بقلم / عبد الرحمن بجاش
في اللحظة التي تركت فيها تعز نهائيا , نهاية العام 69 , كنت اعرف انني تركت فيها ذكرياتي مذرذرة بين بيت الشحميه بحافة اسحاق , وبيت المخلافي بجانب مقبرة وادي المدام , كنت اذا اطللت على مدينتي فاذهب الى كل الاماكن لالتقيني , وعندما نلتقي , فنتحدث , نتبادل ذكرياتنا , عن المخلافية والبطاط , عن بن محمد راجح الذي كان يمارس الارهاب ضدي ليل نهار , ليتهم كانوا اعلنو مكافحة الارهاب تلك الايام لكنت تقدمت بشكوى ضد بن محمد راجح الشرير !!! .

استعيد مسرحيات بيت صدام حيث كان اولادهم من الخميس الى الخميس يقدمون عرضا بدائيا , فيفتحون ستارة باب الدكان بعد ان يسلم كلا منا بقشه !!! , فيما بعد قلت لفكري قاسم : بداية المسرح كانت هناك !!! .

القط ما استطيع من ذكرياتي المذرذره هناك في ازقة حافة اسحاق , ابحث عن بيت التُريت واللحوح العبسي فلا اجد لهم اثرا , لكن بيت حسان لا تزال شامخة بلونها الاصفر اعلى (( حدبه )) .

الى الشنيني اجزع انا وصاحبي احمد الدجنه : من اونا كنت تشتري ابُن , وكلما تقادم عمر زنبيل الشركه فنشتري من راس الشنيني بدله , هناك الرقاق وهو يشبه الملوج , واللحوح , والجبن , وهناك صاحب الكيك يسيل لعابنا من رائحته فقط , هناك الرواني حق الذماري , والعصملي حق دحان , وهناك احلى قهوة بن شربتها حق الشرعبي .

والى طريق بيتنا المستاجر من محمد حسن المخلافي بجانب بيت حسن علي العديني صاحب الدكان في السوق الطويل , تحته بيت سعيد مغرم , بجانبه بيت سعيد مرشد حيث البلكونة الارضيه نلعب فيها وقد عاد نجيب من بيروت ونحن نبه منبهرون !!! .
دكان علي حزام , وعبده مرشد نهاية الزغط , والاولاد يطلون برؤوسهم : وانا ضربتو ا , فيضرب ايا كان بجانبه , انا لطمتو فيلطم اقرب جالس اليه , العم عوض يتفاقد البوابير حق شرف ودرهم احمد نعمان , وترتفع بجانب الجيرش بيت الحاج عبد الله العديني , من ابنائه عبد الرقيب – الان في امريكا - , وصديقي الاعز عبد السلام شقيقه , والذي كان قريبا من نفسي , وهو من احسست وروحي تتجه نحو صنعاء انني لن اراه ابدا !!! .

سنوات , بين الفينة والاخرى وكلما توافرت فرصة للهبوط اليها , فاذهب الى الحاره فلا اجده , مره , بل مرات , دكانهم بعد سنين لم اجده , في الحاره وجدت جيلا من الصغار لا يعرفني ولا يتطلع الى بقايا الجدري في وجهي , فاعود الى جامع الغفران والاسئله تتكاثر في راسي : اين فلانا وعلان ؟؟ .

لم ايأس ظليت اسال عن صاحبي عبد السلام حتى صادف ان التقيت فؤاد فاضل وهو من اسرة فاضله , اخبرني ان العزي عبد الله عبد اللطيف العزي القدسي مريض فكتبت عنه ما اثلج صدريهما , فؤاد دكانهم جيران دكان الحاج عبد الله , سالته عن عبد السلام , فوعدني (( اذا التقيت به ساطلب منه رقمه )) , فوجده , فارسله , فاتصلت , لافاجا بعبد السلام بعد 48 عاما يقول : هذا الصوت ليس بغريب عني , قلت : صاحبك فلان , صمت , وسكت انا , كنت ادري لحظتها ان كلينا ارسل دموعه على خديه , عدنا فقط لنتواعد على اتصال جديد , فقد خنقنا الشجن .

بالامس اتصلت به , فرح كما فرحت , سالته عنا وعن الحاره وعن بن عبده قاسم وصادق وما تبقى منا وما بقي منها.
ما اجمل الاحاسيس التي تستولي عليك وانت تعود 48عاما الى الوراء .
لله الامر من قبل ومن بعد .
نقلاً من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس