بقلم / طه العامري
تواصلا مع ما سبق أن تناولته تحت هذا العنوان أعود وأقول..أن( معاوية بن أبي سفيان) أتخذ من دم الخليفة عثمان بن عفان سلما يصله إلى السلطة والحكم والتسلط والاستبداد ليكرس بعدها أسوأ إطار لتقاليد( حاكمية) ما أنزل الله بها من سلطان فكان( معاوية)هو أول من أسس نظام الأستبداد في الحاكمية الإسلامية وهو من صادر مبدأ الشورى بالوراثة وصادر الحرية بالسيطرة على الثروة المالية، ففي عهده تحولت بيت مال المسلمين إلى ملكية خاصة يفتحها لمن يريد ويغلقها أمام من يرغب..!!

بيد أن الطريقة التي وصل إليها( معاوية ) للسلطة والحكم هي ذات الطريقة التي أعتمدها السيد عبد الملك الحوثي وجماعته للوصول للسلطة بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام من أعتماد( معاوية ) لطريقته التي أفقدت الحاكمية الإسلامية دورها الافتراضي وعدالتها الواجب نشرها إعمالا لتعاليم الدين وتعاليم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.. !!

لقد رابط أنصار الله في شوارع وميادين العاصمة في حشود جماهيرية لم تكن في غالبيتها تنتمي لتيار أنصار الله بل تنتمي للغالبية الشعبية المطحونة والمقهورة والباحثة عن بصيص أمل في الحرية والعدالة والكرامة والسكينة الاجتماعية ، نعم من أحتشد ورابط في شارع المطار لم يكونوا جلهم ينتمون لانصار الله بل لعامة الشعب وفيهم من ينتمون لاحزاب عدة لكن جمعتهم الأهداف الثلاثة التي رفعها أخواننا أنصار الله وهي( إسقاط الجرعة.. إسقاط الحكومة.. تنفيذ مخرجات الحوار الوطني) هذه الشعارات الثلاثة كانت تحظى بقبول وتعاطف كل جماهير الشعب اليمني من صعده للمهرة ومن سقطرى لكمران ولم تكن فقط مطالب اخواننا أنصار الله الذين اتخذوها جسرا يقلهم للسلطة تماما كما اتخذ( معاوية)من دم الخليفة( عثمان)جسرا حمله للسلطة والسيطرة والتمكين..!!

إذ أن( معاوية)لم يكن له أن يحشد الناس حوله لو لم يكن هدفه المعلن هو الاقتصاص من قتلة الخليفة( عثمان ) وحين أستجاب الناس لدعوته واصطفوا حوله لم يكونوا يدركون أن هذه الدعوة كانت لها أهداف سياسية أبعد من حكاية الاقتصاص والثأر لدم الخليفة المغدور به..!!

لكن( معاوية) بدهائه لم يكن قادر على جمع الناس وحشدهم حوله لو لم يطلق دعوة الثأر لدم الخليفة ، ولو كان الناس يعرفون مقصده الحقيقي وأهدافه المستورة لما تجاوبوا معه ولاناصروا دعوته..!!

الأمر ذاته ينطبق على أخواننا أنصار الله الذين ما كان لهم أن يصلوا إلى أهدافهم لو لم يرفعوا الشعارات أو المطالب الثلاثة التي استعطفوا بها الناس وحشدوهم خلفهم رغبة في الأنتصار لهذه المطالب التي بها وصل أخواننا انصار الله إلى سدة السلطة والحكم وهي مقاصدهم الحقيقية وها هم يمارسون السلطة بذات الطريقة التي مارس بها من سبقهم إليها ممن ثاروا ضدهم وحرضوا عليهم الشعب وربما إدارة إخواننا أنصار الله للدولة ومؤسساتها يفوق سوءا وعبثا من إداراة سابقة ثار الشعب ضدها واعتصم ورابط في الشوارع وقدم الكثير من التضحيات في سبيل إسقاطها...!!

أتذكر ذات يوم حين كان إخواننا انصار الله يرابطون في ساحة عمران ويطالبون بإسقاط السلطة المحلية مع كوكبة كبيرة من أبناء محافظة عمران..أتذكر يؤمها إننا التقيت بعدد من قادة أنصار الله وتناولنا معا وجبه الغداء والمقيل ودار حديث طويل معهم ل تداعيات المرحلة وكان ضمن ما قلته لهم وبصراحة وانطلاقة من قناعة المحب الناصح والمخلص أن عليهم( أن يسقطوا عمران عبر ثورة شعبية سلمية ودون استخدام السلاح ، وأن نجاح الثورة سلميا في عمران سيكون فاتحة خير وبدايية مرحلة وطنية جديدة سيخيم خيرها على خارطة الوطن اليمني ، وحذرتهم يومها من استخدام العنف في عمران ، وقلت لهم أن خصمكم سيعملل على جركم للمواجهة العسكرية فأن تجاوبتم مع مخططهم خسرتم مشروعكم ونصحتهم يومها أن حدث هذا أن يعودوا إلى صعده..!!
وحذرتهم ايظا من خشيتنا أن تصلوا إلى صنعاء وقد صرتم كغيركم الذين ثرتم ضدهم وتضامن معكم كل الشعب في هذه الثورة ، وبالتالي سنجد أنفسنا نثور ضدكم ايظا..!!

وللأسف كل ما حذرنا منه حدث وبأبشع صوره ، ولازلت أقول هذا القول ليس بدافع النقد والتشهير بل بدافع الحرص على هذه الجماعة التي ضاقت الظلم والتهميش واتمنى أن لا تتحول إلى جماعة( مستبدة) تثأر من كل الشعب أو تحمل مشروعا انتقاميا تحت أي مسمى أو هدف دينيا كان أو مذهبيا طائفيا أو مناطقيا ، بل نريد نرى ونلتمس مشروعا وطنيا جامعا تعبر عنه هذه الجماعة بعيدا عن ثقافة استجرار الماضي بأحداثه وثقافته وتراثه الدامي الذي لايمكن أن نبني وطن أو نصنع كرامة أو نحقق حرية عبر ثقافة اجترار تداعيات الماضي ومآسيه التي لانختلف عليها ولانرغب أن نعيش على ذكراها وتداعياتها المؤلمة بل نريد تجاوز كل تداعيات الماضي عبر رؤية وطنية جامعة ومشروع حضاري مستنير يحررنا من كل موروثات الماضي وتراثه الغير مشرف والغير قادر على تحقيق تطلعاتنا الحضارية بيمن حر ومستقل وكريم وسيد نفسه فوق أرضه وتحت شمس ربه..!!

والمؤسف إن اخواننا انصار الله يمارسون اليوم نفس السلوكيات التي مارسسها اسلافهم مع الفارق المثير إن اخواننا يعطون لسلوكياتهم بعدا دينيا وهو ما لم نتمناه لهم بل نتمنى منهم الاقتدأ بأخواننا في( حزب الله اللبناني)الذي قدم تجربة نموذجية في التعايش الاجتماعي ومع طوائف ومذاهب متعددة ومتناقضة داخل المجتمع اللبناني وهو ما لم يوجد في بلادنا اليمن حيث هناء شعب لايريد أكثر من احترام مشاعره وتحقيق قدرا من العدالة والكرامة والحرية ليعيش صابرا وليس هناك شعب فوق الارض وتحت الشمس يمكنه ان يكون بصبر شعبنا وبكرمه وتضحياته..وبالتالي يستحق هذا الشعب الإيثار من قبل حكامه والاحترام.وتقدير صبره وتضحياته.. !!
يتبع...

حول الموقع

سام برس