بقلم / فادى عيد
نظمت اسطنبول يوم الاحد 26 فبراير الجاري مؤتمر تحت عنوان "فلسطيني الشتات" بمشاركة اكثر من خمسة الاف فلسطيني من مختلف دول العالم، دون الرجوع من بعيد أو قريب لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما أن هناك نية لتكرار تلك التجربة وتنظيم مؤتمرات جديدة فى أكثر من دولة، وربما تكون دولة تشيلي هى المحطة القادمة.

فمن أذا المشرف الحقيقي على ذلك المؤتمر، وما هي اهدافه، وهل سيخدم القضية الفلسطينية، أم سياساعد على تعزيز الانقسام؟
بداية دعونا نستعرض بعض النقاط الهامة كي تكشف لنا أبعاد وزايا الملف الفلسطيني حاليا.

أولا: التطبيع العلني، وانا هنا اقول العلنى بين تل أبيب وأنقرة وصل لمرحلة الذروة، فلم يعد هناك لدينا كلام نقوله بعد رؤيتنا لوزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية ميري ريجيف والتى طالبت منذ اسبوعين بضم كل الأراضى الفلسطينية فى الضفة  الغربية من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط للسيادة الإسرائيلية، ان تتواجد بتركيا بصفة رسمية، او حتى كمشجعة رياضية وسط الجماهير التركية بملاعب تركيا، والجميع بتركيا يحتفي بها وهى ترفع علم اسرائيل بالمبارة التى جمعت بين فريق بلدها فريق عيروني نهاريا الإسرائيلي وفريق غازي عنتاب التركي الاربعاء الماضي.

ثانيا: الجميع يعلم حالة الانقسام بين منظمة التحرير وحركة حماس، وهذا أمر لا يحتاج شرح.

ثالثا: رؤية اسرائيل تجاه قطاع غزة بعد أن بات جناح الصقور فى سدة المشهد الحمساوي بقيادة يحي السنوار وروحي مشتهي وخليل الحية، باتت محصورة فى وضع الحرب.

رابعا: العلاقات بين أبو مازن والاطراف العربية الفاعلة كمصر والسعودية والاردن والامارات فى اسواء حالتها، حتى جاء تحرك أبو مازن نحو الدوحة وأنقرة مؤخرا، اما حركة حماس التى هى بطبيعة الحال على علاقة متينة مع تركيا وقطر، ومتذبذبة من حين لاخر مع الدول العربية، باتت تفتح صفحة جديدة مع القاهرة، بعد عودة انفتاح مصر على القطاع لظروف قد تكون اضطرارية للطرفين.

خامسا: الحراك والنشاط الاقليمي لكلا من تركيا وايران مؤخرا لتقديم اوراق اعتمادهم سواء أمام واشنكن أو موسكو، أدخل الملف الفلسطيني فى حالة زخم جديدة.

وهنا نعود مجددا لمؤتمر فلسطيني الشتات الذى أقيم فى اسطنبول، ونقول أن المؤتمر جاء بتمويل قطري، وأن من يتابع فعاليات المؤتمر لن يعرف أو يجد له أي هدف أو قيمة سوى ضرب وحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، فلماذا ذلك؟

الاجابة المباشرة أن نتنياهو الموجه الحقيقي لسياسات ترامب الخارجية عقد العزم على أنهاء الملف الايراني والقضية الفلسطينية والى الابد، فالقيادة الاسرائيلية تجد الفرصة سانحة لتحقيق ذلك وفى المقدمة قطع أذرع ايران وعلى رأسها حزب الله.
وهنا باتت مصر والاردن فى تحدي صعب مع ادارة ترامب، فالاردن اعطاه الخليج شيكا على بياض لتولى مهمة الملف الفلسطيني، ودعمه بشكل غير مباشر دون خوض الخليج اي صدام مع ترامب، حتى صارت الاردن تتحرك وحدها بجانب مصر المعنية بالقضية الفلسطينية منذ تأسيسها لمنظمة التحرير.

وبيوم تنظيم مؤتمر "فلسطيني الشتات" كان يفترض أن ينتظر رجب طيب اردوغان هدية عيد ميلاده (26فبراير)، ولكن بعد كل ما قدمه للولايات المتحدة واسرائيل منذ أن سمحو له أن يظهر على السطح بعام2002م ويعتلي سدة المشهد على حساب استاذه نجم الدين اربكان الذى حذر الشعب التركي منه بعام 2002 ملقبا اردوغان بـ"أمين صندوق الصهيونية" قبل أن يأتى عام 2004 ويقول أن اردوغان ابرز ادوات الصهيونية لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير، الان يأتى أردوغان وفى ذكرى رحيل أستاذه أربكان (27فبراير2011) ليقدم هدية أخرى لمن كانو يهود الشتات، ويطرح لنا سبل تنفيذ مشروع ودولة "فلسطيني الشتات" كشعب بلا دولة على غرار دولة فرسان مالطا (مع الاختلاف).
حقيقة الامر قد يرى البعض أن الملف الفلسطيني أهمل، ولم تعد الاضواء مسلطة عليه بحكم احداث الربيع العربي التى شغلت الجميع، ولكن الحقيقة ان القضية الفلسطينية هى من كانت  المحرك الاساسي بكل قضايا الاقليم بما فيها نيران الربيع العبري، وأن عدو الامس هو نفس عدو اليوم، وهو نفس عدو الغد، حتى وان تغير شكله أو لسانه بفترة من الفترات.

الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

حول الموقع

سام برس