بقلم / فادى عيد
بعد التصويت بـ "نعم" باستفتاء التعديلات الدستورية بتركيا، لم يبقى أمام الدولة الاتاتوركية أي فرص فى البقاء سوى بالانقلاب العسكري، ووضع الشارع أفضل نسبياً من محاولة منتصف تموز الماضي، بعد أن جاء التصويت بـ "نعم" بعد التزوير الفج والمثبت بفيديوهات، متفوقا بنسبة 1.4% على التصويت بـ "لا"، وهي نتيجة تؤكد أن جمهور حزب الحركة القومية برئاسة دولت بهتشلي (حليف اردوغان) منقسم على ذاته وغالبيته ترفض مواد كثيرة دس بها أردوغان السم، ونتيجة التصويت باسطنبول وحدها تقول الكثير.

أول خطوة سيقدم عليها الخليفة الجديد الذى يحاول أحياء امبراطورية الدم والتسلط على العرب، هى سرعة اعادة تشكيل القضاء، للتخلص من كل أتباع فتح الله غولن بمؤسسة القضاء فهى المؤسسة الوحيدة البعيدة عن يد اردوغان.

أردوغان أستغل الاحتدام مع أوروبا أفضل استغلال بعد أن روج لاتباعه بأنه فى حرب مع أوروبا الصليبية، وتناسي الاحمق العثماني أن أكثر طرف أوروبي يدعمه هى ايطاليا (بلد الفاتيكان) بحكم الاطماع التى توحدهم تجاه ليبيا، وكانت أخر تجليات الخليفة الجديد، عندما شبه أردوغان خلال مؤتمره الجماهيري الختامي للحملات الدعائية للتصويت على الاستفتاء بنعم، ما حدث له في قصر طرابيا بإسطنبول يوم الانقلاب، بما حدث للرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر رضي الله عنه في غار ثور، قائلا: إن هؤلاء الانقلابيين الخونة حلقوا في الأجواء بطائرات F-16، معتقدين أن رئيس الجمهورية في قصره بمنطقة طرابيا في إسطنبول، حيث ما كانوا يعلمون أن العناكب تنسج خيوطًا أمام باب هذا الغار فلا تسمح لهم برؤيتي، ولم يتمكنوا من رؤيتي فعلاً.

نحن الان امام الدولة الاردوغانية الاخوانية، دولة حزب والعدالة والتنمية، دولة الاسلام السياسي، الذى سيظل يدعمها بوتين نكاية فى أوروبا، والتى تيقظ أوروبا كل يوم على كابوس أسمه الاصولية السنية، ولكن من المؤكد أن عمر تلك الدولة لن يتخطى نظيرتها بدول شمال افريقيا، فلو بقى اردوغان بكرسيه حتى 2029م كما خطط، أو لمنتصف تلك المدة حتى، فلن نتواجد نحن العرب، وكما قلت سابقا لا يوجد مثلث اضلاعه اكثر من ثلاثة، والمنطقة لم تعد تتحمل كل هولاء الاعبون.

 وأختتم كلامي بمقدمة أحد الكتاب الاتراك المقريبن من حزب العدالة والتنمية فى أخر مقالة له قبل الاستفتاء، والتى أكد فيها على ضرورة أن يصبح اردوغان الرجل الاوحد وليس الاول فقط فى تركيا، قبل أن تدخل منطقة الشرق الاوسط فى عواصف جديدة، تحمل عنوان الانتقام الكبير، وانا أوكد لكم أن القادم حقا أنتقام كبير.

جدير بالذكر تقضي هذه التعديلات بمنح سلطات تنفيذية معززة للرئيس رجب طيب إردوغان الذي سيتمكن من تعيين وإقالة الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين، كما سيلغى منصب رئيس الوزراء الذي يتولاه حاليا بن علي يلديريم ليعين رئيس الدولة نائبا أو أكثر له عوضا عنه، كما ستسمح التعديلات للرئيس بالتدخل مباشرة في عمل القضاء، حيث يختار الرئيس ايضا بشكل مباشر او غير مباسر ستة اعضاء في المجلس الاعلى للقضاة والمدعين الذي يتولى التعيينات والاقالات في السلك القضائي، فيما يعين البرلمان سبعة أعضاء، كذلك ينص على إلغاء المحاكم العسكرية التي سبق ان دانت ضباطا وحكمت على رئيس الوزراء السابق عدنان مينديريس بالاعدام إثر انقلاب 1960، ووفقا للاصلاح الدستوري، تقضي التعديلات بفرض حالة الطوارئ حصرا عند حصول انتفاضة ضد الوطن او أعمال عنف تهدد بانقسام الامة، كما سيرتفع عدد النواب من 550 الى 600، وسيتم خفض الحد الادنى لسنهم من 25 الى 18 سنة، وسيتم تنظيم انتخابات تشريعية مرة كل خمس سنوات بدلا من اربع، وبالتزامن مع الاستحقاق الرئاسي، وسيحتفظ البرلمان بسلطة اقرار وتعديل وإلغاء القوانين والتشريعات، وستكون لدى البرلمان صلاحيات الاشراف على أعمال الرئيس لكن الاخير سيحظى بسلطة اصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بسلطاته التنفيذية، ينص مشروع الاصلاح الدستوري على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بشكل متزامن في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وسينتخب الرئيس لولاية من خمس سنوات يمكن تجديدها مرة واحدة. ولن يكون مرغما على قطع علاقاته مع حزبهانتخب إردوغان رئيسا في آب/اغسطس 2014 بعد اكثر من عقد شغل فيه منصب رئيس الوزراء، وفي حال بدأ تطبيق المادة المتعلقة بالعدد الاقصى للولايات الرئاسية اعتبارا من 2019، فقد يبقى إردوغان في السلطة حتى العام 2029.

الباحث والمحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط
fady.world86@gmail.com

حول الموقع

سام برس