سام برس/ خاص
كشف تقرير رسمي عن وجود عملية منظمة للمتاجرة بالشهادات الوهمية في عدد من الجامعات الأهلية اليمنية وأكد توسع وانتشار هذه الظاهرة خلال الأربع السنوات الماضية لتشمل 11 جامعة خاصة تمارس نشاطها في الداخل والخارج.

وأوضح تقرير رفعته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى المجلس الأعلى للتعليم العالي أن 11 جامعة أهلية تمارس العملية التعليمية في أكثر من 84 مكتبا في الداخل و 42 دولة في الخارج تحت مسمى مكاتب التنسيق وبرامج التعليم المفتوح دون الحصول على تراخيص قانونية وبالمخالفة للشروط والمعايير المطلوبة لممارسة هذا النوع من التعليم.

وبين التقرير أن نشاط تلك الجامعات الأهلية يمارس تحت  مسمى برامج التعليم المفتوح والتعليم عن بعد دون توفر ادنى المتطلبات وتتواجد تلك المكاتب من الموصل وحلب الى الصين وماليزيا والقرن الافريقي , ويتركز نشاطها على مستوى الدول العربية في المملكة العربية السعودية وخصوصاً مدن ( الرياض – جده – الدمام – أبها )، بالإضافة إلى قطر والبحرين والكويت والإمارات ، وتوسع نشاط بعض الجامعات خارجيا مستغلة الفوضى والحروب التي تشهدها بعض الدول لفتح مكاتب  لها ومنها على سبيل المثال لا الحصر : الصومال  ومدينة الموصل ومدينة حلب وغازي عنتاب والحدود السورية التركية وليبيا والعراق، بما فيها  بعض المناطق التي تسيطر عليها جماعات إرهابية وتنظيمات  مسلحة مرتبطة بداعش والقاعدة.

 وعلى مستوى الداخل تمارس هذا النوع تحت غطاء ما يسمى بمكاتب التنسيق والمراكز التعليمية ومراكز خدمة المجتمع  وتتواجد تلك المكاتب والمراكز في مختلف مديريات الجمهورية من سقطره والشحر والغيضة الى  جعار والرضمة والنادرة باب والنشمة والتربة شرعب بتعز  وذي ناعم والسواديه ورداع بالبيضاء وانتهاء بالمحابشة وكشر وحرض وعبس بحجة  و  باجل وبيت الفقية وزبيد وغيرها، حيث بلغ عدد المكاتب في الداخل أكثر من 123 مكتباً منتشراً في 21 محافظة وأكثر من 120 مديرية في مختلف أنحاء الجمهورية، فيما بلغ عدد المكاتب في الخارج أكثر من 62 مكتباً وفرعاً موزعة على 42 دولة.

وتكشف الاحصاءات الأولية لبيانات الطلاب الملتحقين في هذا النوع من التعليم عن وجود أكثر من 46 الف طالب وطالبة ملتحقون بهذه البرامج، ولا تزال عدد من الجامعات تتهرب من تسليم كافة بيانات الطلاب الملتحقين بتلك البرامج  والوزارة مستمرة في متابعتها واتخاذ الاجراءات القانونية بشأنها .

ويكشف التقرير الحكومي الرسمي ان نشأة هذا النوع من التعليم بدأت في 3 جامعات خاصة في بلادنا قبل أكثر من 10 سنوات بممارسة هذا النوع من التعليم بالمخالفة للقانون ودون توفر البنى التحتية والمادية والبشرية المناسبة لتقديم هذا النوع من التعليم، بل أن بعض الجامعات مارست التحايل على قرارات المجلس الأعلى للتعليم العالي بإيقاف التعليم بنظام الانتساب في الجامعات الأهلية والحكومية في اجتماعه الأول لسنة 2009م، وتحولت إلى نظام التعليم عن بُعد وبنفس طريقة الانتساب دون توفر متطلبات هذا النوع من التعليم.

ويشير التقرير إلى أن تهافت الجامعات على التعليم عن بُعد يهدف الى تحقيق أرباح طائلة عبر فتح مكاتب لمتعهدين وبما يشبه نظام المقاولة , وقد كانت البداية للتوسع في هذه المكاتب خارجيا بفتح مكاتب  في السعودية وعدد من دول الخليج بذريعة توفير فرص التعليم الجامعي لأبناء المغتربين اليمنين في تلك الدول ، وتوسع إنشاء هذه المكاتب والبرامج بإفتتاح مكاتب وفروع شملت اكثر من 42 دولة، وعلى سبيل الاستدلال لم تكتفي الجامعات التي مارست هذا النوع من التعليم بتقديم خدماتها لليمنين فقط بل تكشف بيانات الملتحقين بتلك البرامج قبول طلاب من مختلف الجنسيات بما فيهم من الهند وباكستان وبنجلادش  واندونيسيا وجنوب افريقيا ناهيك عن الصومال وفلسطين والأردن ومن مختلف الجاليات العربية والاجنبية المقيمة في دول الخليج خصوصاً.

ونظراً لممارسة هذا النوع من التعليم في تلك الدول خلافاً للقانون وبصورة  غير مشروعه وسرية دون موافقتها أو الحصول على تراخيص منها، فقد تفاقمت هذه المشكلة لتصبح قضية رأي عام في بعض الدول وتحولت بعضها إلى قضايا جنائية وجرائم احتيال ونصب منظورة أمام الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة، وقد تسبب وجود وانتشار تلك المكاتب واستمرار نشاطها في الإساءة لسمعة ومكانة التعليم العالي في اليمن، وقامت معظم الدول العربية بإلغاء اعترافها بالجامعات اليمنية الأهلية.

ويتناول التقرير بالتفصيل تاريخ نشأة مكاتب التنسيق وبرامج التعليم عن بُعد ويكشف كيف استغلت  بعض الجامعات الظروف وغياب الرقابة والإشراف وحققت مكاسب مالية كبيرة  على حساب الأمانة العلمية والرسالة السامية للجامعة مما يجعلها ترقى لتكون قضايا جنائية كونها تتجاوز حدود التكسب غير المشروع الى الاحتيال وتعمد الاضرار بالغير، من خلال منح شهادات بدون رصيد علمي , ومن الملاحظ وجود تشابه كبير بين جرائم وعمليات غش وتزوير وغسيل الشهادات مع جرائم وغسيل وتبيض الأموال ، حيث يمارس هؤلاء المحتالون نفس النشاط لأنهم يحاولون تبيض ما حصلوا عليه بشكل غير قانوني إلى شكل قانوني .

ونوه التقرير الى انه على الرغم من الايقاف النهائي للتعليم بنظام الانتساب بموجب قرار المجلس الأعلى للتعليم العالي إلا أن عدد من الجامعات ما تزال مستمرة في القبول للطلاب والسماح لهم بالامتحانات بهذا النظام ووفقاً لتصنيف العديد من المنظمات الدولية العاملة في مجال التعليم، فإن هذا النوع من التعليم يُمثل جانب آخر للشهادات الوهمية وشبه الوهمية. فكيف يُمكن لجامعات عجزت عن تحقيق المتطلبات القانونية وتغطية الاحتياجات اللازمة للطلبة المنتظمين أن تفي باحتياجات المنتسبين او الملتحقين بنظام تعليم افتراضي .

وفيما يتعلق بنشاط ما تسمى بمكاتب التنسيق في الداخل يؤكد التقرير أن ما يحصل على ارض الواقع مخالف  لذلك جملة وتفصيلا ، حيث تم فتح تلك المكاتب دون الحصول على تراخيص من الوزارة فضلاً عن إقدام بعض الجامعات على استغلالها لممارسة العملية التعليمية وتسجيل الطلاب فيها، وتقديم بعض المحاضرات وإجراء الامتحانات فيها، مما جعلها تمارس مهام فروع، وذلك يُعد مخالفة صريحة للقانون واللوائح النافذة، حيث بلغ عدد مكاتب التنسيق التي أمكن الوقوف عليها 123 مكتباً منتشرة في عدد من المديريات والمحافظات ويتجاوز عدد الملتحقين بها أكثر من 22 ألف طالباً وطالبة.

وينبه التقرير إلى أن نتائج المراجعة الأولية لعقود عمل تلك المكاتب ولبيانات الطلاب الملتحقين حجم المخالفات الكبيرة في نظام القبول ونوع الثانوية العامة وعمرها وموائمتها مع التخصصات وغيرها من المخالفات التي تجعل من تلك المكاتب وما يمارس فيها أسواء وأخطر أنواع الفساد وذلك لأنها تمثل جسراً سهل العبور للحصول على الشهادات، وتمثل إهانة مباشرة للتعليم الجاد وتهديد لمستقبل الطلاب الذين يبذلون قصارى جهدهم في التعليم الحقيقي ويُضحون بأوقاتهم وأموالهم من أجل نيل المعرفة، كما ان إغراق السوق بعدد كبير من حاملي تلك الشهادات يمثل خطراً على خريجي الجامعات الحكومية وانتكاسة لقيمة العمل والجد والاجتهاد.

وتضمنت توصيات التقرير إغلاق كافة مكاتب التنسيق وبرامج التعليم عن بُعد والتعليم المفتوح في الداخل والخارج، ومعالجة أوضاع الطلاب الملتحقين وضمان حصولهم على المعارف والمهارات اللازمة في التخصصات والبرامج الملتحقين بها قبل العام 2015/2016م المستوفيين لشروط القبول والتسجيل والاشراف عليهم مباشرة لحين تخرجهم وكمعالجة استثنائية نتيجة غياب الدور الرقابي والاشرافي للوزارة خلال السنوات الماضية  وبما لا يخالف القوانين واللوائح النافذة .

كما شدد التقرير على ضرورة مراجعة ملفات ووثائق الطلاب الملتحقين بتلك البرامج وإلزام الجامعات بفرزهم وفصلهم عن التعليم النظامي وإصدار وثائق تخرجهم محدداً فيها نظام الدراسة ( تعليم عن بُعد أو تعليم مفتوح ) وإرسال أسماء وبيانات الخريجين من هذه البرامج إلى وزارة الخدمة المدنية والجهات ذات العلاقة كون الاستهانة بالنظم التعليمية وعدم الالتزام في منح الشهادات لكل نوع من أنواع التعليم وعدم كتابة نوع نظام التعليم في شهادة التخرج والمساواة بينهما تمثل جريمة أكاديمية وأخلاقية وقانونية.

واكد التقرير على ضرورة تفعيل تطبيق نصوص المواد (54، 56، 57 ) من قانون التعليم العالي على المؤسسات التي أقدمت على ممارسة النشاط في تلك المكاتب والبرامج خلافاً للقانون وبحسب نوع وحجم المخالفة المرتكبة وأثارها على المدى القريب أو البعيد وعلى مستوى كل  جامعة.

حول الموقع

سام برس