطرف والضلال التي جعلت أي فرد ينتمي إلى القاعدة أو داعش أو النصرة يتلذذ بقتل الآخر المسلم أو تعذيبه أو سحله، لا يفرق بين الطفل والمرأة، بين الشاب والشيخ المسن، الكل في قرارة نفسه سواء، فالطفل في نظر هذه الفرق الإجرامية وإن لم يكن قد بلغ سن التكليف ولا يجب إيذاءه لأنه لا مسؤولية

عليه بإجماع عامة فقهاء المسلمين، إلا أن بقاءه في نظر هذه الفرق الضالة خطر على العقيدة والأمة كونه نشأ في بيئة كافرة مغرقة في الجاهلية والضلال بحسب ما جاء في تعاليم أبو بكر البغدادي زعيم داعش لأتباعه.
مما اسلفت تتضح طبيعة العلاقة بين ما يسمى بالمقاومة والجماعات الإرهابية، فما تقوم به من أعمال إبادة وجرائم لا إنسانية لا تختلف مطلقاً عن أعمال داعش والقاعدة وكل الجماعات الإرهابية التي تدعي الارتباط بالإسلام، وهنا تبرز أهم دلالات الارتباط بالأصل ممثلة في المرجعية التي أرسى دعائمها محمد بن عبدالوهاب من ذلك الارتباط المشبوه المؤيد بنماذج التعاطي في الواقع نتبين مدى الخطورة والكارثة الكبيرة التي ستحل بالوطن وأبنائه إذا انتصرت هذه الجماعات لا سمح الله بهذا الغطاء الفكري الممعن في الضلال، سيكون كل يمني هدفاً مشروعاً مباح الدم والعرض والمال وهذا هو ما يكشف سبب حرص المعتدين على إلباس ما يجري الثوب الطائفي بأفقه المذهبي، بهدف الإيغال في التطهير العرقي والاضطهاد الطائفي.

ومع أننا نراهن على بطولات واستبسال الميامين من كتائب الجيش واللجان الشعبية، إلا أن المشهد مخيف يتطلب من كل اليمنيين اليقظة والحذر ورص الصفوف لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد الجميع ولن يستثني أحداً إذا حقق هؤلاء مقاصدهم وهو عشم إبليس في الجنة إن شاء الله؛ لأن ما يجري في الصراري سينتقل إلى كل قرية في اليمن وفي المقدمة المناطق الجنوبية والشرقية والوسطى والتهامية.

من يعتبرون أنفسهم في منى عن هذه الأعمال باعتبارهم من أهل السنة وهؤلاء في الحقيقة لا يفرقون بين سني أو شيعي ولا بين مسلم أو غير مسلم، فكل البشر في نظرهم أهداف مشروعة، فقط إذا تمكنوا من رقابهم، وعليه فإن الأمر يتطلب من اليمنيين جميعاً التعامل بجدية ومسؤولية مع هذه الجماعات قبل أن تتسع ويستفحل خطرها، وفي الأخير نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج هم إخواننا في قرى الصراري ويرفع عنهم الغمة؛ لأنه هو وحده المنقذ والمنجي، فلا المجتمع الدولي ولا منظمة الأمم المتحدة يمكن الرهان عليهم في ظل تداخل الأوراق واختلاف المصالح، بالذات بين الدول الكبرى والدول التي تمتلك خامات البقاء في الحياة مثل النفط، اللهم اعطهم قحطاً ولا تعطهم نفطاً فلقد بغوا وتجبروا وتكبروا وأنت الأكبر والأعلى سبحانك لا إله إلا أنت، لا نلوذ إلا بك، ولا نستعين بسواك، والله الموفق والمعين..
*نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس