بقلم/ د.محمد عبدالله الحورش
*- ها أنا أودعكم بعد أن ودعتمونا ورحلتم إلى الأبد..كنتم تودعونني في المطار وهذه المرة جئت أنا إلى داركم الأبدية لاودعكم..*

- ثلاثة عشر عاماً وأنا في صولة وجولة من والى بلاد الغربة في ثلاث مراحل تعليمية بكالوريوس وماجستير ودكتوراه وأنتم تودعوني وتستقبلوني بنفسكم.. وهذه المرة كان السفر..حزيناً..يتيماً..وموحشاً وأنا وحيداً لم أجد من يبكي لحظات الوداع ويستعجلني للحاق بموعد الرحلة..ويسألني عن أشيائي وحاجاتي  كما كل مرة..ولم أجد من يرتب أوراقي وجواز سفري وتذكرة الطيران ومحفظة المال..ويحرص على أن ينبهني..ويرشدني..وينصحني..
ويوجهني..

*- أبي ..كنتم تتمتموا علي بالدعاء عند ذهابي وعند عودتي..كم أشعر بفداحة خسارتي..في سفري الاول بعد رحيلكم..كل شيء لا طعم له..وحتى موبايلي لم يرن بعد ساعات السفر وعند وصولي الأردن..ووجدت فقط الرقم المحفوظ ب(أبي) لم يظهر على الشاشة ليطمئن على وصولي.. كم أفتقد ذلك الصوت..وتلك الكلمات التي تزيدني إصراراً وقوة وصلابة في بلاد الغربة..واليوم بلا حديث..بلا اتصال..بلا مكالمة..انه الفقد الحقيقي الذي لم أتخيله يوماً ما..!!*

- تركتموني ورحلتم وتركتم لي حملاً ثقيلاً أسأل من الله ان يقدرني على الوفاء بحمله ورعايته..تركتم لي أربع أناث هن عندي كما الدنيا وما فيها..

*- يا الله كم هذه الدنيا مؤلمة..رحل من كان يسأل ويتاحف ويطمئن علي..واليوم اصبحت أنا وأمي وأخواتي وزوجتي وأبني في الغربة أيضًا..انه القدر الذي لا مفر منه وقضاء الله الذي لا هروب عنه..هذه هي الدنيا وحالها..ربي رحماك بي في سفري وحين عودتي..عندما لا أجد أبي يستقبلني..يطفي شوقه وشوقي في أحضانه..*

- أبتي..نسيت أن أخبركم حتى تطمئنوا في مرقدكم : هناك قحطان الحورش و معاذ الخميسي و محمد لطف احمد سبأ هم الظهر والسند..بعد الله..وبعد أمي وشقيقاتي وزوجتي..فلا تقلقوا..ونوموا قريري العين..رحمكم الله رحمة واسعة واسكنهم فسيح جناته وجعلكم في عليين مع الشهداء والصديقين والنبيين وحسن أولئك رفيقا..والحقنا بكم صالحين...


الأردن..الجمعة 19-5-2017م

حول الموقع

سام برس