بقلم / عبدالملك العفاري
إن فلسفة التعليم في القرن الواحد والعشرين عصر النانو والاقمار الصناعية لا تقوم على التلقين للمعلومات وتخزين البيانات لتخريج أجيال منقادة وخاضعة لتقاليد عمياء وعميقة بل هي فلسفة مستمرة ومتجددة تسعى إلى مساعدة المتعلمين على إكتساب طرائق التفكير وتنمية مهارات حل المشكلات والتشجيع على الابتكار والابداع في الحاضر والمستقبل.

وواقعنا نحن العرب نفتقر إلى الخطط التربوية والتعليمية الشاملة المنبثقة من الاستقراء العميق للواقع وإدراك الامكانيات المتاحة والممكنة لدينا. ونحتاج إلى تفعيل دور المؤسسات الثقافية والمحلية والاقليمية والتشجيع على إنشاء مؤسسات تعليمية وبحثية تعني بتنمية الكوادر البشرية وتحريك المياة الفكرية الراكدة في المؤسسات المهتمة بالتثقيف لنشر ثقافة هذا العصر.

إن العقلية القبلية والطائفية والسلالية والمذهبية والعنصرية حجبت العقول العربية من تحقيق المزاوجة الايجابية بين مقاصد الدين وشؤون الحياة فتبعثرت جهود المخلصين وحرمت النخب الثقافية المعتدلة من فرصة بلورة مشاريعها الفكرية لإنتاج خطط شاملة أو مشروعات تربوية ميدانية.

كما إن صراع النخب الثقافية في أقطارنا العربية أرهقت العقل ولعبت دورا في مضاعفة التعثر والتبعثر في صفوف الصفوة والجماهير المتعطشة للتغيير نحو الأفضل. وإن تهميش المخالف هشم ومزق وحدتنا العربية وأضعف دراساتنا وأفشل المربون في وضع فلسفة تربوية وتعليمية مستقلة بهويتنا منفتحة بحركتها.

وإن استعادة عافية النهضة العربية لا يتحقق إلا بالحث على طلب العلوم الحديثة طلبا حثيثا وفي نفس اللحظة نحتاج إلى أن نفهم ذاتنا ونسبر غور كينونتها. وأن نحترم الآخر ونقبل به ونعرف حقوقه وأن نعمل معا وأن لا نتعصب ونتمترس خلف قبيلتنا ومذهبنا وطوائفنا وسلالتنا.

كل ذلك وغيره قلل من حجمنا وحط بنا في أدنى درجات الانحطاط بعد أن كنا الأوائل لعدة قرون في شتى ميادين ومجالات العلم والمعرفة. ومهما يكن الحال فالحاجة ماسة جدا إلى ترك كل أشكال التعصب والنزاع جانبا وتفعيل قوله تعالى : "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إن الله مع الصابرين". فنحن قادرين على العودة من جديد إلى القمة فقط إذا أدركنا أن سر قوتنا في تلاحمنا ونهضته في تحسين مستوى التعليم من خلال فلسفة تعليمية متجددة

حول الموقع

سام برس