بقلم / علي البخيتي
لا حديث داخل اليمن خلال الـ 48 ساعة الماضية الا الحديث عن قرية الصراري في محافظة تعز، وكل طرف من أطراف الصراع يوظف القضية لصالحه، فالحوثيون يتهمون خصومهم من الفصائل التي تقاتلهم أنهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي وطائفي، فيما خصومهم ينفون ذلك مدعين أنهم استولوا على القرية بعد تحولها الى بؤرة مسلحة للحوثيين يديرون منها عمليات عسكرية ويشنون منها هجمات مختلفة.

لن أخوض في الكثير من التفاصيل الخاصة؛ فلا معلومات محددة لدي عن تاريخ الصراع في المنطقة؛ القديم والحديث؛ وكيف انفجر مؤخراً ومن السبب، لكن تقييمي لما يحدث في تعز بشكل عام ومنذ اليوم الأول لانفجار الأوضاع فيها هو أننا أمام حرب أهلية بين أبناء المحافظة مدعومين من أطراف خارجها، محلية وإقليمية، وذلك ليس تقييمي لوحدي، بل تقييم المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية ومراكز البحوث العالمية ومعهد الأزمات الدولية.

سأنقل للقارئ الكريم تفاصيل مختصرة لما حدث بعد انكسار الحوثيين في القرية ودخول فصائل "المقاومة" اليها، (والتي تضم مجموعات مسلحة متعددة، تتبع بعضها القاعد وداعش وترفع اعلامهما علناً داخل مدينة تعز، وقامت بجرائم مروعة قبل أشهر، نفذت خلالها عمليات اعدام لأسرى ومثلت بجثثهم وسلختها علناً وفي وضح النهار، إضافة الى تنفيذها عملية تطهير عرقية عبر اعدام مدنيين من آل الرميمة، وعمليات سرقة منازل وممتلكات عامة وخاصة لا تزال مستمرة حتى اللحظة وأبرزها نهب عيادة الدكتور ياسين القباطي أحد أهم الداعمين سلمياً للمقاومة).
***
ما حدث بعد انكسار الحوثيين في القرية ومحيطها ويمكنني نقله وأنا مطمئن الى صحته بعد مشاهدتي لبعض مقاطع الفيديو ومتابعة الأخبار والتواصل مع بعض الشخصيات المطلعة هو:
- دخول مجاميع مسلحة تتبع فصائل "المقاومة" الى قرية الصراري يوم أمس.

- قيام "المقاومة" بإحراق بعض المنازل، واحراق مسجد، وأسر واختطاف مجموعة من ابناء القرية، وتنفيذ عمليات ترهيب وتخويف وتحريض على أساس طائفي وعرقي وفكري، وعمليات ترويع للمدنيين، ونبش أحد القبور واحراق رفاته (لم أتأكد من هذه المعلومة تحديداً بشكل قاطع حتى اللحظة)؛ اضافة الى عمليات مداهمة ونهب لمنازل وممتلكات.
- لا وجود –حتى لحظة كتابة المقال صباح الأربعاء ٢٧ يوليو ٢٠١٦م- لعمليات اعدام لأسرى أو سحل جثث أو التمثيل بها.

- لا وجود –حتى اللحظة- لما يُطلِق عليه البعض جرائم تطهير عرقي أو طائفي، فلم يُعدم أحد من ابناء القرية ولم يُهجر أحد منها على أساس طائفي أو عرقي.

- هناك فرق هائل -حتى اللحظة على الأقل- بين ما حدث لآل الرميمة في مشرعة وحدنان بتعز قبل أشهر على يد "المقاومة"، وبين ما يحدث الآن لآل الجُنيد وغيرهم في قرية الصراري ومحيطها، والربط والمقارنة بين الواقعتين فيه مبالغة كبيرة.

- هناك تطور ملحوظ في سلوك وتعامل فصائل "المقاومة" مع أبناء الصراري من المنتسبين للحوثيين أو المحسوبين عليهم عما كانت عليه الحالة قبل أشهر حيث كانت المقاومة تنفذ عمليات اعدام ميدانية وسحل وسلخ للجثث وتُمثل بها علناً.

- هناك رغبة من بعض فصائل "المقاومة" في تغيير الصورة النمطية عنها التي تُلحقها بداعش والقاعدة بسبب ممارسات وجرائم سابقة، والمؤتمر الصحفي الذي تم عقده من قبل "المقاومة" يأتي في هذا السياق، وان كان بعض المتحدثين في المؤتمر تعمدوا الكذب وانكار بعض الوقائع ونسبوها الى الحوثيين كإحراق منازل ومسجد، وكان الأجدر بهم الاعتراف بها واعتبارها خطأ والتأكيد على عدم تكراره.

- هناك تعمد من الحوثيين والمحسوبين عليهم في المبالغة ونشر الاشاعات والأكاذيب عن مجازر واعدامات وجرائم تطهير عرقي وطائفي وغيرها في قرية الصراري ومحيطها، بهدف تبرير حربهم أمام العالم وامام المجتمع المحلي على اعتبارهم يواجهون جماعات إرهابية فقط، ولا وجود لمقاومة لهم غير تلك المجموعات الإرهابية، وقد أفشل تعقل –وان كان محدود- فصائل "المقاومة" ذلك الهدف الحوثي حتى اللحظة على الأقل.
- تلك الجرائم (احراق المنازل والمسجد ونبش القبور ونهب بعض الممتلكات وترويع المدنيين) تعد في حد ذاتها جرائم حرب ولا أقلل منها؛ فهي جرائم خطرة وجسيمة وتستقى أفكارها من داعش والقاعدة ولا علاقة لها بأي قانون أو شرعية، لكن لا يمكن تسميتها جرائم قتل وتطهير وسحل على أسس عرقية كما يُروج الحوثيون والمحسوبين عليهم.
***
كما تجدر الإشارة الى أن الحوثيون كذلك يمارسون جرائم حرب عند سيطرتهم على مناطق خصومهم، حيث يعمدون الى نهب المنازل ثم تفجيرها بالديناميت ويوثقون تلك الجرائم وينشرونها بأنفسهم، إضافة الى اعتقال الخصوم وتعذيبهم والتنكيل بهم واستباحة ممتلكاتهم ونهبها، اضافة الى ما عُرف عنهم من عمليات تعذيب لمعارضيهم السياسيين والصحفيين وكل صاحب رأي مختلف معهم، وتوفي البعض منهم تحت التعذيب كالشيخ صالح البشري، كما عذبوا كُتاب وصحفيين كمحمود ياسين، كما أن لهم سابقة في اعدام الأسرى كعملية إعدام اللواء حميد القشيبي التي تأكدت مؤخراً وبشكل قاطع، وضرب واطلاق الرصاص على صحفيين وكتاب كما حدث لنبيل سبيع ونائف حسان (حيث أن هناك دلائل قوية على أن الحوثيين وراء تلك الجرائم بعد امتناعهم عن اعتقال متهمين تم التعرف عليهم بأسمائهم وعناوينهم)، إضافة الى إخفاء المئات ان لم يكن الآلاف من معارضيهم لفترات مختلفة؛ كمحمد قحطان وغيره، وسجن الآلاف لأشهر وسنوات دون توجيه أي تهم كأمين الشفق الذي أختُطف بسبب مشاركته في مسيرة المياه، وغيرها الكثير من الجرائم التي سبق وكتبت عنها بالتفصيل، ستجدونها في أسطر مقالاتي المنشورة في صفحتي على الفيس بوك ومدونتي والكثير من المواقع والصحف.
* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس