بقلم / علي البخيتي
عشرة أشهر تفصل بين لقائي الأول بالمبعوث الأممي السيد إسماعيل ولد الشيخ في العاصمة الأردنية عمان وبين لقائي به الليلة في العاصمة السعودية الرياض، وما وجدته أن المبعوث الأممي بدى أكثر ثقة بنفسه وبشكل لافت فيما يتعلق بالملف اليمني، حاسماً في النقاط التي يطرحها، مدرك لأدق التفاصيل والمعادلات التي تتحكم في الملف اليمني، محلياً واقليمياً ودولياً، لديه رؤية واضحة للحل -بعكس المرة السابقة عندما كان لا يزال يدرس المشكلة والحلول الممكنة- أراها موضوعية ومنصفة، وتعالج الحد الأدنى من مخاوف كل الأطراف وتلبي كذلك الحد الأدنى من مطالبها، وقد تجسدت في الخارطة التي أعلن عنها مؤخراً، والتي اعتبرها سفينة نجاة اليمن أرضاً وانساناً.
***
قلت لولد الشيخ لا تتأثر بالهجوم الذي تتعرض له، أنت تقوم بمهمة عظيمة وتاريخية بالنسبة لليمن ولليمنيين، وطالما مختلف الأطراف تهاجمك وتنتقد خارطة الطريق التي تقدمت بها –وهذا ما لاحظته من متابعتي لمواقف أطراف الصراع والحرب في اليمن- فاعلم أنك على حق، وعليك أن تعرف أن الغالبية الساحقة من اليمنيين الصامتين والمسحوقين والمتأثرين مباشرة من الحرب والأزمة معك، وهم أكثر من 80% من الشعب، ومن ينعق مهاجماً لك أو مشككاً في دورك أو ملمحاً بتبعيتك لهذا الطرف أو ذاك لا يمثلون الا رأي الأقلية الانتهازية من النخبة السياسية الفاسدة التي أوصلت اليمن الى المأزق الحالي، أما المواطن العادي فإنه ينظر بإعجاب الى الدور الذي تقوم به، ويتوق للسلام، بغض النظر عن الأشخاص ومصالح الأحزاب والجماعات، ونسب المحاصصة التي تركز عليها أطراف الصراع، والتي تعيق التسوية، غير مدركين لأحوال ذلك المواطن، فالمواطن بات يبحث عن لقمة العيش والصحة والعيش بكرامة فقط، ولا يهتم للشعارات الرنانة والرطانة الفارغة المكرورة التي تبيعها مختلف الأطراف.
***
اعلم يا ولد الشيخ أنهم لن يرضوا عنك، وسيسعون لإفشال مهمتك، لأن الأزمة فرصة تاريخية بالنسبة لهم للإثراء غير المشروع، وللاستثمار ومراكمة الثورة واستغلال الجاه والسلطة، ولا تخاف من حملة مطابخهم ومواقعهم الإعلامية وقنواتهم الفضائية، والتي تخلق حولك حالة من اليأس والإحباط بسبب تعاطيها السلبي مع دورك، وسعيها الدائم للتشكيك فيه، وإظهار أن هناك سخط عليك ورفض لمبادراتك، وعليك ادراك أن غالبية المواطنين باتوا لا يثقون في تلك المنابر الإعلامية، التي كذبت عليهم آلاف المرات، وباعت لهم الوهم والشعارات الثورجية الفارغة لسنين، ولو تيسر لهم إيصال صوتهم اليك لقالوا لك جميعاً: امضي يا إسماعيل في #صناعة_السلام_في_اليمن ولا تنظر الى اللصوص الذين سرقونا وقتلونا، وفوق هذا وذاك يستثمرون معاناتنا ويسعون لتطويل الأزمة والصراع.

اعلم يا إسماعيل أن الناس الغير مولعين بالحرب والدماء والدمار يؤملون على تسوية على يديك، تُخرجهم مما هم فيه من فقر ومرض وحرب ودمار، فقد بلغت القلوب الحناجر، ووصل الجوع والعوز الى الطبقة المتوسطة، واعلم أن من يعرقلون مسيرتك للتسوية لم يتضرروا بعد منها، بل أنهم مستفيدون من بقاء الأوضاع.
***
اعلم يا إسماعيل أن البسطاء من الناس يُدركون الضغوط اتي تمارس عليك، اقليمياً ودولياً، وصراع المصالح وحرب الأقطاب والمحاور، ويعرفون الصعوبات التي تواجهها، كونك تتعامل مع نخبة سياسية يمنية في غالبها من الأوغاد واللصوص والمرتزقة وادعياء الوطنية، ووالله لو طالهم المواطنون العاديون لضربوهم بالأحذية، من شدة سخطهم عليهم، والأوضاع المزرية التي أوصلوهم اليها، فلا تلتفت الا لضميرك، ولا تنحاز الا للحق، واخلص نيتك لله، واعلم أن نجاح مشروعك سيجنب اليمن منزلقاً خطيراً لا يعلم الا الله منتهاه، فنحن في الشهور الأخيرة قبل الانفجار الكبير والفوضى الشاملة والدولة الفاشلة، اذا لم تتحقق التسوية.

(تفاصيل أخرى ورسائل بعث بها ولد الشيخ عبري للمواطن العادي سأتحدث عنها في مقال آخر)
#من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس