بقلم / عادل الشجاع
يعيش اليمنيون على أرض منقسمة محاصر بحرها وجوها وبرها. أضحى الشعب اليمني كمن يركب سفينة مخروقة كل راكب يحدث فيها خرقا ويزعم أنه يحميها من الغرق. لقد أنهكت الحرب الشعب اليمني وهددت مصادر رزقه بالانهيار وحولته إلى مجموعة من النازحين والمشردين، وفككت نسيجه الاجتماعي وهددت وحدة ترابه. لم يشهد التاريخ نزاعا سياسيا حسم بالدبابة والمدفع ، بل بنهاية كل صراع تجلس الأطراف إلى طاولة الحوار. كل أطراف الصراع تدرك أن النزاع لن يحسم بالدبابة، لكن هادي ليس في عجلة من أمره في وقف الحرب مادام يتمتع بالشرعية الورقية من قبل المجتمع الدولي.

كما أن اللجنة الثورية المتوارية خلف المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ ليست في عجلة من أمرها مادامت تجمع الأموال وتكسب الأنصار. هكذا تقلصت اليمن إلى إستقطاب حاد بين الشرعية واللجنة الثورية بعد ما كانت تتمتع بالتعددية السياسية والفكرية. هذه الأطراف جعلت اليمن ساحة للصراعات والتجاذبات.

وما يجري في عدن خير دليل على ذلك. ما أريد قوله أننا نخوض صراعا نيابة عن الآخرين وليس من أجل البلد. كل يوم نرى أحزان الأمهات الثكالى والأطفال القتلى ومئات الجرحى والمشردين والدمار الذي أعاد البلاد عقودا إلى الوراء. لكن ذلك لم ينتشلنا من وهم السلطة التي نتصارع عليها باسم الآخرين.

 كل يوم وأطفالنا يسمعون أزيز الطائرات وانفجار الصواريخ واستغاثات الجرحى وغبار الركام الذي خلفته همجية الحرب. ماذا فعلت الشرعية المتحالفة مع العدوان؟ وماذا فعل المنقلبون؟ لم يفعلوا شيئا سوى تقطيع أوصال الوطن بحيث أصبح إسعاف المرضى أكثر عسرا واستعصاء. ضخينا أطنانا من الكراهية حتى أصبح كل طرف يتلذذ بقتلى الطرف الآخر. وإعلامه يحصي عدد القتلى من أهله في الطرف الآخر.

اليمن دولة منكوبة وخاصة أن العدوان السعودي والإماراتي مستمر للسنة الثالثة على التوالي. متى سيستيقظ ضمير المتحاربين من اليمنيين ليستشعروا الخطر الداهم الذي حل ببلدهم شعبا وأرضا ودولة. آن لنا أن ننحوا نحو السلام. الارتهان للخارج سيجعلنا نقتتل إلى مالا نهاية. وفي الأخير لن نكسب أنفسنا ولن نكسب الوطن. علينا أن نتعلم الدرس من الأشقاء في العراق وسوريا وليبيا الذين يعانون من التدخل الخارجي والصراع الداخلي. في صنعاء يتلذذون لكل خلاف يحدث في عدن. وكأنهم سلموا بأن عدن لم تعد منهم. وفي عدن ينتقمون من كل واحد ينتمي إلى صنعاء. وكأن صنعاء هي العدو الرئيسي لهم. الجنوبيون يحرضون على الإصلاحيين.

والإصلاحيين يحرضون على المؤتمر والحوثيين. والحوثيون يحرضون على الإصلاحيين علنا وعلى المؤتمر سرا. هكذا أصبحت الساحة مفتوحة للكراهية معززة بالحقد. مع أن اليمن تستوعب الجميع تحت مظلة السلام. بالأمس حرضنا على الوحدة كجغرافيا ولما مزقنا الجغرافيا بدأنا نحرض على وحدة الإنسان. مثلما تقاتلتم حاولوا تنهضوا بالسلام. من يعز اليمن ويهمه أمنه واستقراره وازدهاره لابد أن يسعى إلى السلام ويكف الأذى عن أهله وشعبه.

* من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس