بقلم / حماد صبح
لم تكن من مفاجأة في أن تسارع إسرائيل والسعودية وتركيا للترحيب بالعدوان الأميركي على قاعدة الشعيرات الجوية السورية .

إسرائيل ، ماذا يفرحها أكثر من أن ترى دمارا كليا لسوريا ، ولتحقيق هذه الغاية أسهمت طوال سنوات الحرب السورية الست في هذا الدمار سرا ، وعلنا بالهجوم جوا على الأراضي السورية .

وعبر نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه عن دعم إسرائيل الكامل للهجوم الأميركي ، وتمنى أن يكون رسالة إلى إيران وكوريا الشمالية . وتشير بعض المصادر الإسرائيلية إلى أن ما زاد فرحة الإسرائيليين بالهجوم على القاعدة الجوية السورية في حمص ، في الوسط السوري ، أنها هي القاعدة التي أطلقت منها الصواريخ على الطائرات الإسرائيلية في هجومها الأخير على الأراضي السورية ، وأن الهجوم الأميركي من شأنه أن يغير قواعد اللعبة في سوريا بما يضعف إيران وحزب الله ، وبديهي ، الدولة السورية ، وقد يمتد سياق الإضعاف إلى روسيا . وماذا نتوقع من السعودية إلا الفرحة بالهجوم الأميركي ، والتأييد الكامل له مثلما جاء في بيان وزارة الخارجية السعودية ؟

وما قيل عن إسرائيل والسعودية يقال مثله عن تركيا . رحب أردوغان بالعدوان ، ووصفه بأنه لا يكفي ، وهذا طبيعي منه ، طبيعي ممن لا تتستر دولته على أطماعها في البلاد العربية على لسانه هو نفسه ، وعلى لسان غيره من القادة الأتراك . وكشف عن هذه الأطماع في 2001 داود أوغلو رئيس الوزراء السابق في كتابه " العمق الاستراتيجي" ، فتحدث عن وجوب توسع تركيا جنوبا وشرقا ، أي في سوريا والعراق ، وتحديدا في حلب والموصل تمهيدا لتوسع تالٍ . وفي تركيا غرفة عمليات عسكرية لإدارة العدوان على سوريا ، وتوجيه الجماعات المسلحة ، وإدخالها إلى الأراضي السورية ، وهي شبيهة بغرفة العمليات العسكرية في الأردن ( الموك ) .

إسرائيل والسعودية وتركيا كلها وفق مستوياتها ونوعية نظمها وأحوالها جزء من السياسة الأميركية في المنطقة . ولولا تبعية السعودية لأميركا في كل شيء في هذه السياسة لما آلت إلى هذه الحال التي تعرت فيها كل أوراقها ، وانفضحت حقيقة انتمائها المطلق للمشروع الصهيوني في المنطقة ، واستبان أن نظامها من أخطر وألد أعداء العروبة والإسلام ، ولما شارفت على الإفلاس المالي المنذر بالهلاك لغرقها في عدوان خاسر على الشعب العربي اليمني ، ولإجبار أميركا لها على شراء السلاح بالمليارات من الدولارات . وأحدث وقائع هذا الإجبار الاتفاق مع وزير دفاعها محمد بن سلمان في زيارته الأخيرة إلى واشنطون على اقتطاع 200 مليار دولار من المحفظة السعودية في أميركا لشراء أسلحة وذخائر أكد أداء جيشها المهين في الحرب على اليمن أنه لا قدرة له على استيعابها .

 إسرائيل تفرح بالعدوان الأميركي على سوريا ، وهذا طبيعي يوافق هويتها ودورها الذي أوجدت له ، ويقال إن العدوان استهدف توكيد أن إسرائيل خط أحمر بعد تصدي سوريا بالصواريخ للعدوان الجوي الإسرائيلي الأخير ، ووصول صاروخ سوري إلى فلسطين المحتلة ، وانطلاق صفارات الإنذار في منطقة القدس ومستوطنات غور الأردن .

أما تركيا ، وأما السعودية ، فهما خاسرتان حتما من الفرح بالعدوان على بلد عربي مسلم ، والتأييد الكامل له . ولا نقول إن خسارتهما قادمة ؛ فهي قائمة الآن في حال كل منهما ، في السعودية مثلما وضحنا موجزين ، وفي تركيا التي فارقها الاستقرار منذ الانقلاب الفاشل على أردوغان ، والذي تأكد دور أميركا فيه ، وأما القادم على الدولتين فهو أخطر وأفتك .

حول الموقع

سام برس